وسط توتر بين موسكو وواشنطن.. الأيادي لا تفارق الزناد
واشنطن - بينما لا تفارق الايادي الزناد على الحدود الروسية الأوكرانية، تحول اختبار النوايا بين واشنطن وحلفائها من جهة وموسكو من جهة ثانية بعد فشل المحادثات الأخيرة في تهدئة التوترات على خلفية حشد روسيا عشرات الآلاف من جنودها على حدود أوكرانيا ومخاوف من غزو روسي للجارة الغربية، إلى تهديدات علنية قد تنزلق إلى حرب ما لم يتم إيجاد صيغة توافقية بين الأطراف المتنازعة لوقف التصعيد.
وجدّدت الولايات المتّحدة الخميس التزامها بتقديم "مساعدة دفاعية" للجيش الأوكراني، في موقف يأتي بعدما فشلت المحادثات بين موسكو والغرب في خفض حدّة التوتّر على الحدود بين روسيا وأوكرانيا.
وقال المتحدّث باسم البنتاغون جون كيربي إنّ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن تطرّق خلال اتصال هاتفي مع نظيره الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف إلى "التعزيز غير المبرّر للوضع العسكري الروسي في أوكرانيا وعلى حدودها".
وأضاف أنّ الوزير الأميركي "أكّد من جديد دعم الولايات المتحدة الراسخ لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، بما في ذلك الجهود الراهنة لتعزيز قدرات القوات الأوكرانية من خلال تقديم مساعدة دفاعية".
وأوضح كيربي أنّ الوزيرين لم يناقشا أسلحة محدّدة، لكنّ سيّد البنتاغون "أعاد التأكيد على التزامنا مساعدة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها".
وزوّدت واشنطن كييف بأسلحة خفيفة وسفن دوريات وقاذفات صواريخ مضادّة للدروع من طراز جافلين، لكنّ العديد من أعضاء الكونغرس يطالبون البيت الأبيض بأن يفعل المزيد على هذا الصعيد.
والأربعاء قدّم أعضاء ديمقراطيون في مجلس الشيوخ اقتراح قانون ينصّ على فرض عقوبات على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتقديم مساعدات مالية لكييف إذا غزت روسيا أوكرانيا.
وينصّ اقتراح قانون "الدفاع عن سيادة أوكرانيا" على فرض عقوبات على بوتين ورئيس وزرائه ميخائيل ميشوستين ومسؤولين عسكريين بارزين والعديد من كيانات القطاع المصرفي الروسي في حال حصول "غزو" أو "تصاعد" للأعمال العدائية الروسية ضدّ أوكرانيا.
كما ينصّ الاقتراح على تقديم 500 مليون دولار من المساعدات العسكرية الإضافية لأوكرانيا من أجل التعامل مع الغزو الروسي، أي أكثر من ضعف ما قدّمته إدارة بايدن لكييف العام الماضي.
وازدادت حدّة التوتر حول أوكرانيا في الأشهر الأخيرة بعدما اتّهمت الولايات المتحدة ودول غربية روسيا بأنّها حشدت على حدودها مع أوكرانيا نحو 100 ألف جندي ودبابات وقطع مدفعية تحضيرا لغزو محتمل لجارتها الغربية، لكنّ السلطات الروسية نفت ذلك.
ووفقا لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، فإنّ إدارة بايدن تدرس تزويد كييف بطائرات هليكوبتر كانت مخصّصة في الأصل للجيش الأفغاني.
والخميس قال كيربي إنّ ثلثي هذه القوات الروسية أتت من مناطق عسكرية أخرى وثلثها فقط متمركز بالفعل في المنطقة، مضيفا "ما زلنا قلقين للغاية إزاء الوجود الروسي قرب الحدود مع أوكرانيا. ما زلنا قلقين للغاية إزاء ما يبدو أنّه رفض من جانبهم لإيجاد طريقة للتهدئة".
وشدّد المتحدّث باسم البنتاغون على أن الولايات المتحدة "لم تر أيّ مؤشر على تقليص هذا الوجود العسكري ونحن نراقبه من كثب".
وتأتي هذه التطورات بينما قالت المخابرات العسكرية الأوكرانية اليوم الجمعة إن الأجهزة الروسية تعكف على إعداد "استفزازات" ضد جنود روس متمركزين في إقليم ترانسدنيستريا الانفصالي في مولدوفا بهدف اتهام أوكرانيا بالمسؤولية عنها.
وذكرت في بيان أن هذه الاستفزازات قد تستهدف مخازن ذخائر مدفعية تابعة للقوات المسلحة الروسية.
وتعرضت أوكرانيا اليوم الجمعة لهجوم إلكتروني ضخم يحمل رسالة تدعو الأوكرانيين إلى "الخوف وتوقع الأسوأ".
وفي الوقت نفسه أذاع التلفزيون في روسيا التي حشدت أكثر من 100 ألف من قواتها على الحدود مع أوكرانيا، صورا لتعبئة المزيد من القوات خلال تدريبات.
وحذرت وزيرة الدفاع الألمانية كريستينه لامبرشت روسيا من العواقب في حال شنت هجوما على أوكرانيا. وقالت الجمعة في البرلمان الألماني (بوندستاغ) "ليس لروسيا حق النقض عندما يتعلق الأمر بقضايا التحالف ولا يمكنها ابتزازنا هنا أيضا"، موضحة في المقابل أنه بين الخطوط الحمراء والمناوشات العسكرية، هناك هامش كبير يجب استغلاله، مضيفة "يجب أن نستنفد كل الوسائل لتهدئة هذا الصراع".
وذكرت لامبرشت أنه يجب أن يتكاتف الناتو والاتحاد الأوروبي سويا على نحو وثيق. وقالت "أمن حلفائنا هو أمننا وكذلك في وسط وشرق أوروبا بشكل خاص"، مضيفة أن الأمن في أوروبا يواجه تحديات كبيرة.
وتابعت "الانتشار الروسي على الحدود الأوكرانية ينتهك جميع قواعد التعايش السلمي"، داعية موسكو إلى احترام القانون الدولي.
من جهته أعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الجمعة أن الاتحاد "يحشد كافة موارده" لمساعدة أوكرانيا في أعقاب هجوم معلوماتي طال مواقع الكترونية حكومية.
وأكّد بوريل أن اللجنة السياسية والأمنية بالاتحاد الأوروبي ستعقد اجتماعا عاجلا لمناقشة الهجوم والذي قال إنه "يستحق الإدانة"، موضحا للصحافيين على هامش اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي أنه تم تفعيل وحدة الاستجابة الإلكترونية السريعة بالاتحاد.
وقال "نحن نقوم بتعبئة كافة مواردنا لمساعدة أوكرانيا للتعامل مع هذا النوع من الهجمات المعلوماتية". وطُلب من كلّ حكومات الاتحاد الأوروبي المشاركة "حتى وإن كانت أوكرانيا ليست عضوا" في الاتحاد.
وتعرّض عدد من المواقع الالكترونية الحكومية في أوكرانيا الجمعة لهجوم معلوماتي كبير لم يُحدّد مصدره حسبما أعلنت السلطات، في وقت يتصاعد فيه التوتر بين كييف وموسكو.
وقالت وزيرة الخارجية السويدية آن ليندي إن الهجوم المعلوماتي هو "بالضبط نوع الأشياء التي حذّرنا منها والتي كنّا خائفين منها"، مضيفة أن الهجوم "يزيد التوترات لذلك يجب أن نكون حذرين جدا في ردّنا على روسيا".
وتابعت "إذا كان هناك هجمات على أوكرانيا، سنكون حازمين وأقوياء وصارمين في ردّنا".
وفي الجانب الروسي قال وزير الخارجية سيرغي لافروف اليوم الجمعة إن بلاده لن تنتظر إلى "ما لانهاية" من أجل التوصل إلى اتفاق أمني مع حلف شمال الأطلسي( الناتو)، مشيرا إلى أن إحراز تقدم في هذا الأمر يتوقف على الولايات المتحدة.
وقالت وكالة بلومبرغ الأميركية للأنباء إن تصريحات لافروف تعد بمثابة مواصلة للضغوط الروسية وذلك بعد أن فشلت محادثات رفعية المستوى استمرت أسبوعا مع الغرب في إحراز أي تقدم ملحوظ.
وقال لافروف في تصريحات للصحفيين من موسكو "نحن ننتظر ردود مكتوبة من زملائنا في الولايات المتحدة والناتو"، مضيفا "أود أن أؤكد في المقام الأول بأننا بحاجة إلى ضمانات ملزمة قانونا، لأن الالتزامات السياسية التي تم التعهد بها في حقبة تسعينات القرن الماضي لم يحترمها شركاؤنا الغربيون ".
ولا تزال موسكو في مسار تصادمي مع الولايات المتحدة وحلفائها بشأن حشد عشرات الآلآف من القوات الروسية بالقرب من الحدود مع أوكرانيا.
ذكرت بلومبرغ أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطا على حلفائها الأوروبيين من أجل الموافقة على فرض عقوبات محتملة ضد روسيا وذلك في ظل قلق واشنطن من التقدم البطيء في محادثاتها المستمرة مع موسكو منذ أسابيع، وتصاعد المخاوف من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يتخذ قرارا بغزو أوكرانيا في وقت قريب.
ونقلت بلومبرغ عن مصادر مطلعة على المحادثات التي جرت هذا الأسبوع قولها، إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ناقشت أيضا مع الحلفاء الأوروبيين مجموعة الإجراءات الانتقامية المحتملة التي قد تتخذها موسكو.