داعش الأفغاني يقاتل طالبان بأسلوبها وتكتيكاتها

إلى حدود العام 2020، كان تنظيم الدولة الإسلامية-ولاية خراسان يخسر نفوذه في ظل سطوة حركة طالبان وحملة الغارات الجوية الأميركية ضده، لكن يبدو أن تولي شهاب المهاجر قيادته غيّر المعادلة.
تنظيم الدولة الإسلامية يعيق مساعي طالبان في إعادة الاستقرار
طالبان تكابد في إعادة الاستقرار بينما كانت طرفا في زعزعته
طالبان قد تعتمد على القاعدة وشبكة حقاني في مواجهة داعش الأفغاني

كابول - تعيق سلسلة اعتداءات دامية ينفّذها عناصر في تنظيم "الدولة الإسلامية-ولاية خراسان" في أفغانستان مساعي طالبان لإعادة إرساء الاستقرار في البلاد.

والمفارقة أن ما تواجهه طالبان اليوم على اثر استعادة سيطرتها على أفغانستان بعد 20 عاما من الإطاحة بحكمها، هو ما سبق أن واجهته القوات الأفغانية في عهدي الرئيسين السابقين حامد كرزاي وأشرف غني من هجمات دموية كانت تشنها الحركة إلى أن تمكنت أخيرا من فرض سيطرتها على كل أفغانستان في خضم الانسحاب الفوضي للقوات الأجنبية.

وقُتل ما لا يقلّ عن 19 شخصا بينهم قيادي كبير في طالبان وأصيب 50 آخرون بجروح الثلاثاء في هجوم لتنظيم الدولة الإسلامية استهدف مستشفى كابول العسكري الوطني، وسط تصاعد العنف في أفغانستان بين حركة طالبان الحاكمة والفصيل الإسلامي المتطرف.

ومساء الثلاثاء، تبنّى التنظيم الهجوم عبر قنواته على منصّة تلغرام، معلنا أنّ "خمسة من مقاتلي الدولة الإسلامية نفّذوا هجوما منسّقا متزامنا" على مستشفى سردار محمد داود خان العسكري في كابول.

وتأسس تنظيم الدولة الإسلامية في العام 2014، حين بايع مقاتلون سنّة متشدّدون في العراق وسوريا أبا بكر البغدادي زعيم التنظيم والخليفة المزعوم لدولة الخلافة التي انهارت تنظيميا وبقيت تتمدد فكريا.

وسيطر التنظيم بزعامة البغدادي على مساحات شاسعة من العراق وشرق سوريا، لكنّه فقد لاحقا سيطرته على هذه الأراضي. إلا أنه كان قد تمدد إلى أنحاء أخرى من العالم بما فيها "خراسان"، وهي منطقة تضم أنحاء من أفغانستان وإيران وباكستان وتركمانستان.

وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، يضم تنظيم "الدولة الإسلامية-ولاية خراسان" 500 إلى بضعة آلاف من المقاتلين في شمال أفغانستان وشرقها، بما في ذلك خلايا نائمة في كابول.

ويُعتقد أن التنظيم يقوده منذ العام 2020 شهاب المهاجر الذي يوحي اسمه الحركي بأنه متحدّر من العالم العربي إلا أن أصله لا يزال مجهولا.

ويعتقد كثر أنه كان قياديا في تنظيم القاعدة أو عضوا سابقا في شبكة حقاني القريبة من القاعدة. وتسري نظريات كثيرة بِشأنه من دون أن يتأكد أي منها.

إلى العام 2020، كان تنظيم "الدولة الإسلامية-ولاية خراسان" يخسر نفوذه في ظل سطوة حركة طالبان وحملة الغارات الجوية الأميركية ضد التنظيم، لكن يبدو أن وصول القائد الجديد غيّر المعادلة.

ويفيد الباحث في مرصد المواقع المتطرّفة "إكستراكت" عبدالسيد، أن شهاب جدد التركيز على أهمية "حرب المدن والعنف ذي الدلالات".

وقال سيّد "على الرغم من أن طالبان هي هدفه الرئيسي، اختار تنظيم الدولة الإسلامية-ولاية خراسان أهدافا سهلة على غرار الأماكن الدينية والمؤسسات التربوية والأماكن العامة مثل المستشفيات... لبث الخوف من إرهابه".

وتبنى التنظيم في 2021، أكثر من 220 هجوما في أفغانستان بما في ذلك العديد من الهجمات في كابول حيث سيطرت طالبان على مقاليد الحكم.

وطالبان جماعة سنيّة متطرّفة على غرار تنظيم "الدولة الإسلامية-ولاية خراسان"، إلا أن الحركة تعهّدت في إطار إرسائها نظاما جديدا في كابول بحماية الأقلية الشيعية، في حين يعتبر التنظيم أن الشيعة "مرتدّون".

وعلى غرار ما حصل في العراق حيث استهدف تنظيم الدولة الإسلامية الشيعة لإثارة حرب طائفية، يهدد تنظيم "الدولة الإسلامية-ولاية خراسان" أقلية الهزارة الشيعية في أفغانستان.

وكثر من مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية-ولاية خراسان" سبق أن قاتلوا في صفوف طالبان أو جماعات موالية لها أو يأتون من حركات تمرّد تستلهم مبادئها من تنظيم القاعدة، لكن استراتيجيات الفصيلين اختلفت.

وتسعى طالبان في العام 2021 إلى حكم أفغانستان وفق تفسيرها للشريعة الإسلامية، فيما يتمسك تنظيم "الدولة الإسلامية-ولاية خراسان" بمبايعة "خليفة" المسلمين.

ويصف المتحدّث باسم طالبان التنظيم بأنه "تكفيري"، فيما يعتبر تنظيم "الدولة الإسلامية-ولاية خراسان" الحركة عميلة للأميركيين.

لكن على الرغم من الخطاب التحريضي بين الفصيلين، يبقى ممكنا انتقال العناصر من ضفة إلى أخرى وفقا لمواقف القادة والفرص السانحة.

وبحسب باربرا كيليمن المحللة في مركز "دراغونفلاي للاستخبارات الأمنية" سبق أن نجح تنظيم "الدولة الإسلامية-ولاية خراسان" في "تجنيد عناصر مستائين من طالبان أو يعتبرون الحركة كثيرة الاعتدال".

ومنذ 15 أغسطس/اب تؤكد حركة طالبان للسكان أنها وضعت حدا للحرب وأعادت الاستقرار، إلا أن هجمات تنظيم الدولة الإسلامية تهدد هذا الخطاب فيما لا يتردد التنظيم في استخدام الوسائل نفسها التي كانت تعتمدها حركة طالبان

حاليا لا تحظى طالبان في مواجهة خصمها بمساعدة خارجية تذكر ولا بدعم استخباري واستطلاعي عسكري أميركي.

وتلقّت الحكومة الأفغانية المطاح بها التي كانت مدعومة من الولايات المتحدة، مساعدات عسكرية بمئات مليارات الدولارات ومساندة من قوات غربية، لكنها عجزت عن التغلّب على طالبان أو تنظيم "الدولة الإسلامية-ولاية خراسان".

لكن الحركة تعرف عدوّها جيدا، حيث تحظى بدعم محتمل من مجموعتين تعرفان جيدا تكتيكات تنظيم "الدولة الإسلامية-ولاية خراسان".

وجاء في تقرير لمركز صوفان ومقرّه الولايات المتحدة أن "طالبان ستعتمد في مقاتلة تنظيم الدولة الإسلامية-ولاية خراسان على شبكة حقاني والقاعدة وأطراف آخرين" للحصول على "دعم على صعيد العديد والخبرات القتالية والمؤازرة اللوجستية".