إنشاء مجلس أعلى مؤقت للقضاء في تونس

قيس سعيد يسعى من خلال تغيير المجلس الى وضع حد لحالة الإفلات من العقاب و"تطهير" تونس من أسباب الفساد.
المرسوم الرئاسي يسمح للرئيس عزل القضاة أو الاعتراض على ترقيتهم
بضعة آلاف يحتجون رفضا لقرار سعيد تشكيل مجلس مؤقت للقضاء
حركة النهضة تحشد لتأجيج الاحتجاجات ضد قرارات الرئيس التونسي

القاهرة - أعلنت الرئاسة التونسية السبت على فيسبوك أن الرئيس قيس سعيد أصدر مرسوما يقضي باستحداث مجلس أعلى مؤقت للقضاء يحل مكان مجلس القضاء المنحل.
وكان الرئيس أعلن الأسبوع الماضي اعتزامه حل المجلس الأعلى للقضاء، معتبرا ان المجلس أصبح من الماضي وان "الولاءات وبيع المناصب" تتحكم فيه.
وقالت الرئاسة التونسية في بيان نشرته في صفحتها الرسمية على فيسبوك مساء السبت إن سعيد ختم المرسوم المتعلق باستحداث المجلس الأعلى المؤقت للقضاء.
وقالت الرئاسة التونسية ان سعيّد عقد اجتماعا مساء السبت بقصر قرطاج مع وزيرة العدل ليلى جفّال بحضور رئيسة الحكومة نجلاء بودن جدد فيه احترامه لاستقلالية القضاء.
ويمنع المرسوم القضاة من "الإضراب وكل عمل جماعي منظم من شأنه إدخال اضطراب أو تعطيل في سير العمل العادي بالمحاكم"، كما يحق للرئيس الاعتراض على ترقية القضاة أو تسميتهم.
وشدّد سعيّد "على ضرورة تطهير البلاد من كلّ ما علق بها من أسباب الفساد" وأن ذلك يقتضي إرساء قضاء عادل يتساوى فيه الجميع أمام القانون,
وأوضح الرئيس التونسي أن "من يرى الظلم سائدا ويسكت عن الحق والعدل يصير مشاركا في هذا الظلم لذلك تم حلّ المجلس الأعلى للقضاء واستبداله بآخر مؤقت لوضع حدّ لحالات الإفلات من العقاب".
وتابع سعيّد فق بيان الرئاسة أن "المحاسبة العادلة أمام قضاء عادل هو واجب مقدّس إلى جانب أنه أحد المطالب المشروعة للشعب التونسي."
ودعت حركة النهضة الاسلامية انصارها الى الاحتجاج الاحد على قرارات الرئيس. ودأبت الحركة خلال الشهور الماضية على إقامة احتجاجات منذ جمّد سعيد اعمال البرلمان في يوليو/تموز.
وسبق للرئيس التونسي ان وجه انتقادات حادة للقضاة وقال انه لن يسمح بأن تكون هناك دولة للقضاء بل هناك قضاء الدولة. وانتقد كثيرا تأخر القضاء في اصدار الاحكام في قضايا الفساد والارهاب قائلا إن هناك فسادا وإنه مصر على إصلاح القضاء.

وخرج بضعة آلاف اليوم الأحد للاحتجاج ضد قرارات الرئيس قيس سعيد وتجمعوا أمام مدينة الثقافة بشارع محمد الخامس وسط العاصمة تونس

وتأتي الوقفة بدعوة من حركة تطلق على نفسها 'مواطنون ضد الانقلاب' وتنسيقية لأحزاب معارضة تدعى 'المبادرة الديمقراطية' وبدعم من حزب حركة النهضة الإسلامية التي حثت أنصارها على المشاركة بكثافة .

وردد المحتجون في الشارع "يسقط يسقط الانقلاب" و"حريات حريات دولة البوليس وفات (انتهت)".

وقال رضا بالحاج العضو في 'حركة مواطنون ضد الانقلاب' ، في كلمة أمام المحتجين "ارتكب سعيد عدة جرائم  الأولى كانت يوم 25 يوليو/تموز بتجميد البرلمان وإطلاق محاكمات أمام القضاء العسكري، أمس ارتكب جريمة ثانية بإصدار مرسوم لحل المجلس الأعلى للقضاء حتى يغير القضاة كما يشاء ويزج بالناس في السجون ويصادر أموال رجال الأعمال باسم الصلح الجزائي".

وأضاف بالحاج "قيس سعيد خطر على تونس، سعيد سيحاسب والمجموعة من حوله ستحاسب والانقلاب سيسقط". وقال الحبيب بوعجيلة العضو في حركة 'مواطنون ضد الانقلاب'  "تونس الديمقراطية فقط هي الضمان لاستقرار جيرانها".

وقال يوسف بوزاخر رئيس المجلس الأعلى للقضاء المنحل بمرسوم رئاسي إن المرسوم الجديد غير دستوري وينهي ضمانات استقلالية القضاء لأنه لم يعد هناك فصل بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية.

وعبر رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمايدي عن خشيته من قرارات انتقامية وتعهد بتحركات لمواجهة قرارات سعيد، مضيفا "لدينا خشية كبيرة من مجزرة في القضاء بموجة إعفاءات للقضاة بطريقة أحادية... سنمضي قدما في حماية السلطة القضائية الشرعية المستقلة وسنعلن لاحقا نضالاتنا".

واتهم سعيد أستاذ القانون الدستوري السابق والمتزوج من قاضية، المجلس بالعمل لتحقيق مصالح سياسية وأعلن تشكيل مجلس بديل مؤقت للإشراف على عمل القضاة ريثما يُعد تغييرات أوسع نطاقا.

وكان يُنظر إلى القضاء على أنه من بين آخر المؤسسات التي يمكن أن تعترض على خطوات سعيد بعد أن علق عمل البرلمان في العام الماضي وقال إنه سيحكم بمراسيم.

وقال سعيد إن قرارته مؤقتة وإنها ضرورية لإنقاذ تونس من نخبة فاسدة تعمل لمصالحها الخاصة سمحت بركود الاقتصاد والحياة السياسية لسنوات ودفعت بالدولة إلى حافة الانهيار.

وفي الأسبوع الماضي، تظاهر بعض أعضاء مجلس القضاء الأعلى وقضاة آخرون وأغلقوا العديد من المحاكم بإضراب استمر يومين احتجاجا على قرارات سعيد.

وقال سعيد إنه سيحمي الحقوق والحريات التي تحققت في ثورة 2011 وإنه سيطرح دستورا جديدا في استفتاء خلال الصيف على أن تجرى انتخابات برلمانية جديدة في ديسمبر/كانون الأول.

إلا أنه في ظل أزمة تلوح بسرعة في أفق المالية العامة لتونس أبدى المانحون الغربيون، الذين سبق أن تدخلوا لإنقاذ تونس من أزماتها، قلقهم الشديد من تصرفات سعيد وقالوا إن أي عملية سياسية لابد أن تشارك فيها كل الأطراف.

وقالت نادية سالم التي شاركت في المظاهرة "ما حصل هو إتمام للانقلاب الذي سنواجهه.. تونس أصبحت ديكتاتورية ناشئة بعد أن كانت ديمقراطية ناشئة ومتميزة في المنطقة".