الرئيس التونسي لمنتقدي قراراته: لن أتحول إلى دكتاتور
تونس - نفى الرئيس التونسي قيس سعيد اليوم الجمعة صحة أن يتحول إلى دكتاتور على اثر القرارات التي اتخذها مؤخرا وجمع فيها كل السلطات في يده بعد أن جمد عمل البرلمان لمدة 30 يوما قابلة للتمديد ورفع الحصانة عن كل أعضاء مجلس النواب وإعفاء رئيس الحكومة من منصبه وإعلانه تولي رئاسة النيابة العمومية (الادعاء العام) وفق الفصل 80 من دستور العام 2014.
وتأتي تصريحات الرئيس التونسي بعدما ذكرت زوجة النائب المستقل ياسين العياري وحركته أيضا أن قوة أمنية يعتقد أنها تابعة للرئاسة اعتقلته اليوم الجمعة، بينما فتحت النيابة العمومية التي يرأسها قيس سعيد تحقيقا مع أربعة أعضاء في حركة النهضة بعد مشاركتهم في اشتباكات خارج مبنى البرلمان أثناء احتجاج مناهض للرئيس وقد أخلي سبيلهم لاحقا.
وقال القضاء العسكري إن العياري مدان بحكم قضائي صدر قبل ثلاث سنوات بتهمة المس بكرامة الجيش، فيما أفادت وكالة الدولة العامة للقضاء العسكري في بيان بأنه تم إيداع النائب ياسين العياري بالسجن المدني بتونس صباح اليوم الجمعة، تنفيذا لحكم قضائي.
ورفع سعيد يوم الأحد الماضي الحصانة عن أعضاء البرلمان مما يتركهم عرضة للاعتقال ومواجهة أي اتهامات قائمة ضدهم.
وكانت حركة النهضة وحلفاؤها قد وصفوا قرارات سعيد بأنها انقلاب على الشرعية والدستور وحثوا التونسيين على النزول للشارع لكن دعوتهم لم تلق تجاوبا يذكر.
وشكلت قرارات الرئيس التونسي في توقيتها ضربة قاصمة لحركة النهضة الإسلامية التي تهيمن على الحكم منذ نحو 10 سنوات شهدت خلالها تونس أسوأ أزمة اقتصادية وصحية واستشراء غير مسبوق للفساد في مؤسسات الدولة.
وقال سعيد "أعلم جيدا النصوص الدستورية واحترمها ودرستها وليس بعد هذه المدة كلها سأتحول إلي دكتاتور كما قال البعض".
وكان قد قال أمس الخميس إنه يتعهد بدعم حريات وحقوق التونسيين ودعته الولايات المتحدة لإعادة البلاد إلى "المسار الديمقراطي". وقالت جماعات المجتمع المدني الرئيسية إنه يتعين عليه التمسك بالدستور.
وصدرت عدة أحكام بحق العياري النائب المستقل والمدون السابق رئيس حركة "أمل وعمل" في السنوات الأخيرة بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تنتقد خصوصا الجيش.
وأعلنت حركته التي أطلقها في العام 2019، في بيان مقتضب أن عناصر من الأمن الرئاسي أوقفوه من دون استظهار إذن قضائي.
وفي منشور على فيسبوك، قالت زوجته إنه تم إيقافه عنوة. وللعياري قضية في المحكمة العسكرية منذ 2018 بتهمة المس بكرامة الجيش.
وكتب ياسين العياري المعروف بمواقفه الحادة على فيسبوك "إنه انقلاب عسكري" ورأى في إجراءات الرئيس "انقلابا وإطاحة بالدستور والعقد الاجتماعي باستعمال الجيش".
والعياري (30 عاما)، مدون سابق نشط خلال الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي من السلطة عام 2011 وانتخب نائبا في 2017 ومن ثم في 2019.
وحُكم عليه في العام 2018 بالسجن ثلاثة أشهر بسبب منشور على فيسبوك ينتقد الجيش. كما حكم عليه بالسجن 16 يوما في 27 مارس/اذار 2018 لمنشور على مدونة أخرى.
وفي العام 2015، أمضى العياري وهو ابن عقيد قتل عام 2011 خلال الاشتباكات الأولى ضد الجماعات الإرهابية في البلاد، أكثر من أربعة أشهر في السجن بعدما أدانته محكمة عسكرية بتهمة ازدراء القيادة العليا للجيش على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي تطور آخر قالت وكالة الأنباء التونسية إن القضاء التونسي فتح اليوم الجمعة تحقيقا مع أربعة من أعضاء حزب النهضة الإسلامي الذي اتهم الرئيس قيس سعيد بتنفيذ انقلاب، بعد مشاركتهم في اشتباكات خارج مبنى البرلمان أثناء احتجاج مناهض للرئيس.
وتتهم الأحزاب الرئيسية في تونس سعيد بتنفيذ انقلاب وناشدت الولايات المتحدة احترام الدستور ودعته للعودة بالبلاد إلى المسار الديمقراطي.
ونظمت حركة النهضة الإسلامية أكبر حزب في البرلمان، اعتصاما خارج المبنى في وقت مبكر من يوم الاثنين بعد القرار الرئاسي بتجميد عمله ورفع الحصانة عن كل أعضائه ووضعته تحت حراسة الجيش. وحدثت مواجهة بين مئات من أنصار النهضة وسعيد وتبادل الجانبان الرشق بالحجارة والزجاجات.
ومن بين من يخضعون للتحقيق بتهمة محاولة القيام بأعمال عنف أمام البرلمان عضو في مجلس مهم بالحزب وحارس شخصي سابق لزعيم الحزب راشد الغنوشي، الذي يشغل أيضا منصب رئيس البرلمان، وعضو شرفي في فريق العمل الخاص به. ولم يعلن بعد عن فتح تحقيقات مع أنصار سعيد الذين كانوا أيضا حاضرين.
ويبدو أن تحركات الرئيس التونسي تحظى بدعم شعبي واسع، حيث تفاقم سوء الحكم والفساد والشلل السياسي والركود الاقتصادي المستمر منذ سنوات بسبب الارتفاع الشديد في حالات الإصابة بكوفيد-19 هذا العام.
وقال القضاء الذي أعلن استقلاله عن مجريات السياسة، هذا الأسبوع إنه فتح تحقيقات في السابق مع ثلاثة أحزاب سياسية عارضت سعيد وبدأ الآن تحقيقات مع العديد من النواب.
كما يجري حاليا تحقيقات في تلقي أحزاب بينها النهضة وقلب تونس (الحليفين المتضادين فكريا وايديولوجيا) تمويلات خارجية. ويشكل كلاهما ثقل من حيث عدد المقاعد.
وكان النائب منجي الرحوي قد عبر أمس الخميس عن سعادته كونه نائبا مجمّدا، مشيرا في تصريح لإذاعة شمس اف ام المحلية الخاصة إلى وجود قائمات مهددة بالسقوط باعتبارها تحصلت على تمويلات أجنبية خلال حملتها الانتخابية تشمل (91 نائبا) وهو ما سيُفضي مباشرة إلى حل البرلمان من وجهة النظر السياسية.
وكان محسن الدالي الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، قد أكد الخميس أن قاض بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي، فتح بحثا للتحقيق في تلقي أحزاب سياسية ، تمويلات أجنبية خلال انتخابات 2019.
وتابع في تصريح لـ'شمس اف ام' أن التحقيق سيشمل حركة النهضة (53 مقعدا برلمانيا) وحزب قلب تونس (28 مقعدا برلمانيا) وجمعية 'عيش تونسي' التي ترأسُها ألفة التراس وفازت في انتخابات 2019، وأصبحت نائبة.