معبد 'أيوديا' وعزة الهندوس والحجاب وقود للانتخابات في الهند

طلاب مسلمون يعتزمون توسيع احتجاجاتهم على حظر ولاية هندية ارتداء الحجاب في المدارس والكليات، إلى العاصمة نيودلهي فيما تخشى أوساط اختبرت مثل هذه الحساسيات في السابق، أن تتطور المشاحنات ذات الطابع الديني إلى موجة عنف.
مشاحنات بسبب الحجاب تنذر بموجة عنف في الهند
أحزاب معارضة تتهم حزب بهاراتيا جاناتا بالتمييز ضد الأقلية المسلمة
مودي يدافع عن سجله مؤكدا أن سياساته تفيد جميع الهنود

كلكتا - فجر حظر ولاية هندية ارتداء الحجاب في المدارس والكليات توترات وسط مخاوف من الانزلاق إلى مربع العنف في ظل مظاهرات مؤيدة للقرار وأخرى رافضة له، فيما تشكل هذه القضية حساسية بالغة في بلد يعد أكثر من ألفي مجموعة عرقية ويتم فيها تمثيل كل دين رئيسي.

وتأتي هذه التطورات بينما يجتمع هندوس يأتون من كل أرجاء الهند للصلاة في أيوديا قرب مسجد تراثي هدمه قبل ثلاثة عقود متطرفون ما أثار أعمال شغب طائفية أدت إلى مقتل آلاف الأشخاص وستكون مسألة بناء معبد في مكان المسجد في صلب انتخابات مهمة تبدأ الخميس.

ومع تصاعد التوتر حول حظر الحجاب، تنذر أيضا تصريحات لشخصيات بارزة من حزب الشعب الهندي، بمواجهة دينية وشيكة في مدينة ماثورا القريبة من العاصمة نيودلهي مع تصاعد شحن قومي وطائفيي في صلب انتخابات مهمة في الهند فاقمت من مخاوف المسلمين.

وردد مئات الطلاب في مدينة كلكتا بشرق الهند اليوم الأربعاء هتافات وأغلقوا طرقا احتجاجا على حظر ارتداء الحجاب في ولاية كارناتاكا بجنوب البلاد مع تصاعد حدة الخلاف حول هذه القضية.

واجتذب الجدل ملالا يوسفزاي الناشطة الباكستانية المدافعة عن تعليم البنات والحائزة على جائزة نوبل للسلام والتي نجت من إطلاق النار عليها وهي في الخامسة عشرة من عمرها على يد مسلح من حركة طالبان في بلدها في عام 2012. وطالبت يوسفزاي القادة الهنود في تغريدة "بوقف تهميش المسلمات".

وذكرت وسائل إعلام محلية الأسبوع الماضي أن عدة مدارس في ولاية كارناتاكا منعت دخول الفتيات المحجبات بناء على أمر من وزارة التعليم مما أثار احتجاجات من أولياء الأمور والطالبات.

ونظم الطلاب الهندوس احتجاجات مضادة وتوافدوا على المدارس في الأيام الماضية لتأييد الحظر، مما أجبر حكومة ولاية كارناتاكا على إغلاق المدارس والكليات لمدة ثلاثة أيام لتخفيف التوتر بين الجانبين.

وفي إحدى الحوادث التي ظهرت في مقطع فيديو انتشر بشدة على الإنترنت، ظهرت طالبة ترتدي الحجاب يحيط بها شبان هندوس يهتفون بشعارات دينية أثناء محاولتها دخول مدرستها في كارناتاكا.

محللون سياسيون يرون أن اوتار براديش حاضنة للحكم الهندوسي المتشدد وأداة فاعلة في جهود حزب الشعب الهندي نحو التحول من هند علمانية إلى أمة للهندوس

وقال شاهد إن الطلاب المحتجين في كلكتا اليوم الأربعاء كانوا من المحجبات في الغالب، مضيفا أن المظاهرات لم تشهد وقوع حوادث. وقال الطلاب إنهم يعتزمون التجمع مرة أخرى غدا الخميس.

وقالت تسمين سلطانة إحدى المتظاهرات "سنواصل الاحتجاج حتى تتوقف الحكومة عن إهانة الطالبات... نريد استعادة حقوقنا الأساسية. لا يمكنكم سلب حقوقنا".

ومن المقرر تنظيم احتجاجات أخرى في العاصمة الهندية نيودلهي، ما يشير إلى احتمال توسع المظاهرات فيما تخشى أوساط اختبرت مثل هذه الحساسيات في السابق، أن تتطور المشاحنات ذات الطابع الديني إلى موجة عنف.

وقالت يوسفزاي في تغريدة في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء "منع الفتيات من الذهاب إلى المدرسة بالحجاب أمر مروع. النظرة المادية للمرأة مستمرة سواء كانت ترتدي أقل أو أكثر".

وأصدرت حكومة الولاية التي تبلغ نسبة سكانها المسلمين 12 بالمئة ويحكمها حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء ناريندرا مودي، أمرا في الخامس من فبراير/شباط يلزم جميع الطلاب بإتباع قواعد الزي المدرسي التي تحددها المدارس.

وتتهم أحزاب المعارضة حكومة حزب بهاراتيا جاناتا على المستوى الاتحادي ومستوى الولايات بالتمييز ضد الأقلية المسلمة. ودافع مودي عن سجله وقال إن سياساته الاقتصادية والاجتماعية تفيد جميع الهنود.

وهز هدم مسجد بابري المبني منذ قرون، الأسس العلمانية للدولة ومهد الطريق أمام تصاعد القومية الهندوسية بوصفها القوة السياسية المهيمنة.

وحاليا يعكف عمال على تشييد معبد هندوسي في الموقع السابق للمسجد ويخشى المسلمون من أن تؤدي الانتخابات المحلية المرتقبة في الولاية الأكبر من حيث عدد السكان إلى تكرارا لمثل تلك المحاولات في أماكن أخرى.

وقال أنيل ميشرا العضو في الصندوق المشرف على مشروع البناء "إنه ليس معبدا عاديا"، مضيفا "إنه معبد وطني يحمل مشاعر وأحاسيس الناس".

وفي منطقة مجاورة منع الدخول إليها، يردد حشد من المؤمنين أدعية للإله رام وهو من الأكثر عبادة بين الآلهة الهندوس والذي يعتقد أنه ولد في هذا الموقع قبل آلاف السنين.

ولعب حزب الشعب الهندي (بهاراتيا جاناتا) بزعامة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، دورا محوريا في الحملة ضد المسجد الذي بنته سلالة المغول المسلمة التي حكمت معظم شبه القارة الهندية قبل قرون.

ومنذ هدم المسجد في 1992، أيّد الحزب بحماسة بناء معبد للإله رام في مكانه وتجديد العديد من المواقع الدينية الأخرى.

مودي يبذل جهودا لتصوير نفسه حارسا لديانة الغالبية في الهند
مودي يبذل جهودا لتصوير نفسه حارسا لديانة الغالبية في الهند

والآن يبذل الحزب جهودا لتصوير نفسه حارسا لديانة الغالبية في الهند وضمان إعادة انتخابه في ولاية أوتار براديش، حيث سيدلي أكثر من 200 مليون شخص بأصواتهم في انتخابات ماراثونية تمتد سبعة أسابيع اعتبارا من الخميس.

ويرى محللون سياسيون أن اوتار براديش حاضنة للحكم الهندوسي المتشدد وأداة فاعلة في جهود حزب الشعب الهندي نحو التحول من هند علمانية إلى أمة للهندوس.

والوزير الأول في الولاية يوغي أديتياناث، متهم بتشجيع أعمال عنف نفذها محليون بحق مسلمي الولاية وإدخال قوانين تمييزية لتهميش هذه الفئة الدينية.

والمتشدد البالغ 49 عاما، معروف بخطبه الدينية النارية ويعد خلفا محتملا لمودي الذي يكبره بأكثر من عقدين.

وقد فرضت إدارته قانونا يجعل الزواج بين الأديان أكثر صعوبة وأغلق مسالخ يديرها مسلمون لحماية الأبقار التي يقدسها الهندوس، فيما يقول منتقدون إنه تغاضى عن أعمال عنف موجهة ضد من يُتهم بتناول لحم البقر.

ومدينة ماثورا القريبة من العاصمة نيودلهي، تعتبر على نطاق وسع بأنها مكان ولادة الإله كريشنا، ويقول هندوس متشددون إن مسجدا آخر من حقبة المغول بني جزئيا فوق معبد لذلك الإله.

وقال مساعد يوغي، كيشاف براساد موريا الشهر الماضي إن "بناء المعبد الكبير يتواصل في أيوديا الآن نستعد لماثورا"، بينما يشعر مسلمو المدينة بالغضب إزاء سنوات من التمييز خلال حكم بهاراتيا جاناتا ويخشون مما قد يحمله انتصار انتخابي جديد.

وقال المواطن محمد يمين "لقد سجنوا شبانا مسلمين بتهمة الخيانة ويمنعوننا عن تناول ما نريد وزادوا من خسارة وظائفنا بإغلاق محلات ومطاعم اللحوم".

وعانت أوترا براديش من صعوبات خلال التراجع الاقتصادي الأخير للهند، مع انتشار واسع للبطالة من جراء تداعيات جائحة كوفيد، غير أن حزب الشعب الهندي تمكن من حشد دعم فئات من الهندوس أشادوا بالحزب لإيفائه بوعد بناء معبد أيوديا.

وقال الحاج الهندوسي كوسم غوبتا (59 عاما) الذي قطع أكثر من ألف كلم لزيارة الموقع "نحنا سعداء ونأمل أن يكون بناء كبيرا".

من جهته قال تشامبات راي العضو في الصندوق المشرف على أعمال المعبد، إن البناء تتويج لـ"500 سنة من النضال" ويضاهي في أهميته القومية، استقلال الهند عن بريطانيا.

وأضاف أن المعبد سيكون "رمزا للعزة القومية واحترام الذات"، مضيفا أن هدم المسجد حطم بشكل رمزي الأغلال التاريخية لحكم المسلمين خلال سلالة المغول، معلنا أن "لا دولة أخرى في العالم تبقي رموز عبوديتها حية".

ويعمل جيش من عمال البناء على مدار الساعة منذ أن وضع مودي حجر الأساس في مراسم قبل 18 شهرا.

وأحد هؤلاء العمال ويدعى مانيكندان ويبلغ 23 عاما، قال إن "أكثر الأيام حظا" في حياته كان عندما طُلب منه المساعدة في بناء المعبد، مضيفا "كونك هندوسي، ما بوسعك أن تطلب غير ذلك؟".