نقاط تفاهم بين فرنسا وإسرائيل حول إيران وحزب الله

رئيس الوزراء الاسرائيلي يزود فرنسا بمعلومات استخبارية حول حزب الله وسط مخاوف من تقوية وكلاء ايران الاقليميين في حال التوصل الى اتفاق مع ايران حول برنامجها النووي.

باريس - أبدى رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد يائير لابيد والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء نية للعمل معا للتصدي للطموحات الإقليمية لإيران وتعزيز فرص التوصل لاتفاق في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين الدولة العبرية ولبنان لاستكشاف حقول الغاز.
واختلفت وجهات نظر الرجلين حول الاتفاق الدولي المبرم في العام 2015 بين الدول الكبرى وإيران حول برنامجها النووي والذي يحاول الأوروبيون إنقاذه فيما تعتبره الدولة العبرية غير فاعل.
والثلاثاء أعرب ماكرون في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد، عن أسفه لمواصلة طهران "رفض" إبرام التفاهم المطروح لإعادة إحياء الاتفاق حول برنامجها النووي وتعهّد مواصلة "كافة الجهود" لإقناعها بالتصرف بـ"عقلانية".
وقال إن "إيران ما زالت ترفض اغتنام الفرصة المتاحة لها للتوصل إلى اتفاق جيد. سنواصل التنسيق مع شركائنا لبذل كافة الجهود اللازمة لإقناع إيران بالتصرف بعقلانية".
تولى لابيد الجمعة رئاسة الوزراء في إطار اتفاق أبرمه مع زعيم حزب "يمينا" اليميني المتشدد نفتالي بينيت لتشكيل ائتلاف حكومي يتناوبان بموجبه على رئاسة الحكومة إذا حلّ البرلمان.
وخسر ائتلافهما غالبيته في الأسابيع الأخيرة، فحتّم ذلك حل الكنيست والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة في تشرين الثاني/نوفمبر، ما سمح بتولي لابيد رئاسة الوزراء إلى حين تشكيل الحكومة المقبلة.
وتعارض إسرائيل إحياء الاتفاق الدولي المبرم عام 2015 بشأن البرنامج النووي الإيراني والرامي إلى منع الجمهورية الإسلامية من حيازة القنبلة النووية مقابل رفع العقوبات التي تخنق اقتصادها. وهو اتفاق انسحبت منه الولايات المتحدة لعام 2018 وتجري مفاوضات حاليا لإحيائه.

ماكرون يدعو لابيد الى تجنب اي تصعيد
ماكرون يدعو لابيد الى تجنب اي تصعيد

وعلّقت المباحثات رسميا في آذار/مارس، مع تأكيد المعنيين أن التفاهم بات شبه منجز، لكن مع تبقّي نقاط تباين بين واشنطن وطهران، أبرزها طلب الأخيرة شطب اسم الحرس الثوري من القائمة الأميركية للمنظمات "الإرهابية" الأجنبية.
وجدد الرئيس الفرنسي التأكيد على ضرورة "إنجاز (الاتفاق) من خلال مفاوضات أكثر حزما حول الأنشطة البالستية والإقليمية" لإيران التي يتمدد نطاق نفوذها إلى لبنان واليمن من خلال دعمها المعلن أو المفترض لفصائل محلية.
شدّد لابيد على وجود تقارب في وجهات النظر مع ماكرون حول ضرورة "الرد" على التهديد الذي تشكله طهران في الشرق الأوسط.
وقال لابيد "في العام 2018 كنتم أول قائد دولي تحدث عن ضرورة إبرام اتفاق جديد مع إيران أوضح وأكثر فاعلية وغير مرتبط بتاريخ صلاحية، مع ضغط دولي منسّق من شأنه أن يمنع إيران من أن تبلغ العتبة النووية".

كنتم أول قائد دولي تحدث عن ضرورة إبرام اتفاق جديد مع إيران أوضح وأكثر فاعلية وغير مرتبط بتاريخ صلاحية

وتابع "كنتم على صواب حينها والأمر كذلك اليوم أيضا. الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر وهو سيقود إلى سباق تسلّح في الشرق الأوسط سيهدد السلام العالمي. يجب أن نعمل معا لمنع حصول ذلك".
وخلال زيارة إلى اليونان اتّهم وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس إيران بـ"التمركز منهجيا في البحر الأحمر" مؤكدا أن الاستخبارات الإسرائيلية رصدت أربع سفن حربية إيرانية في مياهه في الأشهر الأخيرة.
ويخشى المسؤولون الإسرائيليون من أن يمكّن إحياء الاتفاق إيران من زيادة دعمها لحلفائها على حدود الدولة العبرية على غرار حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية.
قبل مغادرته مطار تل ابيب متوجها الى فرنسا في زيارة كانت مقررة في الأصل لسلفه نفتالي بينيت، قال لابيد إنه سيطلب من ماكرون "التدخل" لإنقاذ مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل.
والثلاثاء دعا ماكرون إلى "تجنب أي عمل" من شأنه أن يهدد العملية الجارية بين لبنان والدولة العبرية بشأن قضية الغاز الشائكة.
وقال الرئيس الفرنسي "للبلدين مصلحة في التوصل إلى اتفاق يسمح باستغلال الطاقة لصالح الشعبين".
وإثر اللقاء بين ماكرون ولابيد قال مسؤول إسرائيلي في تصريح لوكالة فرانس برس إن "أحد العوامل العوامل الرئيسية لضمان استقرار لبنان هي أن يصبح مصدّرًا للغاز، وهذا يتطلب إنجاز المحادثات معنا. الحكومة اللبنانية لديها اتفاق مع شركة توتال الفرنسية ما يمنح فرنسا دورا في المسألة".
وغداة تولي لابيد مهامه، اعترض الجيش الإسرائيلي ثلاث طائرات مسيّرة أطلقها حزب الله اللبناني في اتجاه حقول الغاز في مياه المتوسط.
وأسقطت الطائرات المسيرة الثلاث بحسب الجيش الإسرائيلي فيما كانت متجهة إلى حقل كاريش للغاز في "المياه الاقتصادية الإسرائيلية" في شرق المتوسط.
بدأ لبنان واسرائيل، وهما دولتان متجاورتان لا تزالان رسمياً في حالة حرب، مفاوضات غير مسبوقة في تشرين الاول/اكتوبر 2020 برعاية واشنطن، لترسيم الحدود البحرية وازالة العقبات امام التنقيب عن النفط والغاز.
وتوقفت المحادثات في ايار/مايو 2021 بسبب خلافات تتعلق بمساحة المنطقة المتنازع عليها، خصوصاً حقل كاريش للغاز.
ويعتبر لبنان حقل كاريش جزءاً من المياه المتنازع عليها مع إسرائيل، فيما تؤكد الدولة العبرية أنه يقع ضمن منطقتها الاقتصادية الخالصة.
وكان حزب الله المدعوم من إيران أكد في 9 حزيران/يونيو أن "الهدف المباشر يجب أن يكون منع العدو من استخراج النفط والغاز من حقل كاريش".
وفي تصريح أدلى به لمجموعة صغيرة من الصحافيين على أثر لقائه ماكرون، قال لابيد "أجرينا محادثات مطوّلة حول لبنان وزوّدناهم (الفرنسيين) بمعلومات حول أنشطة حزب الله".
ولم يكشف لابيد طبيعة المعلومات الاستراتيجية التي زوّد بها الفرنسيين لكنّه أوضح ان جزءا منها "على صلة بهجمات" على حقل كاريش.