شلل كامل في عدن وسط احتجاجات على تردي الأوضاع
عدن - أغلقت محال وشركات الصرافة بمدينة عدن بجنوب اليمن اليوم الأربعاء أبوابها أمام عملائها بشكل كامل استجابة لدعوة جمعية الصرافين بتنفيذ إضراب شامل احتجاجا على تردي الوضع الاقتصادي وتدهور سعر العملة المحلية وسط تصاعد الاحتجاجات الشعبية الغاضبة على ارتفاع الأسعار وتدهور الأوضاع المعيشية.
ودعت جمعية الصرافين بعدن في تعميم أصدرته في وقت متأخر من مساء الثلاثاء كافة منشآت وشركات الصرافة وشبكات التحويل المالي المحلية في عدن ومحافظات الجنوب إلى تنفيذ إضراب شامل اعتبارا من الأربعاء، حتى إشعار آخر وذلك تنديدا بتدهور الأوضاع الاقتصادية.
وقالت جمعية صرافي عدن إن الخطوة جاءت بعد استنفاد كافة الوسائل وتوجيه النداءات المتكررة للحكومة اليمنية الشرعية المدعومة من السعودية من أجل وضع الحلول المناسبة لوقف التدهور الاقتصادي وتدهور العملة المحلية دون أي استجابة تذكر.
وحملت جمعية الصرافين في عدن، الحكومة المعترف بها دوليا المسؤولية الكاملة تجاه تدهور الوضع.
وشددت على "عدم رفع الإضراب ما لم تكن هناك خطوات فعلية من الحكومة المركزية والسلطات المحلية تضمن للشعب حلا جذريا ملموسا على الواقع لتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية".
ويأتي إضراب شركات ومحلات الصرافة في وقت تصاعدت فيه احتجاجات شعبية غاضبة في مدينة عدن المعلنة عاصمة مؤقتة للبلاد لليوم الثالث تنديدا بتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وانهيار الخدمات الأساسية وتدهور قيمة العملة المحلية.
وسجل سعر صرف العملة اليمنية يوم الأربعاء هبوطا قياسيا جديدا أمام الدولار والعملات الأجنبية متجاوزا حاجز الألف ومائة ريال للدولار.
وقال متعاملون في عدن إن سعر الريال اليمني واصل تراجعه "المخيف" ليسجل لأول مرة في تاريخه هبوطا غير مسبوق في تداولات سوق الصرف مساء الأربعاء بوصوله إلى 1115 ريالا للدولار للشراء و 1120 ريالا للبيع بعد أن كان عند 1030 ريالا للدولار في مطلع سبتمبر/أيلول وذلك في أسوأ انهيار تشهده عملة اليمن في تاريخها ومنذ بدء الحرب في البلاد قبل أكثر من ست سنوات.
لكن أسعار صرف الريال في العاصمة صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي بشمال البلاد لا تزال ثابتة ومستقرة عند 600 ريال للدولار، وفقا لمصادر مصرفية.
وجاء الانخفاض المستمر للعملة على الرغم من الإجراءات والقيود المؤقتة المفروضة من البنك المركزي اليمني على قطاع الصرافة بالعملات الأجنبية لوضع حد لتدهور حاد مستمر في العملة المحلية المتداعية.
وخسر الريال اليمني أكثر من ثلاثة أرباع قيمته مقابل الدولار منذ اندلاع الحرب مطلع 2015، وتسبب في زيادات حادة للأسعار وسط عجز الكثير من اليمنيين عن شراء بعض السلع الأساسية لتزيد الأوضاع المعيشية للمواطنين تفاقما، خصوصا مع توقف صرف مرتبات الموظفين الحكوميين منذ أكثر من أربع سنوات في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي في شمال اليمن.
ووفقا لمراكز اقتصادية، فقد انخفض الريال اليمني بنسبة تزيد على 300 بالمئة عما كان عليه قبل الحرب، عندما كان سعر الصرف مستقرا عند 214 ريالا أمام الدولار في أواخر العام 2014.
ويخشى مراقبون أن تواصل العملة اليمنية انهيارها لتبلغ 1500 ريال مقابل الدولار بحلول نهاية العام 2021 بما ينذر بحدوث مجاعة وشيكة تهدد ملايين اليمنيين.
وبالتوازي مع حالة الشلل في عدن وعدد من مدن الجنوب اليمني، تفجرت احتجاجات عنيفة تنديدا بتفاقم الفقر وانقطاعات الكهرباء في الوقت الذي انهارت كامل للخدمات العامة في المناطق الخاضعة لسيطرته.
واشتبك مئات المحتجين مع قوات الأمن في مناطق خور مكسر وكريتر والشيخ عثمان في عدن حيث سد المتظاهرون الطرق وأشعلوا النار في مبان حكومية وأحرقوا السيارات في الشوارع.
وقال شهود إن متظاهرا واحدا على الأقل سقط قتيلا وجُرح العشرات مساء يوم الثلاثاء في الشيخ عثمان. وقال شهود آخرون إن عشرات المتظاهرين اقتحموا قصر معاشيق الرئاسي حيث يوجد مقر الحكومة المدعومة من السعودية.
وقال محتج اسمه أحمد صالح (34 عاما) ويعمل موظفا بالحكومة "خرجنا للاحتجاج بعد أن أصبحت حياتنا مستحيلة فلا كهرباء ولا ماء ولا يمكن بمرتباتنا شراء أي شيء".
ووردت أنباء عن وقوع اشتباكات أخرى في محافظات حضرموت وشبوة وأبين خلال اليومين الأخيرين.
ويعاني جنوب اليمن من حالة من الشلل بسبب صراع على السلطة بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي.
وكان المجلس الانتقالي الذي يكافح من أجل استقلال جنوب اليمن قد سيطر على عدن ومناطق أخرى في الجنوب قبل أن تتوسط السعودية في اتفاق لاقتسام السلطة من أجل التركيز على محاربة الحوثيين.
غير أن الصراع عطل الخدمات العامة إذ تنقطع الكهرباء كثيرا مما يؤثر على توزيع المياه وإمدادات المساعدات والخدمات الطبية. وازداد البؤس بسبب البطالة والتضخم المتصاعد في بلد يعتمد معظم سكانه البالغ عددهم 29 مليون نسمة على المساعدات.
وساد الهدوء شوارع عدن اليوم الأربعاء غير أن المتاجر ومقار المنظمات الإنسانية ظلت مغلقة. وظهرت في مناطق كثيرة من المدينة بقايا حواجز أمنية وسيارات محترقة.
ودعا متحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي إلى المزيد من المظاهرات في شبوة اليوم الأربعاء احتجاجا على ما سماه "احتلال" حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي.
وقالت حكومة الرئيس هادي إن قوات الأمن ستحمي المحتجين، لكنها لن تتهاون إزاء تخريب الممتلكات العامة والخاصة.
وكان التحالف العسكري الذي تقوده السعودية قد أخرج الحوثيين من عدن عام 2015 لكنه أخفق في إخراجهم من العاصمة صنعاء ومناطق أخرى بشمال اليمن وبلغت الحرب متعددة الأوجه حالة من الجمود.
وأدى الصراع إلى وضع تصفه الأمم المتحدة بأنه أكبر أزمة إنسانية في العالم. وتحاول الرياض تفادي نشوء جبهة جديدة ومزيد من القلاقل في الجنوب في وقت يحارب فيه التحالف العسكري العربي الذي تقوده الحوثيين في محافظة مأرب المنتجة للنفط آخر معاقل الحكومة في الشمال وفي محافظة أبين الجنوبية.
وقالت مصادر عسكرية إن القوات الحوثيين تقدمت أمس الثلاثاء من جديد صوب مديرية لودر أكبر مديريات أبين.
وقالت منظمات إنسانية إن آلاف المدنيين فروا من القتال في مأرب وأبين خلال الأسبوع الأخير، فيما ذكرت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في وقت سابق هذا الشهر أن أكثر من أربعة ملايين يمني لا يزالون في عداد النازحين منذ بدء الاشتباكات في 2014.