علاج مذهل للسرطان يدخل تاريخ المعركة مع القاتل الأكبر

لاول مرة في تجارب سريرية، 'دوستارليماب' يشفي كل المشاركين من مراحل متقدمة من سرطان القولون والمستقيم.

واشنطن – أبهر عقار قديم جديد العلماء بقدرته على شفاء كل المشاركين في تجارب سريرية من السرطان، في سابقة تاريخية يعلق عليها العلماء آمالا كبيرة في قلب المعادلة في المعركة مع القاتل الأكبر.

والاسم العلمي للعقار هو "دوستارليماب " (Dostarlimab)، ويباع تحت الاسم التجاري "جمبرلي" (Jemperli).

ويُعد عقار دوستارليماب من العلاجات التى تعتمد على تقليل الخلايا النشطة التي تسبب تحفيز جهاز المناعة، إذ يرتبط الجسم المضاد في العقار ببروتين يسمى (PD-1) على سطح الخلايا السرطانية، ليساعد الجهاز المناعي على تدميرها بشكل فعال.

وتم اعتماد دوستارليماب بالفعل من إدارة الغذاء والأدوية الأميركية، لاستخدامه في علاج الحالات المتكررة أو المتقدمة من سرطان الرحم لدى النساء.

وتمكن العقار من شفاء 14 مريضا بمتوسط عمر 54 عامًا يعانون من المرحلة الثانية والثالثة من سرطان القولون والمستقيم.

وجاءت نتائج التجارب الأولية للعقار الجديد مطمئنة إلى درجة أصيب الأطباء والباحثون بالذهول عندما توصلوا إلى أن علاج جميع المشاركين في التجربة كانت بنسبة شفاء قياسية.

وتشرت تفاصيل هذا الاكتشاف الطبي في دراسة مدعومة من شركة (جلاكسو سميث كلاين) لصناعة الأدوية، السبت الماضي، بمجلة (نيو إنغلند للأدوية) تحت عنوان “تحسين طرق العلاج لسرطان المستقيم”، وأظهر عقار دوستارليماب فاعلية بنسبة 100% ضد مجموعة فرعية من سرطان المستقيم.

كما عُرضت نتائج الدراسة في التجمع السنوي للجمعية الأمريكية لعلم الأورام العلمي 2022.

وقالت الدكتورة أندريا سيرسيك -اختصاصية الأورام الطبية ورئيسة قسم سرطان القولون والمستقيم في مركز ميموريال سلون كيترينج للسرطان- إن معظم مرضى سرطان المستقيم المتقدم يتم علاجهم عادةً بالعلاج الكيميائي والإشعاعي والجراحة.

وقال الباحث أندريا سيرسيك، أخصائي الأورام، إن "العلاج القياسي (التقليدي) لسرطان المستقيم بالجراحة والإشعاع والعلاج الكيميائي يمكن أن يكون صعبًا بشكل خاص على الأشخاص بسبب موقع الورم.. إذ يمكن أن يعانوا خللا في الأمعاء والمثانة يغير حياتهم، وسلس البول، والعقم، والضعف الجنسي، وأكثر من ذلك".

في تطور مذهل، تجنّب المرضى -الذين سجلوا في هذه التجربة حتى الآن- كل هذه الإجراءات والآثار الجانبية المرتبطة بها تماما.

خلال المرحلة الثانية من التجارب السريرية، خضع المرضى للعلاج بعقار العلاج المناعي (دوستارليماب) كل 3 أسابيع لمدة 6 أشهر، يليها العلاج الكيميائي القياسي والإشعاعي والجراحة، وكان متوسط المتابعة يتراوح من 6 إلى 8 أشهر على مدار عامين.

وخلص الفريق الطبي إلى أن جميع المرضى الذين خضعوا للمراقبة على مدار 6 أشهر أظهروا استجابة إيجابية بنسبة 100% لعقار دوستارليماب. ولم يجد الباحثون أي دليل على وجود ورم في الخزعة، أو أثناء الفحص الرقمي للمستقيم أو التصوير بالمنظار أو أشعة الرنين المغناطيسي.

هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها هذا في تاريخ السرطان

ووفقًا للقائمين على التجربة، فإن الاستجابات العلاجية لعقار دوستارليماب كانت سريعة، مع ظهور علامات التحسن في غضون 8 أسابيع بعد بدء استخدام الدواء لدى 81% من المصابين.

وقال عضو المجلس الاستشاري الأميركي الوطني للسرطان الدكتور لويس دياز "أعتقد أن هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها هذا في تاريخ السرطان".

وأضاف "خطوة مهمة في معركة مواجهة السرطان. سنجري المزيد من الأبحاث لمعرفة تأثير العقار على أنواع أخرى من السرطان مثل المعدة والبروستات والبنكرياس"، وفقما نقلت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.

و‏دواء دوستارليماب جديد وليس موجودا في كل الدول، ويمكن الاستعاضة عنه بأدوية مناعية أخرى لها آلية العمل ذاتها وتفي بالغرض نفسه، مثل دواء "بيمبروليزوماب".

وحذرت البروفيسور هانا سانوف -الحاصلة على الدكتوراه في الطب من مركز السرطان الشامل بجامعة كارولينا الشمالية من التسرع في اتخاذ القرار، وأوضحت أنه “يجب النظر إلى النتائج بحذر، إذ تمت ملاحظة المشاركين لمدد تتراوح بين 6 أشهر و25 شهرًا فقط، لذلك هناك حاجة إلى مزيد من الدراسة لتأكيد النتائج".