انهيار جزء من إهراءات مرفأ بيروت بعد حريق استمر أسابيع
بيروت - سقط جزء متصدع من إهراءات مرفأ بيروت الأحد بعد تكرر اندلاع النيران فيه، قبل أيام من إحياء لبنان الذكرى السنوية الثانية للانفجار المروع، ما أحيا جراحا لم تندمل بعد، بل تتسع رقعتها في ظل الإهمال المستمر من جانب المسؤولين وعرقلتهم التحقيقات وتقاعسهم عن إحقاق العدالة.
وفور انهيار الجزء المتصدع، غطى غبار كثيف أجواء مرفأ بيروت. ونقلت وسائل اعلام محلية أن صومعتين سقطتا حتى الآن.
وأظهرت مقاطع فيديو وصور لحظة انهيار الصوامع وما نتج عنها من دوامات من الغبار والأتربة والسحب الملوثة بالدخان.
واتهم بعض النشطاء السلطات اللبنانية بالإهمال بسبب تجاهلها الحرائق المشتعلة في الصوامع منذ نحو 3 أسابيع دون أي تدخل لحل المشكلة.
ويأتي ذلك بعد أكثر من أسبوعين من اندلاع حريق في القسم الشمالي من الإهراءات نتج، وفق السلطات وخبراء، عن تخمر مخزون الحبوب مع ارتفاع درجات الحرارة ونسبة الرطوبة.
وتستمر الحرائق بالاندلاع بشكل متقطع في إهراءات مرفأ بيروت منذ أكثر من أسبوعين، من دون أن يُسمح لأحد بالاقتراب من المكان، بمن فيهم عناصر الدفاع المدني وفوج الإطفاء، وذلك تنفيذاً لكتابٍ رسميٍّ بمنع الاقتراب من محيط الصوامع بذريعةِ أنها آيلة للسقوط، وذلك حفاظاً على السلامة العامة، وأن استعمال المياه يفاقم الوضع أكثر.
وهذه التبريرات قابلتها الكثير من الشكوك والمخاوف، خصوصاً من جانب أهالي ضحايا الانفجار بأن تكون الحرائق مقدّمة لهدم الإهراءات، وهي عملية يعبّر الأهالي عن رفضهم لها، قبل جلاء الحقيقة وإحقاق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن انفجار المرفأ، خصوصاً أنهم يعتبرونها مسرحاً للجريمة.
وتحولت الإهراءات رمزا لانفجار مرفأ بيروت، الذي تسبب في الرابع من أغسطس 2020 بمقتل أكثر من مئتي شخص وإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح.
وقد امتصت الإهراءات، البالغ ارتفاعها 48 متراً وكانت تتسع لـ120 ألف طن من الحبوب، القسم الأكبر من عصف الانفجار المدمّر لتحمي بذلك الشطر الغربي من العاصمة من دمار مماثل لما لحق بشطرها الشرقي، وفق خبراء.
وبحسب وزارة البيئة، لا تزال الصوامع الجنوبية ثابتة من دون رصد أي حركة تهدد سلامتها.
وتحتوي بعض الصوامع على قرابة ثلاثة آلاف طن من القمح والحبوب، تعذّر تفريغها جراء خطورة العمل قربها، خشية من ان يسرّع ذلك "تحريك بنية الصوامع المتصدعة أصلاً وانهيار أجزاء كبيرة منها"، وفق السلطات.
وأصدرت وزارتا البيئة والصحة العامة توجيهات وقائية بداية الأسبوع حول انبعاث الغبار المكون من مخلفات البناء وبعض الفطريات من الحبوب المتعفنة في حال سقوط الصوامع الشمالية.
وتضمنت التوجيهات وجوب إخلاء المرفأ فوراً ووضع كمامات عالية الفعالية، وإغلاق الأبواب والنوافذ في المنطقة المحيطة بالمرفأ لمدة 24 ساعة مع ارتداء الكمامات في الخارج.
واتخذت الحكومة في أبريل قراراً بهدم الإهراءات خشية على السلامة العامة، لكنها علّقت تطبيقه بعد اعتراضات قدّمتها مجموعات مدنية ولجنة أهالي ضحايا انفجار المرفأ التي تطالب بتحويل الإهراءات معلما شاهدا على الانفجار.
ونتج الانفجار، وفق السلطات، من تخزين كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم داخل المرفأ من دون اجراءات وقاية، إثر اندلاع حريق لم تُعرف أسبابه. وتبيّن لاحقاً أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة ولم يحركوا ساكناً.
ولم تحرز التحقيقات القضائية المعلّقة منذ أشهر أي تقدم، في ضوء تدخلات سياسية ودعاوى ضد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار يرفعها تباعاً عدد من المدعى عليهم بينهم نواب حاليون ووزراء سابقون.