ميقاتي: خطة التعافي الاقتصادي عملية انتحارية
بيروت - أكد رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي اليوم الخميس وجود صعوبات في الاتفاق على خطة للتعافي المالي المهمة لإخراج لبنان من الانهيار الاقتصادي المدمر ووصفها بأنها أشبه بالعملية الانتحارية.
وينظر إلى خطة معالجة فجوة 70 مليار دولار في النظام المالي على أنها نقطة انطلاق للمحادثات مع صندوق النقد الدولي وحيوية لإحياء النظام المصرفي الذي أصيب بالشلل.
وقال غيري رايس المتحدث باسم صندوق النقد الدولي، إن المحادثات مع لبنان التي بدأت الشهر الماضي ستنتهي هذا الأسبوع، مضيفا في إفادة صحفية بأن المحادثات "تتقدم بشكل جيد، لكن لا تزال هناك حاجة لعمل مكثف في الفترة المقبلة".
وقال ميقاتي في مؤتمر صحفي تلفزيوني بعد أن وافق مجلس الوزراء على ميزانية الدولة لعام 2022 "خطة التعافي الاقتصادي ليست سهلة. ليست سهلة. ليست سهلة وهي تستغرق كل هذا الوقت. نعتقد أنها عملية صعبة، عملية مفخخة أو انتحارية عم نعملها".
ولبنان في خضم أزمة مالية منذ أكتوبر/تشرين الأول عام 2019 عندما انهار النظام المالي تحت وطأة الديون العامة الضخمة وفقدان العملة اللبنانية أكثر من 90 بالمئة من قيمتها وهو ما دفع أغلبية السكان إلى الفقر.
وقال إن ما تناقلته وسائل الإعلام عن الخطة غير صحيح، مضيفا "نحن عندنا عدة خيارات نبحثها مع صندوق النقد الدولي"
واقترحت مسودة خطة التعافي التي أطلعت عليها رويترز الشهر الماضي إعادة 25 مليار دولار فقط من إجمالي 104 مليارات دولار من الودائع بالعملة الصعبة إلى المودعين بالدولار.
واختلفت المصارف اللبنانية التجارية والمصرف المركزي والأحزاب السياسية القوية على تقدير حجم الخسائر في خطة التعافي التي وضعتها الحكومة السابقة عام 2020 مما أدى إلى توقف المحادثات مع صندوق النقد الدولي في ذلك الوقت.
وعلى الرغم من أن الحكومة لم تلغ رسميا سعر الصرف القديم المربوط بالدولار البالغ 1500 ليرة للدولار، فإن الميزانية الجديدة تطبق سعرا أقرب بكثير من سعر دولار السوق للمعاملات الجمركية التي تبلغ حوالي 20 ألف ليرة للدولار.
ويقول محمد فاعور الأستاذ المساعد للعلوم المالية في الجامعة الأميركية في بيروت "المشكلة الرئيسية في هذه الميزانية أنها لا ترتكز على برنامج شامل للتعافي الاقتصادي"، مضيفا أن إدراج أسعار متعددة للصرف سيواصل "الإخلال بالنشاط الاقتصادي". وقد أوصى صندوق النقد الدولي بتوحيد أسعار الصرف.
وأضاف ميقاتي أن الميزانية تتوقع إنفاق 47 تريليون ليرة بعجز يبلغ نحو سبعة تريليونات بما يعادل نحو 330 مليون دولار بسعر السوق الموازي يوم الخميس.
ولم يأت ميقاتي على ذكر التوقعات بشأن نمو الناتج المحلي الإجمالي في الموازنة أو تحديد حجم العجز بالنسبة المئوية من الناتج المحلي. وقال إن هذا العجز من المقرر أن يرتفع بعد الاتفاق على خطة لمعالجة قطاع الكهرباء المتدهور.
وتلزم موافقة مجلس النواب قبل دخول الموازنة حيز التنفيذ. وقال سمير ضاهر المستشار الاقتصادي لميقاتي "الميزانية تهدف إلى تحقيق الاستقرار"
وأضاف "يبدو الأمر كما لو أن شخصا ما يسقط من الطابق السابع من مبنى وتريده أن يهبط على أقدامه وليس على رأسه. لا يزال هناك طريق طويل لنقطعه بعد الموافقة عليه".
وأشار صندوق النقد الدولي الخميس إلى إحراز تقدّم في محادثاته مع لبنان، مشدّدا في الوقت نفسه على الحاجة إلى "عمل معمّق" للتوصّل إلى اتفاق على خطة دعم تنقذ هذا البلد من أزمته الاقتصادية والاجتماعية الكارثية.
وبدأ مسؤولون لبنانيون في 24 يناير/كانون الثاني محادثات عن بُعد مع صندوق النقد الدولي للاتفاق على خطة إنقاذية تنتشل البلاد من أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها.
والخميس، قال المتحدّث باسم صندوق النقد الدولي غيري رايس خلال مؤتمر صحافي "أودّ أن أقول إنّ هذه المحادثات تتقدّم بشكل جيّد، لكنّ الفترة المقبلة تتطلّب عملا معمّقا".
وأضاف "سنواصل تعاوننا الوثيق لمساعدة السلطات على إعداد برنامج إصلاحي يهدف إلى معالجة الصعوبات الاقتصادية والمالية في لبنان".
وكانت المديرة العامّة للصندوق كريستالينا غورغييفا قالت الأسبوع الماضي إنّ المؤسسة المالية الدولية لم تدعم سوى "برنامج شامل" للبنان يعالج جميع مشاكل البلاد بما فيها الفساد.
وللمرة الأولى في تاريخها تخلّفت الدولة اللبنانية في 2020 عن سداد مستحقات ديونها السيادية.
وعلى الرّغم من التدهور الاجتماعي والاقتصادي في البلاد، لا تزال الطبقة الحاكمة تحجم عن تطبيق الإصلاحات التي اشترطها المانحون الأجانب لتقديم المساعدة.