
نذر صدام بين الصدر وفصائل الحشد
بغداد - رفضت كتل وميليشيات شيعية اليوم الخميس ما ورد على لسان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في خطابه الذي وضع فيه شروطه لإشراك تلك الكتل في الحكومة، وصفها بالكتل الخاسرة، فيما طالبته ميليشيا حزب الله العراقي بأن ينزع أسلحة ميليشياته أولا قبل أن يطالب غيرها بنزع سلاحها.
وبدأت اليوم الخميس ترتسم بوضوح مرحلة مواجهة محتملة بين التيار الصدري والكتل الخاسرة في الانتخابات فيما تسود مخاوف من الانجرار إلى مربع العنف المسلح، في الوقت الذي أكدت فيه الرئاسيات الثلاثة على اثر اجتماعها، على ضرورة أن تكون مخرجات الأزمة الراهنة دستورية وقانونية.
وتسبب رفض الكتل والميليشيات الشيعية الموالية لإيران والخاسرة في الانتخابات، لنتائج صناديق الاقتراع في أزمة انفتحت على كل الاحتمالات أقلها وأخفها ضررا حالة من الجمود السياسي لفترة قد تطول.
وقال فصيلان في تغريدات على تويتر ردا على خطاب الصدر، إن الكتل المعترضة على نتائج الانتخابات "ليست خاسرة".
وعلق أبوعلي العسكري المسؤول الأمني لكتائب حزب الله العراق على خطاب الصدر بالقول "نرحب بخطاب تسليم أو حصر السلاح بيد الدولة لما له من إسهام في تجنيب الناس شرور الاقتتال الداخلي"، مضيفا في تغريدة على تويتر "أن تكون الجهة المطالبة بأعلاه هي من تشرع أولا في تسليم السلاح وبالأخص الثقيل منه وأن تنقل مسؤولية ما لديها من ألوية إلى قيادة الحشد الشعبي لغرض تنظيمهم وإبعاد غير المنضبطين منهم".

وكان القيادي في حزب الله يشير إلى سرايا السلام التابعة للتيار الصدري، مؤكدا أن على الصدر أن يبدأ هو أولا بنزع سلاح ميليشياته قبل أن يطالب غيره بذلك.
وقال شبل الزيدي الأمين العام لكتائب الإمام علي في تغريدة على تويتر "الكتل المعترضة على التزوير ليست كتلا خاسرة ولديها من الأدلة والوقائع والشبهات والخروقات والتلاعب ما يكفي لإثبات عملية التزوير ولكنها تعاملت بعقلانية وحكمة وصبر واستخدمت الطرق القانونية والشرعية".
وتابع "لم نعمل أو نحاول هدم العملية السياسية أو القفز عليها بل إعادتها إلى جادة الصواب ولو كان الأمر عكسيا وحصل التلاعب من جهات أخرى لكان الوضع مختلفا جدا".
وقال أيضا "نحن بناة دولة وطلاب حق وما ضاع حق وراءه مطالب ولن يفت عزمنا تكالب القوى المضادة ولا بياناتها ولا مباركتها بشرعية النصب والاحتيال الانتخابية".
ويأتي موقف الفصيلين الشيعيين ردا على خطاب الصدر الذي حدد فيه مجموعة من الشروط لإشراك القوى الشيعية الخاسرة في الانتخابات في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.
وتصدر مطلب حلّ كافة الميليشيات المسلحة وحصر السلاح بيد الدولة وهو مطلب لطالما ردده رئيس الوزراء العراق مصطفى الكاظمي.
وقال الصدر في مؤتمر صحفي عقده في النجف "رسالتي إلى القوى السياسية التي تعتبر نفسها خاسرة في الانتخابات تلك الانتخابات التي شهد العالم بنزاهتها لا ينبغي أن تكون خسارتكم لإنهاء وخراب العملية الديمقراطية في العراق حاليا ومستقبلا".
ويُنظر إلى الصدر الذي يقود هو الآخر فصيلا مسلحا لكنه يعارض أي نفوذ أجنبي في العراق بما في ذلك النفوذ الإيراني، على أنه المنافس الشيعي الرئيسي للفصائل الشيعية التي تدعمها طهران.
وقال الصدر في بيان أمام كاميرات التلفزيون من مقره في مدينة النجف بجنوب العراق "عليكم أن تراجعوا أنفسكم لتعيدوا ثقة الشعب بكم مستقبلا، وإن ما تقومون به حاليا سيضيع تاريخكم ويزيد من نفور الشعب منكم".
ولم يشر صراحة إلى الأحداث الأخيرة، بل وجه رسالته إلى ما أسماها "القوى السياسية التي تعتبر نفسها خاسرة في هذه الانتخابات".
كما دعا الحشد الشعبي الذي تهيمن عليه فصائل متحالفة مع إيران، إلى "تصفيته من العناصر الغير منضبطة وعدم زج اسمه وعنوانه في السياسة". وحث الجماعات المسلحة غير الحكومية على حل نفسها وتسليم سلاحها.
وأضاف "في حال أردتم الإشتراك بتشكيل الحكومة فعليكم... محاسبة المنتمين لكم ممن عليهم شبهات فساد وتسليمهم إلى القضاء النزيه"، داعيا إلى قطع كل العلاقات الخارجية مع بلدان الخارج بما يحفظ للعراق هيبته وعدم التدخل بشؤون دول الجوار .
ويقول مسؤولون عراقيون ومحللون مستقلون إنه من المرجح أن يكون للصدر دور كبير في تشكيل الحكومة العراقية المقبلة وهو احتمال يثير قلق خصومه الرئيسيين في الجماعات المدعومة من إيران.
وكان التيار الصدري قد دعا الأربعاء القوى السياسية لانتظار قرار المحكمة الاتحادية الخاص بنتائج الانتخابات التي جرت في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي وبعدها المضي بالأطر والحلول الدستورية لا المبادرات الفردية التي تعطل تشكيل الحكومة.
ونقلت وكالة شفق نيوز العراقية عن رياض المسعودي القيادي في التيار الصدري قوله إنه "من الأفضل للقوى السياسية انتظار قرار المحمكة الاتحادية الخاصة بالانتخابات لتحديد خطوات ما بعد إعلان النتائج ممثلة بالدعوة لعقد الجلسة الأولى للبرلمان ومن ثم تكليف الكتلة الأكبر (الكتلة الصدرية) لتشكيل الحكومة خلال المدة الدستورية 30 يوما".
وتابع "أما الدفع بأوراق تسوية نعتقد أنها تذهب باتجاه تعطيل العملية السياسية وبالتالي صعوبة تشكيل الحكومة وقد نشهد أياما عصيبة وطويلة قبل تشكيلها، إذا ما طرحت مبادرات أخرى، فكلما تطرح ورقة أو مبادرة تتبعها حتما مبادرات وأوراق تطرحها جهات أخرى".
وقال "لا ضير من طرح المبادرات، لكن يجب أن تكون ضمن الأطر الدستورية وأن لا تكون معطلة لديمومة العملية السياسية، كما أن لا تكون ارضائية أو إقصائية، لأن كل ذلك سيتسبب بإرباك المشهد السياسي".
وختم بالقول "أي ورقة تسوية هي نسف لكل الاستحقاقات الانتخابية"، مضيفا "نرفض مبدأ التسويات والتوافقات نحن مع مبدأ الفصل بين دعم العملية السياسية والتفاهمات التي تجري إزاء ذلك وبين قضية الأطر الدستورية، فهناك فرق بين العمل السياسي وبين العمل الدستوري".
وجاءت تصريحات القيادي في التيار الصدري ردا على مبادرة أطلقها يوم الثلاثاء الماضي زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم ضمن ورقة تسوية قدمها إلى ما يسمى الإطار التنسيقي لقوى المقاومة الذي يضم قوى سياسية شيعية مدعومة من إيران.
وبحسب وسائل إعلام عراقية، تتضمن ورقة الحكيم إلغاء قانون الانتخابات الحالي وإلغاء مفوضية الانتخابات والأجهزة الإلكترونية والتعامل بالفرز اليدوي، وإجراء انتخابات مبكرة بعد سنتين بالإضافة إلى اختيار رئيس وزراء توافقي مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على الحشد الشعبي وعدم المساس به أو بقانونه وتشكيل مجلس استشاري سياسي يكون من مهامه يرسم القرار السياسي.