النقد الدولي ولبنان يتفقان مبدئيا على خطة تمويل بـ3 مليارات دولار
واشنطن - توصل صندوق النقد الدولي مع السلطات في لبنان لاتفاق مبدئي على خطة تمويل بقيمة ثلاثة مليارات دولار على أربع سنوات لمساعدة البلاد الغارقة في انهيار اقتصادي وقد يمهد الاتفاق في حال الموافقة النهائية من قبل ادارة الصندوق، الطريق للافراج عن قروض ومساعدات بمليارات الدولارات.
ويعتبر الاتفاق المبدئي أول انجاز مهم في سياق جولات محادثات سابقة بين الجانب اللبناني ووفد عن صندوق النقد الدولي.
وقال راميريز ريغو الذي ترأس وفد صندوق النقد الدولي إلى لبنان في بيان اليوم الخميس، إنه في حال تمت الموافقة على الخطة من قبل إدارة الصندوق ومجلس إدارته، ستندرج المساعدة المرسلة إلى لبنان في إطار "دعم خطة السلطات الإصلاحية لإعادة النمو والاستقرار المالي".
وتبقى الموافقة النهائية من قبل إدارة الصندوق ومجلس إدارته رهنا بـ"تنفيذ جميع الإجراءات المسبقة وتأكيد الدعم المالي للشركاء الدوليين".
أضاف راميريز ريغو أن "سنوات عدة من سياسات الاقتصاد الكلي غير المستدامة" أدت إلى الأزمة التي بلغت ذروتها في 2020 عندما تخلف لبنان عن سداد ديونه السيادية للمرة الأولى في تاريخه.
وخسرت العملة اللبنانية نحو 90 بالمئة من قيمتها في السوق السوداء وبات أربعة من كل خمسة لبنانيين الآن يعيشون تحت خط الفقر، بحسب الأمم المتحدة، في أزمة فاقمها تضخم تجاوزت نسبته 100 بالمئة.
وقال ريغو إن "لبنان يواجه أزمة غير مسبوقة أدت إلى انكماش اقتصادي هائل وزيادة كبيرة في الفقر والبطالة والهجرة".
ويُنظر إلى الاتفاق مع الصندوق على نطاق واسع على أنه أمر حيوي للبنان كي يشرع في الخروج من انهيار اقتصادي ومالي شل مناحي الحياة به منذ عام 2019، مما أدى إلى تجميد ودائع المدخرين وانهيار قيمة العملة وتسبب في ارتفاع نسبة الفقر، في أسوأ أزمة يشهدها لبنان منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها من 1975 إلى 1990.
وقال صندوق النقد في بيان إن اتفاق التمويل الممتد سيستمر على مدى 46 شهرا وإن لبنان طلب الحصول على ما يوازي نحو ثلاثة مليارات دولار.
لكن الاتفاق يتوقف على إجراء لبنان لإصلاحات تشمل خطوات فشل زعماؤه السياسيون في تنفيذها منذ اندلاع الأزمة.
وبينما أشاد القادة اللبنانيون بالاتفاق المبدئي وقالوا إنهم مستعدون لإنجاحه، شكك محللون فيما إذا كان بإمكان الساسة تنفيذ ذلك بعد جمود دام أكثر من عامين.
وقال الصندوق إن السلطات اللبنانية وافقت على تنفيذ ثمانية إجراءات إصلاحية قبل أن ينظر مجلس صندوق النقد ما إذا كان سيوافق على الاتفاق.
وتشمل هذه الإجراءات خطة للتصدي للخسائر الفادحة في النظام المالي الذي انهار عام 2019 بسبب الديون العامة الهائلة التي تراكمت بسبب فساد وهدر على مدى عقود.
وقال الصندوق إن مجلس الوزراء يجب أن يوافق على إستراتيجية إعادة هيكلة القطاع المصرفي "تعترف بالخسائر الكبيرة في القطاع وتعالجها مقدما، بينما تحمي صغار المودعين وتحد من اللجوء إلى الموارد العامة".
كما يتعين على الحكومة الموافقة على "إستراتيجية إعادة هيكلة المالية العامة والديون وهي ضرورية لاستعادة القدرة على تحمل الديون". وتخلف لبنان عن سداد ديونه السيادية، من بينها سندات دولارية قيمتها 31 مليار دولار، في مارس/آذار 2020.
كما شملت الإجراءات موافقة البرلمان على تعديل قانون السرية المصرفية واستكمال تدقيق وضع الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي "والشروع في تقييم مدعوم من الخارج لأكبر 14 بنكا كل على حدة".
وأكد الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي في تغريدة على حساب الرئاسة على تويتر على "التعاون بشكل وثيق لضمان التطبيق السريع للإجراءات المتفق عليها بما في ذلك إقرار التشريعات الضرورية الهادفة إلى إنجاح هذا البرنامج، بالتعاون مع مجلس النواب".
وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري إن المجلس مستعد للعمل "بجدية كبيرة" لإنجاح البرنامج.
وقال توفيق كسبار المستشار السابق في صندوق النقد الدولي ووزارة المالية اللبنانية إنه حتى لو تم تنفيذ نصف الإصلاحات "فسيلقى ذلك صدى طيبا بين اللبنانيين".
لكنه أضاف أن الإجراءات "ستشكل مصدر قلق رئيسيا للسلطات لأنه يتعين عليها تنفيذ العديد من الإصلاحات حتى قبل عرض الاتفاق على مجلس إدارة صندوق النقد الدولي".
وتابع "هذا تحد سياسي كبير والقائمة الطويلة للإصلاحات الجوهرية التي ينبغي تنفيذها حتى قبل تقديم الاتفاق إلى مجلس الإدارة تعكس حقا انعدام الثقة في السلطات".
ومن المقرر إجراء الانتخابات التشريعية في 15 مايو/أيار وبعدها سيتعين تشكيل حكومة جديدة وهي عملية تستغرق عادة عدة أشهر في لبنان ومن المحتمل أن يشكل ذلك عقبة أخرى أمام تنفيذ الاتفاق.
واستفحلت الأزمة من جراء جائحة كوفيد والحرب في أوكرانيا إضافة إلى انفجار مرفأ بيروت في أغسطس/أغسطس 2020.
وسُيفرَج عن مبالغ المساعدات في إطار "تسهيل الصندوق الممدد"، ولكن بعد أن يوافق البرلمان اللبناني على ميزانية عام 2022 وعلى قانون جديد للسرية المصرفية لمحاربة الفساد.
وسيتطلب ذلك أيضا موافقة الحكومة على برنامج لإعادة هيكلة الدين مع "مشاركة كافية من الدائنين لاستعادة القدرة على سداد الدين وسد فجوات التمويل".
وأكد ريغو أن المسؤولين "عبروا عن التزامهم القومي بهذا البرنامج الإصلاحي ومواصلة التنفيذ الحازم خلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة"