فيروسات تتلاعب بنا وبالبعوض لضمان انتشار أكبر
بكين – ينزع البشر الى الاستهانة بذكاء سائر الكائنات التي تشاركه الحياة على الأرض وربما لا يخطر ببال أغلبنا ان بعض الفيروسات ذكية بما يكفي للتلاعب برائحتنا لجلب الباعوض الينها وضمان انتشار أكبر وهو حال فيروسات حمى الضنك أو زيكا وفق دراسة جديدة.
وبحسب الدراسة التي نشرت في دورية سال العلمية، فإن البعوض بعدما يلدغ المصابين ينقل الفيروسات إلى الضحية التالية.
تنتشر حمى الضنك في المناطق الاستوائية، وتتسبب في حرارة مرتفعة وطفح جلدي، وقد تكون قاتلة.
أما فيروس زيكا فبإمكانه أن يسبب تشوهات خلقية إذا أصيبت المرأة الحامل بالعدوى، ولكن معظم البالغين يعانون من حالات خفيفة أو لا تظهر عليهم أعراض وعادةً ما يتعافون في غضون أيام قليلة.
ووجد العلماء في العديد من المختبرات الصينية، بما في ذلك المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها وجامعة تسينغهوا في بكين، جزيئات كريهة الرائحة على جلد الفئران المصابة بحمى الضنك تجعلها أكثر عرضة للدغات البعوض.
وبعد ذلك، وُضع الجزء الأكثر جاذبية، الأسيتوفينون، الذي يزداد لدى الأشخاص والفئران المصابين بحمى الضنك أو زيكا، على أيدي متطوعين بشريين.
وأشار الأستاذ المساعد في علم المناعة بجامعة كونيتيكت، بنغوا وانغ إلى أن البعوض هو أكثر الحيوانات فتكا في العالم، حيث يتسبب في وفاة أكثر من مليون شخص سنويا بسبب أمراض مثل الملاريا والحمى الصفراء وحمى الضنك وزيكا وحمى الشيكونغونيا.
ويمكن للبعوض الذي يلدغ شخصا مصابا بالفيروس أن ينقله إلى الشخص التالي الذي تلدغه الحشرة.
المزيد من البعوض اختار الطيران نحو الفئران المصابة مقارنة بالفئران غير المصابة
وتلعب عوامل مثل درجة حرارة الجسم وثاني أكسيد الكربون من نفس الشخص والرائحة دورا في كيفية اختيار البعوضة لهدفها التالي.
ووجدت دراسات سابقة أن الفئران المصابة بالملاريا قد تغيرت رائحتها بطريقة تجعلها أكثر جاذبية للحشرات.
وأشار البروفيسور وانغ إلى أن الباحثين "وضعوا الفئران المصابة بفيروس حمى الضنك أو فيروس زيكا والفئران والبعوض غير المصابة في واحد من ثلاثة أقسام لغرفة زجاجية".
وقال: "عندما طبقنا تدفق الهواء عبر غرف الفئران لتوجيه روائحها نحو البعوض، وجدنا أن المزيد من البعوض اختار الطيران نحو الفئران المصابة مقارنة بالفئران غير المصابة".
وأضاف البروفيسور وانغ: "بعد وضع مرشح في الغرف الزجاجية لمنع روائح الفئران من الوصول إلى البعوض، وجدنا أن عدد البعوض الذي يطير باتجاه الفئران المصابة وغير المصابة كان مماثلا".
وقال إنه عُثر على ثلاثة من أصل 20 مركّبا كيميائيا غازيا من الرائحة التي تبعثها الفئران المصابة "لتحفيز استجابة كبيرة في هوائيات البعوض".
واجتذب أحد المركبات الثلاثة - الأسيتوفينون - عددا من البعوض أكثر من عنصر التحكم عند تطبيقه على الفئران وأيدي متطوعين من البشر.
وأنتجت الفئران المصابة الأسيتوفينون 10 مرات أكثر من الفئران غير المصابة، وفقا للبروفيسور وانغ.
وشرح البروفيسور وانغ: "بالمثل، وجدنا أن الروائح التي جمعت من إبط مرضى حمى الضنك تحتوي على كمية من الأسيتوفينون أكثر من تلك الموجودة في الأشخاص الأصحاء. وعندما قمنا بتطبيق روائح مرضى حمى الضنك من ناحية أحد المتطوعين ورائحة الشخص السليم من ناحية أخرى، كان البعوض دائما أكثر انجذابا لليد برائحة حمى الضنك".
وأشار إلى أن الاكتشافات الجديدة تشير إلى أن فيروسات حمى الضنك وزيكا يمكن أن تزيد من كمية الأسيتوفينون المنتجة، ما يجعل الشخص أكثر جاذبية للحشرات.
والأسيتوفينون هو مادة كيميائية تُستخدم في العطور بالإضافة إلى أحد المنتجات الثانوية الأيضية التي تنتجها بكتيريا الجلد وفي أمعاء الإنسان والفأر.
أوضح البروفيسور وانغ أن البعوض "كان أقل انجذابا إلى الفئران التي تواجه نضوب بكتيريا الجلد"، ما قد يشير إلى أن "ميكروبات الجلد هي مصدر أساسي للأسيتوفينون".
ووجد الباحثون أن البكتيريا العصوية، كانت "منتجا رئيسيا للأسيتوفينون" والذي اكتُشف بأعداد أكبر من المعتاد على الفئران المصابة.
وشرح البروفيسور وانغ: "هذا يعني أن فيروسات حمى الضنك وزيكا كانتا قادرتين على تغيير رائحة مضيفهما عن طريق تغيير ميكروبيوم الجلد".
ويجري باحثون حاليا دراسات بشأن علاجات تستهدف الأسيتوفينون.
ويعد استخدام الناموسيات والمواد الطاردة للحشرات من أفضل الطرق حالياً لتجنب اللدغات.
ويُعتقد أن هناك ما يصل إلى 400 مليون إصابة بحمى الضنك كل عام. كما سجلت حالات إصابة بفيروس زيكا في 86 دولة حول العالم.
وتعد هذه الفيروسات أكثر شيوعاً في أمريكا الجنوبية والوسطى وأفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي وفي أجزاء من آسيا.
كما أن الحمى الصفراء والتهاب الدماغ الياباني وفيروس غرب النيل من الفيروسات المرتبطة بعائلة زيكا.