جهود سعيد لتطهير القضاء تثير غضب معارضيه وارتياحا شعبيا

مؤيدون لقرار الرئيس التونسي عزل 57 قاضيا يعتبرونه صائبا وضروريا لتحرير السلطة القضائية من سيطرة الأحزاب والفاسدين غير أن جهات قضائية وأخرى معارضة اعتبرت القرار بمثابة "المذبحة".
المؤيدون لعزل القضاة يؤكدون انه ضربة موجعة للفساد
محامون وقضاة يرفضون سياسة الهيمنة على القضاء
الرئيس التونسي يعتبر تحرير قصور العدالة مهم لتطبيق القانون سواسية على الجميع

تونس - يثير ملف القضاء في تونس الكثير من الجدل خاصة مع قرار الرئيس قيس سعيد عزل قرابة 57 قاضيا في تهم تتعلق بالفساد والتواطؤ والتستر على متورطين في قضايا إرهاب.
وفي حين اعتبر مؤيدون لقرار " تطهير القضاء" من الفاسدين بأنه قرار صائب يهدف الى تحرير السلطة القضائية من سيطرة الأحزاب غير أن جهات قضائية وأخرى معارضة اعتبرت القرار بمثابة "المذبحة".
ويطالب الرئيس قيس سعيد بما يصفه " تحرير قصور العدالة وتطبيق القانون سواسية على الجميع".
وأقال الرئيس سعيد في وقت سابق هذا العام المجلس الأعلى للقضاء وعوضه بمجلس مؤقت في اطار خطته لتحرير القضاء من الهيمنة السياسية.
ويرى كثير من المراقبين ان البلاد بعد ثورة 2011 دخلت في حالة من الضعف والوهن بسبب سيطرة أحزاب سياسية على القطاع القضائي خاصة مع قرار وزير العدل الاسبق والقيادي في النهضة نور الدين البحيري إعفاء العشرات من القضاة.
وفسحت تلك الخطوة الأحزاب وبعض الشخصيات للهيمنة على القضاء وتعطيل بعض الملفات الحارقة خاصة المتعلقة بالفساد والإرهاب وخلقت ما يعرف بالاروقة الخلفية داخل المحاكم للتحكم في الملفات الهامة.
وتحدث الرئيس سعيد في خطابه الاخير عن تلك السلبيات قائلا " إن التهم الموجهة للقضاة المعزولين هي تعطيل التحقيق في "ملفات إرهابية وعددها 6 آلاف و268 ملفا، وعدم الحياد وتجاوز الصلاحيات وتوجيه الأبحاث (التحقيقات)"، بحسب صفحة الرئاسة على فيسبوك.
وقال ايضا ان التهم الموجهة اليهم تشمل "مساعدة مشتبه فيه بتهمة الإرهاب ومنها منحه الجنسية التونسية والتواطؤ فيما يُعرف بالجهاز السري (التابع لحركة النهضة) والارتباط بأحزاب سياسية"، الى جانب "فساد مالي وارتشاء وثراء فاحش وفساد أخلاقي".
وكانت القائمة التي أعفاها سعيد ضمت قضاة كبار من بينهم يوسف بوزاخر رئيس المجلس الأعلى للقضاء المنحل والبشير العكرمي وهو قاض يتهمه نشطاء سياسيون بأنه أخفى ملفات قضايا إرهابية وبأنه على علاقة وطيدة بحركة النهضة الإسلامية.
وفي المقابل تتهم بعض القوى المعارضة وبعض القضاة القرار الذي اتخذه الرئيس " بانه مجزرة" منبهين لتداعياتها على المرفق القضائي في المستقبل.
قالت جمعية القضاة التونسيين اليوم الخميس إن قرار الرئيس قيس سعيد بعزل عشرات القضاة هو مذبحة ودعت القضاة للتعبئة العامة لمواجهته.
وقالت الجمعية إن قرار سعيد يهدف لوضع يده على القضاء وخلق أماكن شاغرة لتعيين مواليين له. ودعت القضاة إلى اجتماع عاجل يوم السبت للرد على هذه الخطوة.
كما أعربت مجموعة "محامون من أجل الحقوق والحريات" في تونس، الخميس، عن استنكارها و رفضها قرار إعفاء 57 قاضيا من قبل الرئيس قيس سعيد.
واثارت الخطوة كذلك انتقادات خارجية حيث أعربت الأمم المتحدة، الخميس، عن قلقها إزاء قرار الرئيس التونسي زذلك في مؤتمر صحفي عقده المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، بالمقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك.
وقال دوجاريك "نحن قلقون بشأن التطورات الحاصلة في تونس ونواصل مراقبتها عن كثب".
وامام تلك الانتقادات اكد استاذ القانون الدستوري رابح الخرايفي في تصريح لاذاعة " جوهرة" الخاصة ان قرار سعيد قابل للطعن في حال صدور حكم جزائي باتّ يقضي بتبرئة القاضي مما يؤدي الى الطعن في الامر الرئاسي بخصوص الاعفاء وذلك قبل التوجّه الى المحكمة الادارية للقيام بدعوى ضد تجاوز السلطة وإبطال قرار الاعفاء.