الدستور التونسي الجديد يبدأ بإنعاش الاقتصاد المنهك

عانت تونس خلال العشرية الماضية من أزمات اقتصادية مركبة من بينها تراجع نسبة النمو مقابل ارتفاع نسبة التضخم وتفشي التهريب وتهاوي قيمة الدينار.
تونس

أكدت تصريحات رئيس اللجنة المكلفة بإعداد الدستور الجديد الصادق بلعيد لإذاعة موزاييك المحلية السبت، ما راج حول أن الفصل الأول من دستور تونس الجديد سيُعنى بالشأن الاقتصادي,
وأوضح بلعيد أن "التركيز سيكون على بناء اقتصاد البلاد لتحسين الوضعية الاجتماعية للأغلبية الساحقة في بلادنا والتي عانت الأمرين في العشرية الأخيرة وأفلست فيها البلاد وضاعت خلالها عدة مواطن شغل وأصبح المواطن غير قادر على تلبية حاجيات أسرته أمام الارتفاع الجنوني للأسعار".
وبين أن "الدستور الجديد سيتضمن بابا خاصا هو الأول بعد التوطئة بعنوان أسس النهوض بالاقتصاد التونسي عكس دستور 2014 الذي لم يهتم بالمسائل الاجتماعية بل فاقم الاقتصاد الموازي الذي تم اغتصابه من المافيا ويحتكر  نسبة 40% من الناتج الوطني الخام".
وقال بلعيد، إن "الفرق بين الدستور الجديد ودستور 2014 هو أن الأخير لم يهتم بالمسائل الاقتصادية، مشددا على "ضرورة العمل لإنقاذ الاقتصاد التونسي".
وتداول التونسيون على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأسبوع الماضي، وثيقة وُصفت بالمسربة تحمل عنوان "الباب الأول :أسس السياسة التنموية الاقتصادية والاجتماعية لتونس الغد".

الإضافة ستكون في المبادئ الاقتصادية وهذا ما غاب عن الدساتير السابقة وهو حاضر في دساتير بعض الدول

وحسب الوثيقة المسربة فإن الباب الأول من دستور الجمهورية الجديدة يتضمن 27 فصلا تنظم مسائل اقتصادية واجتماعية بحتة على غرار دور الدولة في بناء اقتصاد سليم، والصلاحيات الممنوحة للحكومة لتقديم برامج تنموية، وسبل إرساء ديمقراطية اقتصادية، وضبط سياسات شفافة تتعلق بالضرائب والاستثمار وحسن التصرف في المال العمومي وغيرها.  
وعلق رئيس اللجنة الاستشارية الاقتصادية إبراهيم بودربالة في تصريح تلفزيوني الأربعاء الماضي على الوثيقة المسربة بأنها "من جملة الوثائق التي قُدِّمت للجنة وهي محل نقاش.
وعقب انتهاء جلسة الحوار الوطني للسبت الماضي قال الناطق الرسمي للتيار الشعبي محسن النابتي الذي كان مشاركا في الجلسة، "إن الدستور سيكون استثنائيا". 
وأوضح في تصريح لوسائل الإعلام  أن "الإضافة ستكون في المبادئ الاقتصادية وهذا ما غاب عن الدساتير السابقة وهو حاضر في دساتير بعض الدول". 
وشكلت هذه النقطة بالذات المتعلقة بصياغة مبادئ اقتصادية في الدستور نقطة خلافية إذ اعتبر البعض من أساتذة القانون الدستوري في تونس أن المبادئ الاقتصادية لا يمكن إدراجها بالدستور، وذلك نظراً للمتغيرات العالمية أو حتى الداخلية التي قد تطرأ وتفرض سياسات اقتصادية بعينها.
وأوضح الخبير الاقتصادي أرام بالحاج في تدوينة نشرها الأحد على صفحته الرسمية على فيسبوك أن "التنصيص على ضرورة النهوض بالاقتصاد الوطني ضمن الفصل الأول من الدستور الجديد لا قيمة له". 
وأضاف أنه "كان حريا بالدستور الجديد أن يتضمن عدة أبواب أهمها باب خاص بالمبادئ الاقتصادية الأساسية العامة يحدد دور الدولة ودور المؤسسات وحتى دور الأفراد، وباب خاص بالحريات الاقتصادية يحدد سقف الحقوق المتاحة للفاعلين الاقتصاديين في إطار القيام بأنشطتهم الاقتصادية، وباب خاص بالسياسات الاقتصادية يحدد دور وطريقة تنفيذ كل سياسة اقتصادية، وباب خاص بالسياسات العامة يحدد أهداف وطريقة تنفيذ كل سياسة اقتصادية (مالية، اجتماعية، بنكية...)".
وطالب مدير المعهد العربي لرؤساء المؤسسات الطيب البياجي في كانون الثاني/ يناير الماضي بضرورة "سن دستور اقتصادي واجتماعي لا يخضع للزمن السياسي"، مضيفا أن "تونس تواجه خطر الانهيار". 
 

قيس سعيّد سيعرض مشروع الدستور الجديد على التونسيين في الـ30 من يونيو

ونظمت جبهة الخلاص الوطني المعارضة لمسار الرئيس قيس سعيد الأحد، مسيرة احتجاجية في وسط العاصمة التونسية دعت خلالها للعودة إلى دستور 2014.
وانتهت آجال صياغة مشروع الدستور المرتقب من طرف اللجنة المعينة من قبل الرئيس التونسي، الاثنين 13 حزيران/ يونيو الجاري بحسب ما ينص عليه المرسوم الرئاسي.
وينص الفصل 16 من المرسوم الرئاسي المحدث للهيئة الاستشارية من أجل جمهورية جديدة، الصادر في 20 أيار/ مايو الماضي على آجال تقديم اللجنة تقريرها النهائي لرئيس الجمهورية يوم 20 حزيران/ يونيو. وبعد ذلك يعرض سعيّد هذا الدستور على التونسيين في الـ30 من نفس الشهر.
وأعلن بلعيد، السبت، أن مشروع الدستور الجديد جاهز وسيتم تسليمه للرئيس قيس سعيد في الآجال أي يوم الإثنين 20 يونيو/ حزيران الجاري.
وعانت تونس خلال العشرية الماضية من مشاكل اقتصادية مركبة عرف خلالها الاقتصاد التونسي انكماشا على مستوى معدل النمو ونسب تضخم غير مسبوقة وتفشيا لعمليات التهريب وتهاويا لقيمة الدينار وارتفاعا في معدلات البطالة، فضلا عن ارتفاع نسبة المديونية وتدهور للقدرة الشرائية للمواطن التونسي.