استفتاء على الدستور في تونس وليس على شخص الرئيس

مساعي حركة النهضة للتشويش على استحقاق الـ25 من يوليو تظهر معارضة شرسة للرئيس سعيد أكثر منها لمشروع الدستور الجديد.
تونس

يقول محللون ومتابعون للشأن العام التونسي ان الاستفتاء على دستور الجمهورية الجديدة محاط بتحديات ابرزها محاولات حركة النهضة الاسلامية وحلفائها إفشال الاستحقاق عبر شخصنة الخلاف مع الرئيس قيس سعيد.
وانطلقت حملة الاستفتاء على مشروع الدستور في الثالث من يوليو/ تموز الحالي لتتواصل إلى الـ24 منه، ثم ينطلق التصويت بـ"نعم" أو "لا" يوم 25 من الشهر ذاته.
وأوصى  سعيّد لدى استقباله رئيسة الحكومة نجلاء بودن الثلاثاء، بضرورة التزام الجميع بالقانون، منبّها إلى أن "بعض الجهات المناوئة لسيادة الشعب تحاول يائسة إفشال هذا الموعد التاريخي الهام بشتى الوسائل التي دأبت عليها في السابق".
وشدد رئيس الجمهورية على أن "القانون سيطبق على كل من سيحاول بأي طريقة كانت المساس بحق الشعب صاحب السيادة بالتعبير عن إرادته بكل حرية".
وقال الخبير القانوني معتز القرقوري في تصريح لميدل إيست أونلاين "لا بد من الفصل بين الاستفتاء كآلية ديمقراطية وبين رئيس الجمهورية"، مشددا على أن مشروع الدستور "يرتبط بمستقبل البلاد وليس بمستقبل سعيّد السياسي".
واضاف إن "التحدي الهيكلي الأكبر في هذا الاستفتاء يكمن في علاقته بتعديلات تتعلق بإصلاحات سياسية".

تصريحات الغنوشي الأخيرة عمقت الشكوك بخصوص عزم النهضة على إفشال الاستفتاء 

وأوضح أن "الخيارات التي ستُطرح على التونسيين لها أبعاد تأسيسية دستورية، وهي خيارات تتميز بالدقة والتعقيد والطابع التقني أحيانا مما يفترض من المشاركين في الاستفتاء معرفة دقيقة بمختلف جوانبها المتصلة خاصة بالجوانب التقنية والقانونية والسياسية المتشعبة".
وردا على سؤال حول شخصنة عملية الاستفتاء، قال القيادي بحركة الشعب أسامة عويدات لميدل إيست أونلاين إن "الاستفتاء على مشروع الدستور هو استفتاء على مضمونه وليس على شخص قيس سعيد، وإن رفضه من الناخبين يعني سقوط المشروع في الماء وهو ما قد يفتح البلاد على سيناريوهات مجهولة".
وفي آذار/ مايو المنقضي أعربت جمعية "عتيد" (الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات) عن مخاوفها مما وصفته بـ"المخاطر التي تحيط بالمسار الانتخابي" المعلن للاستفتاء، مؤكدة على ضرورة "تلافي ما يمكن أن يمسّ من نزاهة وديمقراطية إجراءاته أو مخاطر تطويعه أو تحويله من استفتاء على قوانين إلى استفتاء سياسي مشخصن".
ويخشى تونسيون من تعطيل عملية الاستفتاء أو التشويش عليها من قبل الجهات التي وصفها سعيّد بـ"المناوئة لسيادة الشعب"، في اشارة الى حركة النهضة وحلفائها.
ومنذ إعلان سعيّد إنهاء منظومة ما قبل 25 يوليو أعلنت حركة النهضة رفضها لمشروع الرئيس وتمسكها بدستور 2014 الذي أنهى سعيّد العمل بأغلب فصوله.
وزادت تصريحات رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الأخيرة في تعميق تلك الشكوك، خاصة وأنه سبق لقياديي الحركة تهديد التونسيين بالسحل وإراقة الدماء ونشر الفوضى في حال تم إرغامهم على مغادرة منظومة الحكم.
وقبل حوالي أسبوع من موعد الاستفتاء، قال الغنوشي لوكالة رويترز للأنباء إن "سيناريو سريلانكا غير بعيد عن تونس". وهو ما اعتبره الكثير تحريضا على مهاجمة القصر الرئاسي والإطاحة برئيس الجمهورية.
ودعا الغنوشي أنصاره إلى التظاهر يوم الـ25 من يوليو الأمر الذي قد يشوش على حسن سير عملية الاستفتاء.
وكأغلب التجارب العالمية يتعرض الاستفتاء لمخاطر تكمن في طبيعته كآلية ديمقراطية مباشرة تتيح للشعب التعبير عن إرادته وممارسة سيادته بدون أي شكل من أشكال الوساطة التي تقتضيها الديمقراطية التمثيلية.
ويدور السؤال الأكبر الذي يطرحه مختصون وسياسيون حول مدى التزام الرئيس سعيد بنتائج الاستفتاء في حال لم يحظ مشروع الدستور بموافقة وقبول أغلب الناخبين.
ولا يميل محللون لهذه الفرضية انطلاقا من مؤشرات موضوعية تتعلق بمساندة فئات واسعة من الشعب التونسي لمشروع رئيس الجمهورية والتي لمسوا آثارها في نتائج الاستشارة الإلكترونية التي نظمتها رئاسة الحكومة مطلع السنة الجارية، واستئناسا كذلك بنتائج عمليات استطلاع الرأي التي أجرتها المؤسسات المختصة طيلة السنة الماضية لتشير إلى ترسخ شعبية سعيّد لدى التونسيين واستمراره في تصدر استطلاعات الرأي.