لبنان بلا بنوك إلى أجل غير معلوم

جمعية مصارف لبنان تقرر تمديد إغلاق أبواب البنوك إلى أجل غير مسمى مبررة قرارها باستمرار وجود مخاطر تتربص بالموظفين بعد سلسلة من الاقتحامات التي تعرضت لها البنوك الأسبوع الماضي.
صندوق النقد الدولي ينتقد بطء تنفيذ لبنان للإصلاحات المطلوبة
واشنطن تدعو لبنان لتسريع تنفيذ الإصلاحات وتشكيل الحكومة

بيروت - قالت جمعية مصارف لبنان في بيان يوم الأربعاء إن البنوك اللبنانية ستظل مغلقة إلى أجل غير مسمى، مشيرة إلى استمرار "المخاطر" المحدقة بالموظفين بعد سلسلة من الاقتحامات التي تعرضت لها البنوك الأسبوع الماضي.

وقالت الجمعية في بيان "بنتيجة الاتصالات المكثفة التي أجرتها الجمعية مع الجهات المعنية ولأن المخاطر ما زالت محدقة بموظفي المصارف وزبائنها، فإن المصارف ستُبقي أبوابها مغلقة قسريا في الوقت الحاضر خاصة في ظل غياب أي إجراءات أو حتى تطمينات من قبل الدولة والجهات الأمنية كافة بهدف تأمين مناخ آمن للعمل".

وكانت البنوك تعتزم إعادة فتح أبوابها غدا الخميس بعد إغلاق أعلنت عنه الأسبوع الماضي واستمر ثلاثة أيام، وذلك بعد تعرض سبعة بنوك في المجمل لعمليات اقتحام من قبل مودعين يسعون للحصول على مدخراتهم.

ومن شأن هذا القرار أن يفاقم متاعب اللبنانيين والمؤسسات والشركات ويصيب الخدمات المالية بشلل تام بينما يعاني لبنان أصلا من أسوا أزمة اقتصادية.

كما يرخي القرار بظلال ثقيلة على المفاوضات الجارية بين صندوق النقد الدولي والدولة اللبنانية للإفراج عن قروض وهبات بمليارات الدولارات لتنفيس الأزمة المالية، بينما تعثرت أيضا جلسات مناقشة موازنة البلاد للعام 2022. ولبنان بلا موازمة منذ اندلاع الأزمة في 2019.  

وقال صندوق النقد الدولي في بيان اليوم الأربعاء في ختام زيارة فريق من خبرائه إلى لبنان إن تقدم السلطات اللبنانية في تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها مع الصندوق في أبريل/نيسان ما زال بطيئا للغاية.

وأضاف أن استكمال الإجراءات المسبقة ضروري لكي يدرس مجلس إدارة صندوق النقد الدولي طلب لبنان الحصول على برنامج مالي، مضيفا انه سيبقى منخرطا مع السلطات اللبنانية لدفع جدول أعمال الإصلاحات.

وفي تطور آخر على علاقة بالأزمة، قالت وزارة الخارجية الأميركية اليوم الأربعاء إن الوزير أنتوني بلينكن حث على إجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان دون إبطاء، وذلك خلال اجتماع مع رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي أمس الثلاثاء في نيويورك.

وقالت "شدد الوزير على الحاجة إلى إجراء انتخابات رئاسية دون إبطاء في لبنان وحث رئيس الوزراء والقادة الآخرين على تنفيذ الإصلاحات الرئيسية اللازمة لإحداث تغيير ذي مغزى وتعزيز الحكم الرشيد وإنعاش الاقتصاد اللبناني مع استعادة ثقة الشعب".

وتُعتبر الأزمة الاقتصادية المتمادية الأسوأ في تاريخ لبنان. وتترافق مع شلل سياسي يحول دون اتخاذ خطوات إصلاحية تحدّ من التدهور وتحسّن من نوعية حياة السكان الذين يعيش أكثر من ثمانين بالمئة منهم تحت خط الفقر. ولم تنجح السلطات بعد في تنفيذ إصلاحات يشترطها المجتمع الدولي لتقديم الدعم من أجل وقف النزيف الحاصل.

وأعلن الصندوق في أبريل/نيسان توصله إلى اتفاق مبدئي مع لبنان على خطة مساعدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار على أربع سنوات، لكن تطبيقها مرتبط أيضا بالتزام الحكومة تنفيذ إصلاحات مسبقة وإقرار مشاريع قوانين بينها قانون "كابيتال كونترول" الذي يقيّد عمليات السحب وتحويل العملات الأجنبية من المصارف ومشروع قانون موازنة 2022، إضافة إلى إقرار تشريعات تتعلق بإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتعديل قانون السرية المصرفية.

وقال المتحدّث باسم الصندوق جيري رايس لصحافيين الأسبوع الماضي "كان هناك تقدم بطيء في تنفيذ بعض الإجراءات الملحة التي نعتقد أنها مطلوبة للمضي قدما في برنامج" دعم للبنان.

وشهد الأسبوع الماضي سبع عمليات اقتحام لفروع مصارف، طالب خلالها مودعون بالحصول على ودائعهم. وحصلت خمس منها خلال يوم واحد.

وتظاهر عشرات اللبنانيين الإثنين الماضي أمام مقر وزارة العدل في بيروت، مطالبين بإطلاق سراح شابين تم توقيفهما على هامش مشاركتهما في اقتحام مصرف الأسبوع الماضي.

والأحد الماضي سجّلت الليرة اللبنانية أدنى مستوياتها مقابل الدولار في السوق الموازية، تزامنا مع بدء المصارف إغلاق أبوابها احتجاجا على عمليات اقتحام طالت عددا من فروعها خلال الأسبوع الماضي.

منذ صيف العام 2019، خسرت الليرة قرابة 95 بالمئة من قيمتها أمام الدولار، فيما لا يزال سعر الصرف الرسمي مثبتا عند 1507 ليرات. ويتزامن ذلك مع أزمة سيولة حادة وتوقّف المصارف عن تزويد المودعين بأموالهم بالدولار.

ويربط محللون بين تدهور قيمة الليرة وازدياد الطلب على الدولار، خصوصا مع رفع المصرف المركزي الدعم تدريجيا عن استيراد سلع رئيسة آخرها المحروقات الأسبوع الماضي. ويدفع ذلك كبار التجار إلى شراء الدولار من السوق الموازية لتأمين كلفة الاستيراد.

وقال الخبير المصرفي صائب الزين إن تدهور الليرة "يتواصل منذ فترة، منذ رفع الدعم، وهو ما يخلق طلبا إضافيا على الدولار وفوق ذلك كله لا توجد إصلاحات" يشترط المجتمع الدولي تنفيذها من أجل تقديم الدعم للبنان.