أردوغان يؤكد وبغداد تنفي دعم عملية تركيا العسكرية في شمال العراق

رئيس حكومة إقليم كردستان العراق يدعو متمردي حزب العمال الكردستاني لمغادرة أراضي الإقليم وأن يبحثوا عن حل لمشاكلهم بعيدا.
أردوغان يقول إن العملية العسكرية تجري بتعاون مع العراق
محللون يعتقدون أن العراقيين سعداء بالجهود التركية ضد العمال الكردستاني

بغداد/اسطنبول - نفت بغداد مساء الأربعاء صحة ما ورد على لسان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من العراق يدعم العملية العسكرية التركية في شماله ضد متمردي حزب العمال الكردستاني. واستنكرت وزارة الخارجية العراقية ما وصفته بـ"الإدعاء المحض".

ونقلت وكالة الأنباء العراقية عن أحمد الصحاف المتحدث باسم الخارجية قوله إنّ "ما يعلن عنه الجانب التركي مرارا بأن هنالك تنسيقا واتفاقا مع الحكومة العراقية بهذا الشأن لا صحة له وهو ادعاء محض".

وأكدت وزارة البشمركة في إقليم كردستان العراق بدورها أن قواتها "لم تشارك أبدا في هذه العمليات ولم تحرك قواتها"، مؤكدة على "ضرورة احترام سيادة إقليم كردستان والعراق".

وقال أردوغان الأربعاء في وقت سابق إن الحكومة المركزية في بغداد تدعم الحملة العسكرية التي تشنها تركيا ضد مقاتلين أكراد في شمال العراق، في تصريح يتناقض مع التنديد والاحتجاج العراقي الرسمي على تلك العمليات.

وتأتي تصريحات أردوغان غداة استدعاء بغداد السفير التركي لديها لإبلاغه احتجاجا رسميا على الحملة العسكرية التي أطلقتها تركيا مؤخرا.

وكانت القوات المسلّحة التركية قد أفادت بمقتل اثنين من جنودها وعشرات المتمردين الأكراد منذ أن بدأت الأحد حملة عسكرية جديدة في شمال العراق هي الثالثة منذ العام 2020.

وقال أردوغان خلال اجتماع لنواب حزبه إن بغداد وقادة المنطقة الكردية المتمتّعة بحكم ذاتي وعاصمتها أربيل يدعمون الحملة العسكرية التي تشنها تركيا برا وجوا، مضيفا "أشكر الحكومة المركزية في العراق والإدارة الإقليمية على دعمهما للمعركة التي نخوضها ضد الإرهاب".

وتابع "أتمنى التوفيق لجنودنا الأبطال المنخرطين في هذه العملية التي نخوضها بتعاون وثيق مع الحكومة العراقية المركزية والإدارة الإقليمية في شمال العراق".

ويعرب محلّلون عن اعتقادهم بأن قادة العراق وعلى الرغم من تقدّمهم باحتجاجات رسمية سعداء في قرارة أنفسهم بالجهود التي تبذلها تركيا لمعاقبة مقاتلي حزب العمال الكردستاني.

وتصنّف أنقرة وحلفاؤها الغربيون حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية، فيما يشن تمرّدا ضد الدولة التركية منذ العام 1984 أوقع عشرات آلاف القتلى.

لكن مسؤولين في بغداد يبدون علنا استياءهم إزاء الحملة العسكرية التركية في المنطقة الجبلية في شمال العراق.

والثلاثاء أعلنت وزارة الخارجية العراقية في بيان أنها سلّمت السفير التركيّ علي رضا كوناي "مُذكّرة احتجاج شديدة اللهجة" داعية تركيا إلى "الكفّ عن مثل هذه الأفعال الاستفزازيّة، والخروقات المرفوضة".

وأشارت إلى أن الحكومة العراقيّة تجدد مطالبتها بانسحاب كامل القوّات التركيّة من الأراضي العراقيَّة بنحو يعكسُ احتراما مُلزما للسيادة الوطنية.

وتابعت "إن العراق يمتلك الحقّ القانوني لاتخاذ الإجراءات الضروريّة والمناسبة وفقا لأحكام ميثاق الأمم المُتحدة وقواعد القانون الدوليّ إزاء أعمال عدائيّة وأُحادية الجانب كهذه، إذ تجري دون التنسيق مع الحكومة العراقية"، مضيفة أنّ "توظيف المادة 51 من ميثاق الأُمم المتحدة في حالات الاعتداء التي تقوم بها القوات التركية، لا يستند إلى أُسس قانونية، فالمادةُ المذكورة لا تُجيزُ إنتهاك سيادة بلد مستقل".

ولفتت إلى أنَّ "تواجد معظم عناصر حزب العمال الكردستانيّ في شمال العراق قد جاء نتيجة لاتفاق بين الحكومة التركيّة والحزب المذكور بالتزامنِ مع رفض واحتجاج العراق لما نراه من تصدير لتحد داخلي تُركي إلى أراضي العراق".

ووفق البيان "لكل ما تَقَدَّم فإنّ انتهاك سيادة العراق لن يكون أرضية مناسبة لإيجاد حلول تشاركية ومستدامة للتحديات الأمنيّة التي تضعُ أولويّة زيادة التعاون الأمني بين الجانبين، سبيلا ناجعا لتحقيق المصالح المرجوّة ومواجهة التحديات".

وتأتي هذه التطورات بينما يعيش العراق أزمة سياسية على خلفية الانسداد الحاصل في تشكيل الحكومة وانتخاب رئيس للجمهورية ومن شأن الاعتداءات التركية أن تفاقم الأزمة الداخلية حيث تشكل شاغلا أمنيا إضافيا في توقيت سياسي حساس. 

وتأتي تصريحات الرئيس التركي كذلك بينما دعا رئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني اليوم الأربعاء، حزب العمال الكردستاني لمغادرة أراضي الإقليم، واصفا العلاقات بين أربيل وأنقرة بأنها علاقات "طبيعية".

وقال بارزاني خلال استضافته في معهد تشاتام هاوس في بريطانيا "نحن منذ بداية تسعينات القرن الماضي لدينا مؤسسات رسمية من حكومة وبرلمان وحزب العمال جاء إلى مناطقنا ولا يحترم الكيان الدستوري للإقليم".

وتابع "بدلا من أن يقاتلوا على أراضيهم جاؤوا إلينا. نحن بذلنا قصارى جهدنا لحل هذه المسألة، لكن استمرار هجمات الحزب وتركيا انعكس تأثيره علينا".

وأوضح رئيس حكومة إقليم كردستان أن هناك حاليا 800 قرية لم يعد ممكنا للسكان العودة إليها بسبب الصراع المسلح بين تركيا والعمال الكردستاني.

وخلص إلى القول بأن أفضل خيار هو أن يغادر حزب العمال أراضي الإقليم وأن يبحث عن حل لمشاكله بعيدا عن الإقليم، مشددا على أن حكومته لا تعتقد أن العنف سيفضي إلى حل للمشاكل وأن الحوار هو السبيل الوحيد لتسوية سلمية.