هل ينزلق التصعيد بين واشنطن وميليشيات إيران إلى حرب

بعض الديمقراطيين يرون أن هناك احتمالا في أن تتورط الولايات المتحدة في حرب مباشرة مع إيران دون مشاركة الكونغرس وهو أمر أصبح مشحونا سياسيا بدرجة أكبر بعد عقدين من الحروب التي لا تنتهي.
التصعيد المتبادل بين القوات الأميركية وميليشيات إيران اختبار قوة
بايدن يدافع عن ضرب ميليشيات إيرانية في سوريا
استخدام ميليشيات إيران للطائرات المسيرة يزداد خطورة

واشنطن - لم تكن الضربات التي أمر بها الرئيس الأميركي جو بايدن على فصائل مسلحة مدعومة من إيران في سوريا والعراق الأولى من نوعها ولن تكون على الأرجح الأخيرة في ظل رئاسته حديثة العهد.

لكن السؤال المهم بالنسبة لبعض الديمقراطيين من حزب بايدن هو هل يرقى نمط الهجمات والهجمات المضادة هذا إلى مستوى صراع غير معلن؟

ويقول هؤلاء إنه إذا كان الأمر كذلك، فهناك احتمال أن تتورط الولايات المتحدة في حرب مباشرة مع إيران دون مشاركة الكونغرس وهو أمر أصبح مشحونا سياسيا بدرجة أكبر بعد عقدين من "الحروب التي لا تنتهي".

وقال السناتور كريس ميرفي وهو ديمقراطي يرأس لجنة فرعية مهمة للعلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ "من الصعب المجادلة بأن هذه ليست حربا، نظرا لتواتر الهجمات على القوات الأميركية ومع تصاعد وتيرة ردودنا الآن".

وأضاف "ما يقلقنا دوما هو انزلاق الولايات المتحدة إلى حرب دون أن يكون الشعب الأميركي فعليا قادرا على إبداء الرأي".

واقترب البلدان من الصراع الذي يخشاه الديمقراطيون في 2020 عندما قتلت الولايات المتحدة قائدا عسكريا إيرانيا كبيرا وردت إيران بضربات صاروخية في العراق ألحقت إصابات بالدماغ بأكثر من مئة جندي أميركي. وجاء ذلك في أعقاب سلسلة من الهجمات المتبادلة مع فصائل مسلحة مدعومة من إيران.

وفي أحدث جولة، استهدفت طائرات مقاتلة أميركية يوم الأحد منشآت عمليات ومستودعات أسلحة في موقعين في سوريا وواحد في العراق، فيما وصفته وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بأنه رد مباشر على هجمات بطائرات مسيرة شنتها فصائل مسلحة على قوات ومنشآت أميركية في العراق.

وأمس الاثنين استُهدفت قوات أميركية بنيران صواريخ في سوريا، فيما بدا أنه رد انتقامي، لكن لم يصب أحد. ورد الجيش الأميركي باستهداف مواقع إطلاق الصواريخ بنيران المدفعية.

أعضاء بالكونغرس يعملون في الوقت الراهن على إلغاء بعض سلطات التفويض بالحرب التي استغلها رؤساء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في تبرير هجمات سابقة على العراق وسوريا

وقالت إيما أشفورد الزميلة المقيمة بمجلس الأطلسي على تويتر "يعتقد كثيرون أن تعبير الحرب التي لا تنتهي مجرد تعبير انفعالي، لكنه في الحقيقة وصف مناسب لنوع الضربات التي شهدناها مجددا (يوم الأحد)، حيث لا يوجد هدف استراتيجي ولا نقطة نهاية واضحة، مجرد وجود دائم وضربات متبادلة".

وأكد البيت الأبيض أن ضربات يوم الأحد كانت تهدف للحد من التصعيد وردع عمليات الفصائل المسلحة ضد القوات الأميركية في المستقبل. وقال بايدن كذلك إنها قانونية.

وتابع مشيرا إلى بند من الدستور الأميركي يوضح بالتفصيل سلطات الرئيس كقائد عام للقوات المسلحة "لدي السلطة بموجب المادة الثانية وحتى أولئك القابعون في أبراجهم العالية الذين يترددون في الاعتراف بذلك قد أقروا به".

وقال برايان فينوكين المسؤول السابق بمكتب المستشار القانوني بوزارة الخارجية إن الإدارة الحالية، مثل الإدارات السابقة، لا ترى تلك الحلقات باعتبارها صراعا مستمرا. ووصف ذلك بأنه نهج شريحة "السلامي".

وقال فينوكين الذي يعمل حاليا لدى مجموعة الأزمات الدولية "إنهم يصفون ذلك بأنه أعمال قتالية متقطعة".

وقارن فينوكين ذلك بحرب الناقلات مع إيران في ثمانينات القرن الماضي عندما كانت إدارة الرئيس رونالد ريغان في ذلك الوقت تعتبر "كل جولة من القتال حدثا منفردا".

لكن خبراء يقولون إن وجهة النظر هذه لا تأخذ في الاعتبار أن الفصائل المسلحة المدعومة من إيران تشن حملة متواصلة ومتصاعدة على الوجود العسكري الأميركي في العراق.

وحذر مايكل نايتس من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، من أن استخدام الفصائل للطائرات المسيرة يزداد خطورة على ما يبدو، مع استخدام التوجيه بنظام تحديد المواقع العالمي (جي.بي.إس) والاستهداف الدقيق لأصول الاستخبارات والاستطلاع والدفاعات الصاروخية لقوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

وقال نايتس "تتزايد هجمات الفصائل العراقية على نقاط وجود التحالف في العراق كمّا ونوعا. ما لم تتم استعادة الردع، ستزداد احتمالات سقوط قتلى أميركيين".

وقال فيليب سميث من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى كذلك إن الهدف الثانوي للفصائل، بعد هدف إخراج الولايات المتحدة من المنطقة، هو أن تظهر لواشنطن وللحكومة العراقية وغيرهما مدى إجادتها لاستخدام الأسلحة الأكثر تطورا مثل الطائرات المسيرة الملغومة.

ويعمل أعضاء بالكونغرس في الوقت الراهن على إلغاء بعض سلطات التفويض بالحرب التي استغلها رؤساء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في تبرير هجمات سابقة على العراق وسوريا وغيرهما، لكن ذلك لن يمنع بالضرورة بايدن أو أي رئيس آخر من شن ضربات جوية دفاعية.

وقال السناتور ميرفي بعد أن تلقى إفادة بشأن الأحداث من فريق بايدن للأمن القومي إنه ما زال يشعر بالقلق، فالقوات الأميركية موجودة في العراق لقتال تنظيم الدولة الإسلامية وليس لقتال الفصائل المدعومة من إيران.

وأضاف ميرفي أنه إذا كان بايدن قلقا من الذهاب إلى الكونغرس للحصول على سلطات شن حرب، فربما ينبغي له عندئذ تهدئة شكوك الأميركيين بشأن التدخلات في الشرق الأوسط.

وتابع "إذا واجه الكونغرس صعوبة في إجازة عمل عسكري ضد الفصائل المدعومة من إيران، سيرجع ذلك بدرجة كبيرة إلى أن من نمثلهم لا يريدونه. وهذه هي الحلقة المفقودة في هذا النقاش".