الدوحة وبروكسل تعملان على كسر الجمود في محادثات فيينا
طهران - تشير زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد لطهران بالتزامن مع وجود منسّق الاتحاد الأوروبي لمباحثات فيينا انريكي مورا في العاصمة الإيرانية إلى هدف مشترك بين الدوحة وبروكسل وهو محاولة إعطاء دفعة قوية لجهود إحياء الاتفاق النووي للعام 2015 ومحاولة لكسر الجمود في محادثات فيينا المتعثرة والتي يخشى شركاء الاتفاق من انهيارها في ظل عناد إيراني وتصلب أميركي حيال بعض المشاكل التي لا تزال عالقة رغم تأكيدهما أنهما قريبتان من إعلان صيغة تفاهم يعودان بموجبهما لخطة العمل المشتركة.
وأكد الاتحاد الأوروبي وقطر التي يزور أميرها طهران، العمل على الدفع قدما بمباحثات إحياء الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني المتعثّرة منذ أسابيع في ظل التباين بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة.
لكن مصدرا دبلوماسيا فرنسيا أبدى تشاؤمه حيال قدرة طهران وواشنطن على حل المشكلة الثنائية بينهما سريعا، مضيفا أن إحياء الاتفاق النووي للعام 2015 ما زال ممكنا.
وتابع في تصريح للصحفيين قبل اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في ألمانيا أن اعتقال إيران لمواطنين فرنسيين كان بمثابة استفزاز وأن طهران ستخطئ باستغلال عامل الوقت لإحياء الاتفاق النووي.
والتقى الشيخ تميم بالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الخميس في طهران، تزامنا مع تواجد منسّق الاتحاد الأوروبي لمباحثات فيينا انريكي مورا في العاصمة الإيرانية حيث التقى كبير المفاوضين علي باقري على مدى يومين.
وأتت زيارة أمير قطر وهي الأولى له إلى طهران منذ أكثر من عامين، في ظل جمود تشهده المباحثات التي بدأت في فيينا قبل أكثر من عام وحققت تقدما كبيرا لم ينجح في حل كل النقاط العالقة.
ويشكّل هذا الملف منذ مدة أحد المجالات التي تنشط فيها دبلوماسية الدوحة المرتبطة بعلاقات وثيقة مع العدوين طهران وواشنطن.
وقال الشيخ تميم "في ما يتعلق بالمفاوضات التي تحدث في فيينا، قطر دائما تنظر لها بإيجابية لأن الحل الوحيد لأي خلاف نراه هو بالطرق السلمية وبالحوار" وذلك في مؤتمر صحافي مشترك بعد لقائه رئيسي في مجمع قصر سعدآباد بشمال طهران.
وأضاف "نحن ندفع إن شاء الله للأمام جميع الأطراف" بهدف التوصل إلى تفاهم يكون "عادلا للجميع". ولم يتطرق رئيسي في تصريحاته بشكل مباشر إلى مباحثات الاتفاق النووي المبرم عام 2015، لكنه حذّر من التدخل الأجنبي في الشؤون الإقليمية.
واعتبر أن حل "القضايا الإقليمية يجب أن يتم من خلال المسؤولين في المنطقة وأن أي تدخل من قبل الدول الغربية والأجنبية سيضرّ الأمن الإقليمي".
ومنذ أبريل/نيسان 2021، بدأت إيران والقوى المنضوية في اتفاق 2015 (فرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين)، مباحثات في فيينا شاركت فيها بشكل غير مباشر الولايات المتحدة التي انسحبت أحاديا من الاتفاق عام 2018 في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب.
وتهدف المفاوضات إلى إعادة واشنطن لمتن الاتفاق ورفع عقوبات فرضتها على طهران بعد انسحابها، مقابل امتثال الأخيرة مجددا لالتزاماتها التي تراجعت عنها بعد الخطوة الأميركية.
وعلّقت المباحثات رسميا في مارس/اذار مع تأكيد المعنيين أن التفاهم بات شبه منجز، لكن مع تبقّي نقاط تباين بين واشنطن وطهران، أبرزها طلب الأخيرة شطب اسم الحرس الثوري من القائمة الأميركية للمنظمات "الإرهابية" الأجنبية.
وتأتي زيارة أمير قطر لطهران مع استضافة العاصمة للدبلوماسي مورا الذي التقى الخميس كبير مفاوضي إيران علي باقري لليوم الثاني تواليا، وفق الإعلام الرسمي الإيراني.
وفي حين لم تقدّم وسائل الإعلام المحلية تفاصيل بشأن فحوى مباحثات الجانبين، سبق لمسؤولين أوروبيين أن ألمحوا إلى أن هذه الزيارة وهي الثانية لمورا إلى طهران منذ تعليق المباحثات، قد تكون بمثابة الفرصة الأخيرة لإبرام تفاهم.
وشدد المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية بيتر ستانو الخميس على أن دور المنسّق "هو القيام بكل ما يمكن لإنقاذ هذا الاتفاق"، مضيفا للصحافيين اليوم أن مورا يزور "طهران تحديدا لدفع المباحثات قدما والتمكن من العودة إلى فيينا وانجازها بطريقة إيجابية".
وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده أشار الاثنين إلى أن "زيارة السيد مورا تجعل المفاوضات تتقدّم في الاتجاه الصحيح"، لكن ذلك "لا يعني أنه يحمل رسالة جديدة بعد توقّف" المفاوضات، كون الرسائل "يتمّ تبادلها باستمرار بين إيران والولايات المتحدة، عن طريق الاتحاد الأوروبي"، مشددا على أن التباين بين واشنطن وطهران لا ينحصر "بموضوع واحد، مثل موضوع الحرس الثوري".
وتشدد طهران على ضرورة أن تتخذ واشنطن القرارات "السياسية" التي تتيح انجاز التفاهم لإحياء اتفاق العام 2015 الذي أتاح رفع عقوبات اقتصادية عن طهران في مقابل تقييد أنشطتها النووية وضمان سلميتها.