الغرب يقصف موسكو بالعقوبات وروسيا تمطر أوكرانيا بالصواريخ

الرئيس الروسي يقول إن بلاده استعدت لحزمة عقوبات غربية، لكنه دعا رجال الأعمال الروس لإظهار الدعم والتضامن مع بلادهم.
بايدن يفرض عقوبات جديدة على موسكو وقيودا على الصادرات إلى روسيا
عقوبات أميركية على 24 فردا وكيانا بيلاروسيا لدعمهم الغزو الروسي لأوكرانيا
احتدام المعارك في أوكرانيا لصد غزو روسي على ثلاثة محاور
الصواريخ الروسية تنهمر على أنحاء أوكرانيا

واشنطن - أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن في خطاب إلى الأمة الخميس أنّ الولايات المتّحدة فرضت على موسكو عقوبات اقتصادية جديدة وأقرّت قيودا على التصدير إلى روسيا، وذلك ردّا على غزو الجيش الروسي أوكرانيا، فيما أقرّ الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بدورهما حزمة عقوبات، بينما تحتدم المعارك بين القوات الروسية والأوكرانية في أكثر من منطقة على طريق العاصمة كييف.  

وقال بايدن إنّ أربعة مصارف روسية إضافية ستدرج على قائمة العقوبات كما سيتمّ حرمان روسيا من أكثر من نصف وارداتها من المنتجات التكنولوجية المتطورة، معتبرا أنّ هذا "سيكبّد الاقتصاد الروسي تكاليف باهظة، على الفور وعلى المدى البعيد في آن واحد".

وتابع "نضيف أيضا أسماء إلى قائمة النخب الروسية وأفراد أسرهم الخاضعين للعقوبات".

وإثر الخطاب أجاب الرئيس الأميركي على أسئلة الصحافيين، مؤكّدا أنّ فرض عقوبات على بوتين شخصيا هو أيضا خيار "وارد"، من دون المزيد من التفاصيل.

وردّاً على سؤال عن مطلب كييف المتمثل بإخراج موسكو من منظومة سويفت للتعاملات المصرفية، الأداة الأساسية في النظام المالي العالمي، قال بايدن إنّ هذه الخطوة لا تزال "خيارا" لكنّ الأوروبيين منقسمون حولها.

وقال "حاليا ليس هذا موقفا مشتركا" بين الأوروبيين، مؤكّداً أنّ العقوبات المالية الأخرى التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها الخميس على روسيا سيكون لها "التأثير نفسه لا بل تأثير أكبر" من خيار إقصاء موسكو من سويفت، مجددا التأكيد على أنّ الولايات المتحدة لا تتحرّك بمفردها في هذه القضية.

وقال "سنحدّ من قدرة روسيا على القيام بأعمال تجارية بالدولار واليورو والجنيه الإسترليني والين"، مؤكّدا أن بوتين سيصبح "منبوذا على الساحة الدولية".

وعلى اثر خطاب بايدن أعلنت وزارة الخزانة الأميركية حزمة العقوبات على 24 فردا وكيانا في بيلاروسيا، متهمين بدعم ومساعدة موسكو في اجتياح أوكرانيا.

وقالت في بيان إن هذه العقوبات تستهدف مصارف وشركات دفاع وأمن ومسؤولين في مجال الدفاع في الحكومة البيلاروسية، إضافة إلى قريبين من الرئيس الكسندر لوكاشنكو. وتطاول كذلك "قطاع الدفاع والمؤسسات المالية في بيلاروس وهما مجالان ترتبط فيهما بيلاروس بعلاقات وثيقة مع روسيا".

ووافق قادة الاتحاد الأوروبي من جهتهم على فرض عقوبات جديدة على قطاعات الخدمات المالية والطاقة والنقل في روسيا وفرض قيود على الصادرات، بالإضافة إلى إدراج المزيد من الروس على قوائم سوداء على خلفية غزو موسكو لأوكرانيا.

وقال بيان صادر عن اجتماع زعماء دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل "المجلس الأوروبي يوافق اليوم (الخميس) على المزيد من الإجراءات التقييدية التي من شأنها إنزال عواقب وخيمة وحادة على روسيا بسبب تصرفها".

وقال البيان "تشمل هذه العقوبات القطاع المالي وقطاعي الطاقة والنقل والسلع ذات الاستخدام الثنائي في المجالات المدنية والعسكرية وكذلك ضوابط تخص التصدير وتمويل الصادرات وسياسة التأشيرات والقوائم الإضافية للأفراد الروس ومعايير الإدراجات الجديدة".

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان اليوم الخميس إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحتاج قبل أن يوجه تهديدات بشأن استخدام أسلحة نووية أن يفهم أن حلف شمال الأطلسي هو تحالف نووي أيضا.

وردا على سؤال حول ما إذا كان تهديد بوتين "بمثل هذه التبعات التي لم تواجهها من قبل في تاريخك" يرقى إلى مستوى التهديد باستخدام الأسلحة النووية في الصراع الأوكراني، قال لو دريان، إنه مفهوم على هذا النحو، مضيفا على التلفزيون الفرنسي تي.اف1 "نعم.. أعتقد أن فلاديمير بوتين يجب أن يفهم أيضا أن حلف الأطلسي هو تحالف نووي. هذا كل ما سأقوله في ذلك الشأن".

بدورها فرضت بريطانيا الخميس سلسلة جديدة من العقوبات على روسيا ردا على غزوها أوكرانيا، فحظرت شركة ايروفلوت للطيران واستهدفت القطاع المصرفي وصادرات التكنولوجيا وخمسة رجال أعمال.

وقال رئيس الوزراء بوريس جونسون "لن يتمكن بوتين أبدا من غسل يديه من دماء أوكرانيا"، معلنا "رزمة من العقوبات الاقتصادية هي الأكبر والأشد التي تتعرض لها روسيا".

وتابع "سيقف بوتين مدانا بنظر العالم والتاريخ"، مضيفا "لطالما كان بوتين مصمما على مهاجمة جارته مهما فعلنا"، واصفا إياه بأنه "معتد يداه ملطّختان بالدماء".

وقال مسؤولون بريطانيون إن تجميد الأصول سيطال أكثر من مئة كيان روسي لا سيما مصرف "في.تي.بي" ومجموعة "روستيك" العسكرية العملاقة.

وتعتزم بريطانيا إصدار تشريعات تمنع الدولة الروسية من جمع الأموال في لندن وتحظر تصدير تجهيزات "ثنائية-الاستخدام" (أي يمكن استخدامها لأغراض مدنية وعسكرية).

كذلك ستصدر قوانين تحدد سقفا للأموال الروسية التي يمكن إيداعها في حسابات في المصارف البريطانية.

والحكومة البريطانية وعلى الرغم من اتّخاذها موقفا متشددا في مواجهة موسكو في هذه الأزمة، متّهمة بالتعامي منذ سنوات عن مصادر الأموال الروسية المتدفّقة على لندن.

لكن لندن تعتزم الإسراع في إقرار قانون حول الجرائم الاقتصادية لكشف هويات المالكين الحقيقيين للأصول الروسية في بريطانيا.

وعقب اجتماع طارئ لقادة مجموعة السبع عُقد عبر الفيديو أكد جونسون أن الحلفاء يبحثون في استبعاد روسيا من جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك "سويفت".

وأفادت صحيفة فايننشل تايمز بأن ألمانيا مترددة في المضي قدما في هذه الخطوة، ما دفع المسؤولين البريطانيين إلى الإقرار بأن الخطوة لا تزال قيد الدرس.

والثلاثاء أعلن رئيس الوزراء البريطاني أن بلاده ستفرض عقوبات على خمسة مصارف روسية وثلاثة من أصحاب الثروات.

وقال جونسون إنه سيتم تجميد أي أصول يملكها رجال الأعمال غينادي تيموشينكو وبوريس روتنبرغ وإيغور روتنبرغ، كما سيتم حرمانهم من دخول الأراضي البريطانية.

وقال مصدر دبلوماسي بريطاني "إنهم أشخاص يتّبعون نمط حياة عالميا، مضيفا "يقصدون متاجر هارودز للتسوق، ينزلون في أفضل ما لدينا من فنادق متى أرادوا، ويرسلون أولادهم إلى أهم مدارسنا، وهذا سيتوقف".

وتابع "هؤلاء هم بشكل أساسي أشخاص غير مرغوب بهم في أي من العواصم الأوروبية الكبرى".

وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس أنّ بلاده لم يكن أمامها "أي سبيل آخر" للدفاع عن نفسها سوى شنّ هجوم عسكري على جارتها أوكرانيا، في وقت يواصل فيه الجيش الروسي منذ فجر الخميس اجتياح الجارة الشرقية.

وقال بوتين خلال اجتماع عقده في الكرملين مع رجال أعمال وبثّه التلفزيون إنّ "ما يجري حالياً هو إجراء قسري لأنّهم لم يتركوا لنا أيّ سبيل آخر للتحرك بشكل مختلف".

وأضاف أنّ "المخاطر الأمنية التي نشأت أصبح معها من المستحيل الردّ بطريقة أخرى"، ملقيا باللوم على تعنّت كييف والغرب بشأن المطالب الأمنية التي قدّمتها بلاده وفي مقدّمها تعهّد من حلف شمال الأطلسي بعدم انضمام أوكرانيا إليه في المستقبل.

واعتبر الرئيس الروسي أنّه "كان بإمكانهم تعريضنا لمثل هذه المخاطر لدرجة لا نعود معها نعرف كيف يمكن للبلاد أن تنجو"، مؤكدا من جهة ثانية أنّ بلاده لا تريد تقويض النظام الاقتصادي العالمي ولا أن تُستبعد منه، في وقت تسبب غزوه لأوكرانيا باضطرابات كبيرة في الأسواق وأصبحت بسببه موسكو معرّضة لعقوبات مدمرة.

وقال الرئيس الروسي إنّ بلاده "استعدّت" لعقوبات جديدة ضدّ اقتصادها، داعيا رجال الأعمال إلى إظهار "التضامن" مع الحكومة الروسية.

وتقاتل القوات الأوكرانية اليوم الخميس للتصدي لغزو روسي على ثلاثة محاور بعد أن شنت موسكو هجوما برا وبجرا وجوا هو الأكبر على دولة أوروبية منذ الحرب العالمية الثانية.

وبعد أن أعلن بوتين الحرب في خطاب بثه التلفزيون قبل الفجر، تردد دوي الانفجاريات والقذائف طوال النهار في العاصمة الأوكرانية كييف التي يقطنها نحو ثلاثة ملايين نسمة.

وانهمرت صواريخ على أهداف روسية وأبلغت السلطات الأوكرانية عن تدفق مجموعات من القوات عبر حدودها من روسيا وروسيا البيضاء من الشمال والشرق وإنزال عن طريق البحر من البحر الأسود وبحر آزوف على السواحل الجنوبية.

ووضع هذا الهجوم حدا لمساع دبلوماسية استمرت أسابيع دون أن تسفر عن أي نتيجة قام بها قادة غربيون لتجنب الحرب التي يخشون أن تحقق أسوأ مخاوفهم بسبب طموحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وذكرت وكالة نور نيوز شبه الرسمية أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قال لنظيره الروسي في اتصال هاتفي اليوم الخميس إن توسع حلف شمال الأطلسي يمثل "تهديدا خطيرا" لأمن المنطقة واستقرارها.

ونقلت عن رئيسي قوله عقب الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا "توسع الحلف شرقا يخلق توترا ويشكل تهديدا خطيرا لاستقرار وأمن الدول المستقلة في عدة المجالات"، مضيفا "آمل أن يفيد ما يحدث الشعوب والمنطقة بأسرها".

ودعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأوكرانيين للدفاع عن بلادهم وقال إن كل من لديه الاستعداد للقتال سيحصل على السلاح.

وقال زيلينسكي "ما سمعناه اليوم ليس مجرد صوت انفجار صواريخ وقتال وأصوات طائرات. ما سمعناه كان صوت سقوط ستار حديدي جديد، أبقى روسيا بعيدة عن العالم المتحضر"، مضيفا "مهمتنا الوطنية هي التأكد من أن هذا الستار الحديدي لم يسقط في محيط أرضنا". وبحلول الليل، غلف الضباب صورة الأحداث على الأرض.

وقالت وزارة الدفاع الروسية إنها دمرت 83 هدفا بريا أوكرانيا وحققت كل أهدافها وفقا لما نقلته وكالة إنترفاكس للأنباء.

وقال مستشار في مكتب الرئاسة الأوكرانية إن القوات الروسية سيطرت على مفاعل تشرنوبل على بعد نحو 90 كيلومترا فقط إلى الشمال من العاصمة ومطار هوستوميل في منطقة كييف حيث تم في وقت سابق إنزال قوات مظلية.

وتدور معارك شرسة في مناطق سومي وخاركيف في الشمال الشرقي وخيرسون وأوديسا في الجنوب.

واختنق الطريق السريع المؤدي لخارج كييف صوب الغرب بازدحام مروري حاد رغم أنه مؤلف من خمس حارات مع محاولة السكان الفرار.

قال أحد سكان خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا وأقرب مدينة كبيرة إلى الحدود الروسية، إن نوافذ المباني السكنية كانت تهتز من جراء الانفجارات المتواصلة.

وأمكن سماع دوي انفجارات في ماريوبول الساحلية في الجنوب الشرقي قرب خط أمامي في منطقة يسيطر عليها انفصاليون تدعمهم روسيا في شرق أوكرانيا. وحزم مدنيون في ماريوبول أمتعتهم وقالت امرأة "سنختبئ".

وقال سفير أوكرانيا لدى الولايات المتحدة إن تقارير وردت عن مقتل 40 جنديا وعشرات المدنيين لكن المعلومات لا تعكس آخر التطورات.

وقالت السلطات المحلية في منطقة أوديسا جنوب غرب أوكرانيا إن 18 قتلوا في هجوم صاروخي. كما ذكرت السلطات في بروفاري القريبة من كييف أن ستة على الأقل قتلوا.

وقال الجيش الأوكراني إنه دمر أربع دبابات روسية على طريق قرب خاركيف وقتل 50 جنديا قرب مدينة في منطقة لوهانسك وأسقط ست طائرات حربية روسية في الشرق.

ونفت روسيا تعرض مقاتلات أو مركبات مدرعة للتدمير. وزعم الانفصاليون المدعومون من روسيا أنهم أسقطوا مقاتلتين أوكرانيتين.

وعلى الرغم من أن غزوا شاملا يجري حاليا، فإن الهدف النهائي لبوتين لا يزال غامضا، فقد قال إنه لا يعتزم القيام باحتلال عسكري لكنه يهدف فقط لنزع سلاح أوكرانيا وتطهيرها من القوميين.

والضم المباشر الصريح لمثل تلك المساحة الشاسعة من دولة معادية ربما يتخطى قدرات الجيش الروسي.

وروسيا من أكبر منتجي الطاقة في العالم، وهي وأوكرانيا من بين أكبر المصدرين للحبوب في العالم. ومن شأن الحرب والعقوبات أن تعرقل مسار الاقتصاد حول العالم الذي يشهد بالفعل أزمة إمدادات تسببت فيها الجائحة.

وهوت الأسهم وعائدات السندات بينما شهد الدولار والذهب ارتفاعات حادة. وزاد خام برنت متخطيا المئة دولار للبرميل للمرة الأولى منذ 2014.