لغز متلازمة حرب الخليج يتكشف

علماء أميركيون يتمكنون اخيرا من تفسير أعراض غامضة لاحقت آلاف الجنود المشاركين في حرب الخليج مطلع التسعينات.

واشنطن - توصل علماء أميركيون اخيرا للسر وراء الحالة المرضية التي تعرض لها الآلاف من الجنود الأميركيين الذين شاركوا في حرب الخليج عام 1991، والتي كانت سببا في ظهور أعراض غامضة عليهم.

وطوال 30 عاما، حيرت أعراض غريبة تتضمن الوهن والإنهاك أصابت الجنود واليوم يسلط باحثون الضوء على ما أطلق عليه اسم "متلازمة حرب الخليج". 

وأرجع العلماء، في دراسة جديدة، تلك الحالة المرضية إلى غاز الأعصاب السارين الذي أُطلق في الهواء عند قصف مخابئ الأسلحة الكيماوية العراقية.

وأشرف على الدراسة بروفيسور الأمراض الباطنية ومدير قسم علم الأوبئة في مركز "UT Southwestern" الطبي، روبرت هايلي.

وعبر تحليل جيني، أكد العلماء أن غاز السارين للأعصاب كان المسؤول عن تلك الأعراض، وأشاروا إلى أن الجنود الذين كانوا قد تعرضوا للغاز السام، عانوا من "مرض حرب الخليج"، كما كشفوا أن جينا معينا حدد قدرة بعض الأجسام على تفكيك السارين.

فالمحاربون القدامي الذين الذين كانت لديهم سلالة ضعيفة من التركيبة الجينية وتعرضوا لغاز السارين، كانوا أكثر عرضة لأن يصابوا بأعراض "مرض حرب الخليج"، مقارنة بأولئك الذين يملكون سلالة أقوى من التركيبة الجينية تلك. 

وقال هايلي "ببساطة تظهر نتائجنا أن مرض حرب الخليج كان السبب وراءه غاز السارين، الذي أطلق عندما قصفنا مخازن الأسلحة الكيماوية العراقية ومعامل إنتاجها". 

وأضاف الطبيب، الذي داوم على دراسة مرض حرب الخليج منذ 28 عاما "لا يزال هناك أكثر من 100 ألف من المحاربين القدامى الذين لا تقدم لهم المساعدة فيما يخص هذا المرض، ونأمل أن تساعد هذه النتائج في تسريع البحث عن سبل علاج أفضل لهم". 

ويُعد السارين من الغازات القاتلة، لكن روبرت هالي قائد الفريق البحثي الذي أعد الدراسة قال إن الغاز الذي تعرض له الجنود الأمريكيون أثناء حرب الخليج كان مخففا، ولذلك لم يكن قاتلا.

وأضاف: "لكنه كان كافيا لإصابة الناس بالإعياء في حال كانوا مهيئين وراثيا للإصابة بهذا المرض".

وأشار إلى أن العامل الحاسم وراء إصابة الشخص بالإعياء من عدمها هو الجين المعروف باسم PON1، الذي يلعب دورا هاما في تكسير الكيماويات السامة في الجسم والقضاء عليها.

وكشف فريق هالي عن أن المحاربين القدامى الذين لديهم نسخة أقل فاعلية من هذا الجين الوراثي مرشحون بشكل كبير للإصابة بأعراض متلازمة حرب الخليج.

تظهر نتائجنا أن مرض حرب الخليج كان السبب وراءه غاز السارين

وخلال السنوات التي تلت حرب الخليج (1990 - 1991) بدأت أعراض حادة تظهر لدى أكثر من ربع جنود الجيش الأميركي وقوات التحالف التي خدموا فيها. 

واشتكى الجنود من أعراض حادة تضمنت والإرهاق والحمى والعرق الليلي ومشاكل في الذاكرة والتركيز ومشاكل في تذكر الكلمات المناسبة والإسهال والعجز الجنسي وآلام حادة في الجسد.

ومنذ ذلك الوقت ركز الأكاديميون والباحثون في الجيش الأميركي ووزارة شؤون المحاربين القدامى على دراسة الأسباب المحتملة لمرض حرب الخليج، من بينها التوتر واللقاحات وآبار النفط المحترقة والتعرّض للمبيدات الحشرية وغازات الأعصاب والأدوية المضادة لغازات الأعصاب و"اليورانيوم المنضب"، الناتج عن عملية تخصيب اليورانيوم. 

ورغم أن هذه الدراسة ليست أول مرة يقترح فيها أن مرض حرب الخليج ناجم عن غاز السارين، حيث استبعدت صحة هذه المزاعم في وقت سابق، بحجة أن تذكر الجنود القدامى وجود غاز الأعصاب في منطقة النزاع لم يكن كافيا، إلا أن الدراسة تؤكد تلك العلاقة من خلال تفاعل جيني مع البيئة المحيطة بالشخص، وفي هذه الحالة غاز الأعصاب، لتستبعد الاعتماد على ما يتذكره الجنود كأساس علمي لها.  

ويعد السارين عنصرا ساما للأعصاب، طوره البشر لأول مرة كمبيد للحشرات، ليصبح سلاحا يستخدم في الحروب، الكيماوية، وتم حظر إنتاجه في عام 1997.

وعندما يتعرض الناس للشكل السائل أو الغازي، يدخل السارين الجسم عن طريق الجلد أو التنفس ويهاجم الجهاز العصبي.

وغالبًا ما يؤدي السارين إلى الوفاة، لكن الدراسات التي أجريت على الناجين كشفت أن التعرض منخفض المستوى من السارين يمكن أن يؤدي إلى ضعف طويل الأمد في وظائف المخ.

وأكد الجيش الأميركي اكتشاف مواد كيماوية، بما في ذلك السارين، في العراق خلال حرب الخليج.