11 قتيلا في غارة تركية على مركز للجيش السوري
بيروت - قتل 11 شخصا الثلاثاء في غارة جوية شنتها مقاتلة تركية على مركز للجيش السوري في شمال البلاد وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، بينما لم يتضح ما إذا كان بين الضحايا عناصر من القوات الموالية لدمشق أو من القوات الكردية التي لها وجود قوي في المنطقة.
إلا أن وسائل إعلام رسمية سورية ذكرت في وقت لاحق أن ثلاثة عسكريين قُتلوا وجُرح ستة آخرون في هجوم جوي تركي استهدف نقاطا عسكرية بريف حلب. ونقلت التقارير عن مصدر عسكري قوله إن القوات المسلحة السورية ردت على الهجوم، حيث أوقعت خسائر بشرية ومادية، دون إعطاء تفاصيل.
وفي الوقت ذاته ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن عددا من المدنيين قتل وأصيب في عدوان تركي استهدف "القرى الآمنة بريف الرقة الشمالي انطلاقاً من المناطق التي احتلتها قرب الشريط الحدودي".
ونقلت الوكالة عن مراسلها قوله غن "قوات الاحتلال التركي اعتدت (اليوم الثلاثاء) بعدد من قذائف المدفعية الثقيلة على المناطق السكنية في قرى المعلق وصيدا ومحيط الطريق الدولي ام4 وريف تل أبيض الغربي شمال الرقة"، مضيفة أن الاعتداءات أسفرت عن مقتل أربعة مدنيين وإصابة 5 آخرين.
ويأتي هذا التصعيد التركي بينما ألمحت أطلقت تركيا في الفترة الأخيرة إشارات على احتمال تسوية للأزمة السورية تشمل مصالحة بين النظام الذي كانت أنقرة تسعى لإسقاطه، وبين المعارضة التي تدعمها.
ووفق المرصد السوري، اندلعت عند منتصف الليل اشتباكات عنيفة بين قوات سوريا الديمقراطية، التي يُعد الأكراد عمودها الفقري والقوات التركية التي صعّدت قصفها إثر استهداف مركز لها على الجانب التركي من الحدود.
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن إنه "وسط الاشتباكات، استهدفت طائرة حربية تركية مركزا لقوات النظام في قرية جارقلي" غرب مدينة كوباني الحدودية.
وسقط في القصف الجوي 11 قتيلا، إلا أنه "ليس معروفا ما إذا كان جميعهم من قوات النظام أو من المقاتلين الأكراد الذين يسيطرون على المنطقة"، وفق عبدالرحمن.
وأسفرت الاشتباكات الأخيرة في قرى غرب كوباني عن نزوح عشرات العائلات، بحسب المرصد السوري. وقالت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في بيان "نفذت طائرات حربية تركية 12 غارة جوية على مواقع للجيش السوري منتشرة على الشريط الحدودي في غرب كوباني".
وقال الناطق باسم قوات 'قسد' فرهاد الشامي إن الغارات أسفرت عن وقوع "إصابات" دون الخوض في المزيد من التفاصيل. وذكر أحد سكان كوباني أن "هناك حركة نزوح من القرى الحدودية، وأغلقت المحال أبوابها في المدينة".
وأعلنت وزارة الدفاع التركية في وقت سابق الثلاثاء مقتل جندي تركي قرب الحدود مع سوريا، مشيرة إلى "تحييد 13 إرهابيا" في إطار ردّها، مضيفة أن "العمليات مستمرة".
تصنف أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية ضمن قوات سوريا الديمقراطية مجموعة "إرهابية" وتعتبرها امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردا ضدها على أراضيها منذ عقود.
وتنتشر قوات النظام في قرى حدودية في مناطق سيطرة الأكراد في شمال وشمال شرق سوريا، إثر اتفاقات بين الطرفين برعاية روسية هدفها منع تركيا من شنّ عمليات عسكرية جديدة لطالما هددت بها المقاتلين الأكراد.
وتُعد الضربة التركية على مركز للجيش السوري الثلاثاء، أكبر تصعيد بين الطرفين منذ إطلاق أنقرة في العام 2020 عملية عسكرية محدودة ضد قوات النظام في محافظة إدلب في شمال غرب البلاد.
ويأتي التصعيد بعد تصريحات لوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو دعا فيها إلى "مصالحة" بين دمشق والمعارضة، ما يُعد تغيرا في موقف أنقرة، التي قدمت دعما سياسيا وعسكريا للمعارضة السورية منذ بدء النزاع في العام 2011.
وفي موقف يعتبر الأوضح منذ تلميحات الوزير التركي لمصالحة بين أنقرة ودمشق، قال حياتي يازيجي نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، إن "العلاقات مع دمشق قد تتطور وترتقي إلى مستوى أعلى وتصبح علاقات مباشرة".
وفي تصريحات صحيفة 'خبر غلوبال' لم يستبعد يازيجي عقد لقاء مباشر بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والسوري بشار الأسد بعد عقد من القطيعة والعداء.
وردا عن لقاء محتمل بين الرئيسين قال نائب أردوغان "لا أستطيع أن أجزم بعدم حدوث هذا الأمر.. الأمر سينطلق من مستوى معين وقد يتطور مستقبلا".
وأشار إلى أن الحوار يعتبر الجانب الأهم لحل المشكلات في العلاقات الدولية وقال "إما حوار بشكل مباشر أو غير مباشر. حتى اليوم كان الحوار يتم بطريقة غير مباشرة عند مستوى محدد. واليوم ارتفع هذا المستوى بعض الشيء والمناخ الذي سيتشكل بارتفاعه أكثر في المستقبل سيسهم في الخروج من هذا المستنقع القائم في سوريا منذ 11 عاما".
لكن على أرض الواقع تكثف تركيا منذ الشهر الماضي وتيرة استهدافها عبر مسيرات أهدافا في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في خطوة يبدو أنها تهدف لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب في المعركة مع الوحدات الكردية قبل الدخول في أي لقاءات مباشرة مع دمشق.
ولم يحصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وفق محللين، على ضوء أخضر خلال قمة جمعته في يوليو/تموز مع نظيريه الإيراني والروسي للمضي في هجوم جديد ضد المقاتلين الأكراد، إلا أنه أكد أن بلاده ستواصل "قريبا القتال ضد المنظمات الإرهابية" في شمال سوريا.
وشنتّ أنقرة منذ العام 2016 ثلاث عمليات عسكرية واسعة في سوريا، استهدفت بشكل أساسي المقاتلين الأكراد وتمكنت قواتها بالتعاون مع فصائل سورية موالية لأنقرة من السيطرة على منطقة حدودية واسعة في شمال البلاد.