
روسيا تحرك قواتها صوب كييف
واشنطن/باريس - قال مسؤول عسكري أميركي كبير اليوم إن الروس يتحركون صوب العاصمة أوكرانية كييف، مضيفا أن الهجوم يستهدف السيطرة على المراكز السكانية الرئيسية، معتبرا أن التحرك الروسي ضد أوكرانيا هو مرحلة مبدئية من غزو واسع النطاق، وسط توقعات بأن الهدف هو إسقاط الحكومة الأوكرانية.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة ترى أن الغزو الروسي لأوكرانيا يهدف إلى قطع رأس الحكومة الأوكرانية، وإن أحد محاور الهجوم الرئيسية الثلاثة يتركز على العاصمة كييف.
وقال المسؤول الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته "المؤشرات التي رأيناها حتى الآن في الساعات الأولى فقط، وقبل حتى الاثني عشر ساعة الأولى، تتماشى مع تقييمنا السابق وهو أن هدف الغزو سيكون قطع رأس هذه الحكومة"، لكنه لم يقدم أدلة على هذا الاستنتاج.
وأضاف أن تحركات القوات الروسية حاليا تبدو في سياق مرحلة أولية لغزو واسع النطاق حيث تضمنت أكثر من 100 صاروخ أطلقتها روسيا، من بينها صواريخ كروز وصواريخ أرض-جو وصواريخ يتم إطلاقها من البحر.
وأوضح أنه لم يكن هناك ما يشير إلى أي هجمات برمائية من قبل القوات الروسية لكنها استخدمت نحو 75 طائرة حربية في المرحلة الأولى من الغزو.
وتابع "الأهداف حتى الآن... ركزت بشكل أساسي على الدفاعات العسكرية والجوية. لذلك تم استهداف الثكنات ومستودعات الذخيرة وحوالي 10 مطارات"، مضيفا أن الولايات المتحدة لم تتمكن بعد من تحديد حجم الخسائر البشرية أو الأضرار.
وتأكيد لتقديرات المسؤول العسكري الأميركي، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنّ القوات الروسية سيطرت على مطار عسكري على مشارف العاصمة كييف، متعهّداً باستعادته.
وقال زيلينسكي في خطاب عبر الفيديو، إنّ القوات الروسية سيطرت على المطار لكنّ القوات الأوكرانية "صدّت" إنزالا لمظلّيين في غوستوميل، حيث يقع المطار و"تلقّت الأمر بتدميرهم".
ويميل ميزان القوى العسكري الميداني بشكل كبير إلى روسيا في الهجوم الذي أطلقته الخميس على أوكرانيا، إذ تتمتع بقدرات ساحقة بالمقارنة مع جارتها التي تملك منظومة دفاع جوي ضعيفة رغم المساعدات العسكرية المتزايدة من الغرب، بحسب تقييم 'ميليتاري بالنس' الذي ينشره المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية البريطاني.
ولاحظ المستشار الخاص لمؤسسة البحوث الإستراتيجية في باريس فرنسوا إيسبور أن "الأوكرانيين في وضع استحالة عسكريا بفعل سيطرة الروس الكاملة على الأجواء".
ووصف الهجوم بأنه "أشبه بنسخة القرن الحادي والعشرين من الحروب الكبرى في أوروبا خلال القرن العشرين"، مذكّرا بأن "القوات الروسية دخلت عبر خاركيف (شرق أوكرانيا)" خلال الحرب العالمية الثانية "للالتفاف على القوات الأوكرانية من الخلف في خنادقها، فلم يعد أمام الأخيرة حل آخر سوى الاستسلام بعدما دافعت عن نفسها بشراسة".
وحشدت روسيا بحسب الغربيين ما بين 150 ألف و200 ألف جندي على حدودها مع أوكرانيا و30 ألفا آخرين في الشمال عند حليفها البيلاروسي، منها وحدات إستراتيجية مزودة بأحدث الأسلحة، تملك خبرة قتالية واسعة لمشاركتها منذ عام 2015 في النزاع في سوريا.
كما نشرت روسيا وحدات بحرية في البحر الأسود ومنعت الملاحة في بحر آزوف الذي يحد الأراضي الأوكرانية والروسية من الجنوب وبدأت الخميس بتنفيذ ضربات في عمق الأراضي الأوكرانية.
في المقابل، فإن أوكرانيا المطوّقة بدرجة كبيرة إذ لم يتبق لها سوى منفذ إلى بولندا وسلوفاكيا من الغرب والمجر ورومانيا ومولدوفا إلى الجنوب، لديها في المجموع ما يقرب من مئتي ألف مقاتل.
وعمدت هذه الجمهورية السوفييتية السابقة التي لا تزال مجهزة إلى حد كبير بمعدات سوفييتية، إلى تحديث سريع لقواتها المسلحة، مع الامتثال لمعايير حلف شمال الأطلسي (الناتو) منذ العملية العسكرية الروسية الأولى التي ضمت على إثرها روسيا شبه جزيرة القرم إلى أراضيها عام 2014.

وقدمت الولايات المتحدة لها 2.5 مليار دولار من المساعدات العسكرية منذ ذلك الحين، بما في ذلك أكثر من 400 مليون دولار عام 2021. وأقر الكونغرس الأميركي 500 مليون دولار إضافية كمساعدة للتعامل مع أي غزو روسي.
ويتولى جنود أميركيون تدريب نظرائهم الأوكرانيين على التعامل مع الأسلحة التي قدمتها واشنطن لأوكرانيا، بما فيها أسلحة صغيرة وسفن حربية وقاذفات صواريخ "جافلين" المضادة للدبابات، ما قد يحد من التوغل البري الروسي.
كما سلمت إستونيا ولاتفيا وليتوانيا قاذفات صواريخ "جافلين" المضادة للمدرعات وصواريخ "ستينغر" الأميركية المضادة للطائرات إلى كييف. كما قدمت بريطانيا التي تحتل أيضا موقعا طليعيا على صعيد حجم المساعدات العسكرية، قاذفات صواريخ "جافلين" ودربت 22 ألف جندي أوكراني منذ عام 2015.
كما أن الجيش الأوكراني الذي تقلص عديده بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، بات أكبر بكثير وأفضل تدريبا مما كان عليه عام 2014، ويمكنه الاعتماد على 900 ألف جندي احتياطي، ما ينبئ بمقاومة داخلية قوية ضد الروس.
ويمكن أن يترافق الهجوم الروسي التقليدي أخيرا مع موجة هجمات إلكترونية تستهدف البنية التحتية الإستراتيجية الأوكرانية. وتم حجب العديد من المواقع الحكومية الأوكرانية الأربعاء، بعد استهدافها سابقا في يناير/كانون الثاني. وتعزو كييف هذه الهجمات إلى جهات مشغلة روسية، وهو ما تنفيه موسكو.

وخطط الاتحاد الأوروبي لتفعيل فريق الرد السريع على الهجمات الإلكترونية من أجل مساعدة أوكرانيا.
وتمتلك روسيا 900 ألف عنصر من عناصر الخدمة الفعلية ومليوني عنصر احتياط و554 ألفا من القوات شبه العسكرية و2927 دبابة و1846 من القاذفات والطائرات المقاتلة و832 طوافة و51 غواصة.
وفي المقابل لدى أوكرانيا 196 ألف عنصر من عناصر الخدمة العسكرية الفعلية و900 ألف عنصر احتياط و101 ألف من عناصر الاحتياط و858 دبابة و187 من الطائرات القتالية و46 طوافة ولا تملك غواصات.
وفي أحدث التطورات الميدانية، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية الجنرال إيغور كوناشينكوف "بعد ضربات القوات المسلّحة الروسية، باتت 74 منشأة عسكرية برّية تابعة للبنى التحتية العسكرية الأوكرانية خارج الخدمة. ويشمل ذلك 11 مهبط طائرات لسلاح الجوّ".
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم الخميس إن قواته تقاتل لمنع القوات الروسية من الاستيلاء على محطة الطاقة النووية السابقة في تشرنوبيل.
وذكرت السلطات المحلية في أماكن أخرى أن أجزاء من منطقة خيرسون بجنوب أوكرانيا لم تعد تحت سيطرة كييف بعد أن هاجمتها القوات الروسية برا وبحرا وجوا.
وأعلن رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو الخميس فرض حظر تجوّل ليلي في العاصمة الأوكرانية بهدف الحفاظ على "أمن" السكان، بعد ساعات من بدء الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال في بيان إن "حظر التجوّل سيمتدّ من الساعة 22:00 حتى الساعة 07:00" مشيرا إلى أن وسائل النقل العام لن تعمل خلال هذه الفترة لكن محطات المترو ستبقى مفتوحة لاستخدامها كملاجئ في حال وقوع ضربات عسكرية.
وتشير تقديرات أميركية سابقة للغزو الروسي لأوكرانيا إلى أنه ووفق العدد والمعدات التي حشدتها روسيا كافية للسيطرة على كييف في 48 ساعة في حال شنت غزوا واسع النطاق.