
هل حان الوقت لنقلق من جدري القرود؟
بوينس آيرس– باعلان الأرجنتين الاثنين اكتشاف حالة إصابة بفيروس جدري القرود، يرتفع الدول التي أبلغت عن ظهور حالات للمرض بين سكانها إلى 16، ما يعني انه مستمر في التوسع بسرعة مقلقة.
والمرض موجود بالفعل في 11 دولة أفريقية حيث يُعتبر "متوطن".
والسبت قالت منظمة الصحة العالمية اإن هناك 92 حالة مؤكدة و28 حالة يشتبه بإصابتها بجدرى القرود، معظمها في أوروبا ولكن أيضا في كندا والولايات المتحدة وأستراليا.
وعربيا لم تسجل رسميا الى الان اي حالة للمرض.
وقالت المسؤول الطبي بوحدة الوقاية من مخاطر العدوى والتأهب لها بالصحة العالمية، إيفان بوليفاإنه انه لم يتم إبلاغ المنظمة رسمياً حتى الآن بظهور حالات في بلدان إقليم شرق المتوسط.
ويتألف إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط من 22 دولة، تتضمن الإمارات العربية المتحدة والبحرين وعُمان وقطر والكويت والسعودية والأردن وتونس وإيران وسوريا والعراق وفلسطين ولبنان وليبيا ومصر والمغرب وأفغانستان وباكستان واليمن وجيبوتي والسودان والصومال.
من جهته حذر الرئيس الأميركي جو بايدن الأحد، على هامش جولته الآسيوية، من أن تأثير انتشار جدري القردة الذي رُصد في اثنتي عشرة دولة أوروبية وفي أستراليا وكندا والولايات المتحدة أيضًا، قد يكون له "تداعيات".

وأوضح الرئيس الأميركي الذي كان يهم بمغادرة كوريا الجنوبية متوجهاً إلى اليابان الأحد، أنه لم يتبلغ بالكامل بـ "مستوى تعرض" الولايات المتحدة لهذا الفيروس من قبل مسؤولي الصحة في بلاده.
وقال للصحافيين قبل ركوب الطائرة الرئاسية للتوجه إلى طوكيو "لكن هذا الأمر يجب أن يثير قلق الجميع".
وأضاف "إذا انتشر، فستترتب عليه تداعيات".
وجدري القردة مرض نادر يمكن أن ينتقل من الحيوان للإنسان والعكس. وتشمل أعراضه الحمى وآلام العضلات وتضخم الغدد الليمفاوية والقشعريرة والإرهاق وطفح جلدي يشبه جدري الماء على اليدين والوجه.
لا يوجد علاج لجدري القردة الذي يتعافى منه المصابون عمومًا بشكل طبيعي، وتستمرّ عوارضه بين 14 و21 يومًا.
ويرتبط هذا المرض بالجدري ولكنه عادة ما يكون أخف لاسيما سلالة غرب أفريقيا من الفيروس التي تم رصدها في إصابة بالولايات المتحدة، والتي يبلغ معدل الوفيات الناجمة عنها نحو واحد في المئة. ومعظم الناس يشفون تماما في غضون ما يتراوح بين أسبوعين وأربعة أسابيع.
ولا ينتقل الفيروس بسهولة مثل فيروس سارس-كوف-2 الذي حفز جائحة كوفيد-19 على مستوى العالم.
ويعتقد الخبراء أن التفشي الحالي لمرض جدري القرود ينتشر من خلال الاحتكاك المباشر بجلد شخص مصاب بطفح جلدي نشط. وقال الخبراء إن ذلك من شأنه أن يسهل احتواء انتشاره بمجرد تحديد الإصابة.
وقال الدكتور مارتن هيرش من مستشفى ماساتشوستس العام "ينتشر كوفيد عن طريق الجهاز التنفسي وهو شديد العدوى. لا يبدو أن هذا هو الحال مع جدري القرود".
وقال ديفيد هيمان، المسؤول بمنظمة الصحة العالمية وإخصائي الأمراض المعدية، "ما يبدو أنه يحدث الآن هو أنه قد وصل إلى السكان في صورة جنسية أو (عن طريق) الأعضاء التناسلية، وأنه ينتشر مثل الأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي، مما أدى إلى تضخيم انتقاله في جميع أنحاء العالم".
وفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن حالات التفشي التي تم تسجيلها في الآونة الأخيرة حتى الآن غير نمطية لأنها تحدث في دول لا ينتشر فيها الفيروس عادة. ويسعى العلماء إلى فهم أصل الإصابات الحالية وما إذا كان أي شيء يخص الفيروس قد تغير.
وتم اكتشاف معظم الحالات المسجلة حتى الآن في بريطانيا وإسبانيا والبرتغال. وتم أيضا تسجيل إصابات في كندا وأستراليا وتأكيد إصابة واحدة بجدري القرود في مدينة بوسطن الأمريكية حيث أعلن مسؤولو الصحة العامة عن احتمال ظهور المزيد من الإصابات في الولايات المتحدة.
وأبدى مسؤولو منظمة الصحة العالمية قلقهم من احتمال ظهور عدد أكبر من الإصابات مع تجمع الناس في مهرجانات وحفلات وعطلات خلال أشهر الصيف المقبلة في أوروبا ومناطق أخرى.
وبدأت بريطانيا في تطعيم العاملين في مجال الرعاية الصحية، الذين قد يكونون معرضين للخطر أثناء رعاية المرضى، بلقاح الجدري والذي يمكن أن يقي أيضا من جدري القرود.
وتقول الحكومة الأميركية إن لديها ما يكفي من لقاح الجدري المخزن في مخزونها الوطني الاستراتيجي لتطعيم جميع سكان الولايات المتحدة.
وقال متحدث باسم وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية في بيان إن هناك أدوية مضادة للفيروسات للجدري يمكن استخدامها أيضا لعلاج جدري القرود في ظل ظروف معينة.
وعلى نطاق أوسع، يقول مسؤولو الصحة إنه يجب على الأشخاص تجنب المخالطة الوثيقة لشخص مصاب بطفح جلدي أو يبدو مريضا. ويجب على الأشخاص الذين يشتبهون بإصابتهم بجدري القرود عزل أنفسهم وطلب الرعاية الطبية.
وقالت أنجيلا راسموسن عالمة الفيروسات في منظمة اللقاحات والأمراض المعدية بجامعة ساسكاتشوان بكندا "الفيروسات ليست شيئا جديدا وهي متوقعة".
وأضافت أن عددا من العوامل عجل من ظهور وانتشار الفيروسات من بينها زيادة السفر على مستوى العالم وتغير المناخ. وقالت إن العالم أيضا في حالة تأهب أكبر لعمليات تفش جديدة لأي نوع من الفيروسات في أعقاب جائحة كوفيد-19.