مقاومة وادي بانشير ضد طالبان مغامرة غير مؤكدة النتائج

أحمد مسعود وأمرالله صالح يغازلان المجتمع الدولي بإعلان حركة مقامة ضد طالبان من وادي بانشير في خطوة لا يتوقع خبراء أن يكون لها تأثير عسكري لافت في الأوضاع الراهنة.

باريس - من شأن المقاومة المسلحة ضد حركة طالبان التي تنظم صفوفها في وادي بانشير حول شخصيتين أفغانيتين بارزتين هما نائب الرئيس السابق أمرالله صالح وأحمد مسعود نجل أحمد شاه مسعود، أحد رموز المقاومة الأفغانية ضد السوفييت وطالبان، أن تثير ضجة بالتأكيد، غير أن نتيجتها تبدو غير مؤكدة.

وحض أحمد مسعود في مقالات نشرت في الأيام الأخيرة على المقاومة في وادي بانشير، مطالبا بدعم دولي ولاسيما أسلحة وذخائر من الولايات المتحدة.

من جهته، تعهد أمر الله صالح بعدم الرضوخ لطالبان وانسحب إلى الوادي. وظهر القائدان معا على شبكات التواصل الاجتماعي في لقطات توحي بأنهما يضعان حجر الأساس لحركة مقاومة ضد الحركة المتطرفة التي باتت تسيطر على أفغانستان.

مقاومة شفهية

أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الخميس أن طالبان لا تسيطر على وادي بانشير الواقع شمال شرق كابول، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن معارك تجري فيه.

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس الأولى بانتيون سوربون، جيل دورونسورو المتخصص في أفغانستان والذي صدر له كتاب العام 2021 بعنوان "حكومة أفغانستان العابرة للحدود الوطنية - هزيمة متوقعة"، إن "المقاومة لا تزال شفهية في الوقت الحاضر لأن طالبان لم تحاول دخول بانشير".

ولفت عبد السيد الخبير السياسي في جامعة لوند في السويد إلى أن طالبان "تحاصر بانشير من كل جانب".

وأفادت المنظمة غير الحكومية الإيطالية "إيميرجنسي" الأربعاء عن استقبال "عدد متزايد من جرحى الحرب" في المستشفى الذي تديره في وادي بانشير.

لكن فرنسيا يعرف المنطقة جدا وقاتل في بانشير إلى جانب القائد أحمد شاه مسعود في أواخر التسعينات أوضح أنه "ليس هناك معارك حاليا في بانشير، لكن بعض الاشتباكات وقعت ربما على طريق الوادي في سهل شمالي".

وأكد بيل روجيو من مركز إف دي دي الأميركي للدراسات أن وادي بانشير خارج عن سيطرة طالبان "لكن الوضع في ولاية بروان المجاورة غير واضح، يبدو أن قوات صالح حاولت توسيع سيطرتها إليها انطلاقا من بانشير".

ولفت دارونسورو إلى أن "طالبان بنوا انتصارهم على الحرب الخاطفة والاستسلام، وفي نهاية المطاف تمكنوا من الانتصار بدون الكثير من العنف"، مضيفا أن "هجوما مباشرا اليوم مع كل ما لبانشير من وزن رمزي، سيكون مخالفا لعزمهم على تطبيع صورتهم".

تحالف غير متجانس

المقاومة في بانشير بقيادة رجل يعيش في ظل أسطورة والده غير أنه لا يحظى مثله بكثير من الدعم على الأرض ومن الوزن السياسي، وشخصية محض سياسية تولت مركزا قياديا على مدى سنوات.

وأوضح دورونسورو أن "العلاقات بين أحمد مسعود وأمرالله صالح معقدة بعض الشيء، ثمة عدم تناغم بينهما منذ البداية".

ورأى الباحث أن "أحمد مسعود ليس له موقع رسمي في النظام، إنه شخص لا يحظى بدعم قوي في أفغانستان خارج بانشير".

واعتبر على غرار المقاتل الفرنسي السابق المطلع على شؤون المنطقة أن ابن القائد مسعود الذي اغتاله تنظيم القاعدة عام 2001 يعيش في "خيال والده" و"أسطورته".

وقال "إنه يشعر بأنه يحمل إرثا، يرتدي زي الشبل"، في إشارة إلى لقب والده "أسد بانشير". وأضاف "هو يقول لنفسه "إن كان يتحتم على أحد الانخراط في المقاومة، فلا بد أن أتولى أنا ذلك"".

أما صالح، فهو بحسب عبدالسيد "يدّعي أنه رئيس أفغانستان الشرعي وفقا للدستور بعد فرار أشرف غني".

مفاوضات مع طالبان

تحدث الباحث الفرنسي عن الأهداف التي تسعى المقاومة إلى تحقيقها، متسائلا "أهي التفاوض مع طالبان أم أننا نتحدث عن مقاومة مسلحة حقيقية؟"

وأشار المقاتل السابق إلى أن "مصالح سكان بانشير يدافع عنها سياسيا حاليا في كابول (رئيس الوزراء السابق) عبدالله عبدالله الذي يتفاوض مع طالبان، وأعمام مسعود الذين يتفاوضون في باكستان".

ورأى من المحتمل أن "تكون هذه المقاومة وسيلة لممارسة ضغط على المفاوضات في كابول من أجل الدفاع عن مصالح سكان بانشير، وحتى يتصل عبدالله أو العائلة في وقت ما بمسعود للقول له "حسنا، يمكنك التوقف، توصلنا إلى اتفاق جيد"".

في المقابل، اعتبر أن صالح يعتمد منطقا آخر لأنه "عدو شخصي لطالبان".

لكن رغم ذلك، لا يستبعد جيل دورونسورو أن يسعى للتفاوض مع النظام الجديد "لأنه يتحدث عن عملية سلام يفترض أن تكون جامعة أكثر".

أسلحة ودعم من الخارج

شدد الباحث الفرنسي على أن مشروع المقاومة "في طريق مسدود" على الصعيد العسكري، مضيفا أن "كل ما يتحتم على طالبان القيام به هو إحكام الحصار على بانشير ويكون الأمر قضي. لا حاجة حتى لدخول الوادي فعليا".

في المقابل، رأى المقاتل الفرنسي السابق أن مسعود "لديه شبان وآليات ومروحيات وذخائر، إنه يستعد منذ أشهر"، ولو أنه يشاطر الباحث تحليله فيقول "لديهم الوسائل للحفاظ على المظاهر" والتحصن في الوادي، لكن هذا كلّ شيء.

يبقى السؤال مطروحا حول موقف جهات أجنبية قد تجد مصلحة في قيام مقاومة نشطة، سواء من منطلق تأييدهم لأسطورة شاه مسعود أو معارضتهم لقيام نظام إسلامي متطرف في المنطقة.