إيران تمعن في التنكيل باللاجئين الأفغان

لاجئون أفغان يتحدثون عن تعرضهم للإذلال والضرب واحتجاز من لا يملكون ثمن تذكرة العودة في مراكز قذرة وقيام السلطات الإيرانية بترحيل الآلاف منهم قسرا والدفع بهم إلى مصير مجهول خلف( الحدود الأفغانية حيث يندر الماء والغذاء والدواء.
العائدون قسرا يتحدثون عن احتجازهم في معسكرات اعتقال مكتظة وقذرة
إيران تقول في رواية مناقضة للواقع إنها ترحب باللاجئين الأفغان وتساعدهم

إسلام قلعة (أفغانستان) - على عكس الرواية الرسمية التي تتحدث عن حسن معاملة اللاجئين الأفغان، كشفت شهادات وروايات تعرضهم للإذلال والضرب وإعادتهم قسرا رغم الظروف المأساوية التي تنتظرهم خلف الحدود الأفغانية

وتعيد إيران عشرات آلاف المهاجرين منهم إلى أفغانستان الخاضعة لسلطة طالبان كل أسبوع، رغم شبح المجاعة، وفق ما تفيد وكالات إغاثة وشهود، فيما يتّهم العديد من الأفغان السلطات الإيرانية بإساءة معاملتهم.

وفي ظل نزاع تواصل مدى عقود، عبر ملايين الأفغان الحدود إلى البلد الجار المجاور الواقع غرب أفغانستان، هربا من العنف والاقتصاد المنهار.

وفاقمت سيطرة طالبان على كابول في منتصف اغسطس/اب الأزمة، إذ عطّلت تدفق المساعدات الدولية في وقت يواجه فيه أكثر من نصف السكان نقصا حادا في الغذاء جرّاء الجفاف، لكن رغم الظروف الصعبة التي تنتظرهم، تواصل إيران إجبار الأفغان على العودة.

وأفاد الأفغان العائدون بأنهم احتجزوا في معسكرات اعتقال مكتظة وقذرة حيث تعرّض بعضهم للضرب قبل أن يتم نقلهم إلى المعبر الحدودي.

وقال عبدالصمد (19 عاما) الذي ذكر أنه كان يعمل في مجال البناء في إيران قبل ترحيله "لم ينظروا إلينا كبشر"، مضيفا أنه تعرّض للضرب عند الحدود على أيدي السلطات الإيرانية في معسكر لاعتقال المهاجرين نظرا لعدم امتلاكه المال لتسديد كلفة ترحيله.

وتابع "قيّدوا أيدينا وعصبوا أعيننا بقطع قماش وأهانونا". ولم يكن من الممكن التحقق بشكل مستقل من صحة شهادات عبدالصمد وغيره، فيما رفضت وكالات الأمم المتحدة التعليق على التفاصيل.

لكن المنظمة الدولية للهجرة تقول إن 1.5 مليون أفغاني أعيدوا إلى بلدهم هذا العام، بينهم أكثر من 28 ألفا في الأسبوع الأخير من أكتوبر/تشرين الأول.

وقال المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة أنتونيو فيتورينو في بيان إن ازدياد عدد العائدين يفاقم التحديات التي تواجهها أفغانستان في الأساس، مضيفا "تم ترحيل الأغلبية، إذ عادوا إلى أفغانستان في أغلب الأحيان وهم مكسورون ويعانون من الإفلاس فيما كانوا بحاجة إلى الدعم والغذاء والراحة".

وبين 21 و27 أكتوبر/تشرين الأول وهي آخر فترة تملك المنظمة الدولية للهجرة بيانات بشأنها، عاد 28115 مهاجرا أفغانيا من إيران، فيما عاد هذه السنة حتى الآن 1031757 مهاجرا.

وأفادت وكالة الهجرة الأممية التي تقدّم مساعدات للمحتاجين عند الحدود الشهر الماضي بأنها أحصت 3200 طفل غير مصحوبين بذويهم على الأقل في أوساط من عبروا من إيران العام الجاري.

وناشدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين جميع الدول أن تكف عن إجبار الأفغان على العودة نظرا إلى "الوضع المتقلّب للغاية"، فيما تتواصل مع الحكومة الإيرانية بشأنهم.

ولطالما شددت طهران على أنها ترحب باللاجئين الأفغان وتوفر لهم المساعدات التي يحتاجون إليها فيما أرسلت شحنات مساعدات إلى البلد المجاور في الأسابيع الأخيرة.

ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن مبعوث طهران لدى الأمم المتحدة ماجد تخت رافانشي قوله في أواخر الشهر الماضي "نستضيف أشقاءنا الأفغان من دون الحصول على أي موارد جديدة تقريبا من المجتمع الدولي".

وأضاف "إلى جانب الغذاء والمأوى والدواء والتعليم، نوفر الآن لقاحات ضد كوفيد-19 للاجئين في وقت تفرض علينا قيود أميركية شديدة وغير قانونية".

والشهر الماضي، دعا وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي الأفغان إلى عدم المجيء إلى بلاده لأن "إمكاناتنا محدودة"، وفق ما نقلت عنه صحيفة "طهران تايمز" الرسمية، لكنه أضاف أن الأشخاص الذين يصلون إلى الحدود "يعاملون بلطف واحترام".

وتستضيف إيران، التي تتشارك مع أفغانستان حدودا يبلغ طولها 900 كلم، إحدى أكبر مجموعات اللاجئين في العالم، تضم بمعظمها أفغانا اندمجوا بدرجة كبيرة بعد وصولهم إلى الجمهورية الإسلامية على مدى السنوات الأربعين الماضية.

وتفيد مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأن إيران استضافت سنة 2020 أكثر من 3.4 ملايين أفغاني، بينهم مليونا مهاجر غير مسجّل و800 ألف لاجئ.

والشهر الماضي، أعلنت الأمم المتحدة أن أفغانستان باتت على حافة إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، في وقت يواجه فيه أكثر من نصف سكان البلاد نقصا شديدا في الغذاء.

وتواجه إيران نفسها صعوبات اقتصادية نتيجة العقوبات الأميركية المفروضة عليها على خلفية برنامجها النووي وتفشي كوفيد.

ولفت رئيس المجلس النرويجي للاجئين يان ايغلاند الذي زار إيران هذا الأسبوع إلى أنه لا يمكن للجمهورية الإسلامية أن "تستضيف هذا العدد الكبير من الأفغان مع الدعم الضئيل للغاية الذي تحصل عليه من المجتمع الدولي".

ودعا جيران أفغانستان المجتمع الدولي لبذل المزيد ماليا لدعم المنطقة التي حمت بشكل كبير باقي العالم من تدفق اللاجئين.

بعد ظهر كل يوم، تصل حافلات مكتظة بعائلات منهكة إلى إسلام قلعة، في الجانب الأفغاني من المعبر الحدودي الرئيسي مع إيران.

وقالت وكالة فرانس برس إنها تحدثت إلى نحو 20 أفغانيا كانوا عائدين عند الحدود وفي مدينة هرات القريبة، أشاروا بدورهم إلى أن السلطات الإيرانية تحتجز الأشخاص الذين لا يملكون المال لشراء تذاكر عودة، في معسكرات اعتقال.

وروى جميع من وافقوا على التحدث عن تعرّضهم لسوء معاملة. وذكر أحدهم ويدعى مجيد أن السلطات أخذت هواتف المعتقلين المحمولة حتى لا يتمكنوا من توثيق ظروف احتجازهم. وقال "المخيّم مكتظ والناس يعانون من القذارة. لا يحصل أولئك الذين لا يملكون المال سوى على فتات خبز".

ومع حلول الشتاء، يواجه الأفغان الذين أجبروا على العودة إلى بلدهم مستقبلا ضبابيا. وقال عبد الصمد عند الحدود بعدما تم ترحيله إلى أفغانستان "سنشرد هنا. لا نعرف كيف سنجد المال للعودة إلى ديارنا".