الإيرانيات يقتحمن مخاطر كبيرة في كفاحهن في سبيل الحرية

تتصدر قواعد اللباس الإلزامية قائمة طويلة من مظالم الإيرانيات اللائي يشكلن أكثر من نصف السكان وهن من بين أكثر النساء تعليما في الشرق الأوسط. فمعدل معرفة القراءة والكتابة بينهن تزيد على 80 بالمئة ويشكلن أكثر من 60 بالمئة من طلاب الجامعات الإيرانية.

دبي - على مدار عقود، رضخت المعلمة الإيرانية المتقاعدة، سُمية، لقمع القوانين الإسلامية المتشددة في بلادها. وقبل ان تفارق مهسا أميني الحياة في حجز لشرطة الأخلاق الشهر الماضي، كان خوف سمية الشديد يمنعها من الوقوف في وجه رجال الدين الحاكمين.

لكن النساء تصدرن الاحتجاجات التي اندلعت أثناء تشييع جثمان أميني وانتشرت عبر البلاد مما شكل أحد أكبر التحديات للجمهورية الإسلامية منذ ثورة 1979.

وبينما يعتقد محللون أن فرص التغيير السياسي في إيران ضئيلة، فإن وفاة أميني أصبحت محور حشد غير مسبوق للنساء اللواتي يقتحمن مخاطر كبيرة في كفاحهن في سبيل الحرية مُطالبات بسقوط رجال الدين الحاكمين في مجتمع يهيمن عليه الرجال.

وقالت سمية، متحدثة عن أميني، "كسر موتها ظهر البعير. هذا نتيجة سنوات من قمع الإيرانيات. سئمنا القوانين التمييزية ومن اعتبارنا مواطنين من الدرجة الثانية... الآن، نريد تغييرا سياسيا".

ومضت سمية تقول "لا أستطيع العيش في خوف من وقوع ابنتي في صدام مع شرطة الأخلاق ومقتلها على أيديهم... أظهر موت مهسا أنه يتعين علينا التصدي لهذه المؤسسة".

وتتصدر قواعد اللباس الإلزامية قائمة طويلة من مظالم الإيرانيات اللائي يشكلن أكثر من نصف السكان وهن من بين أكثر النساء تعليما في الشرق الأوسط. فمعدل معرفة القراءة والكتابة بينهن تزيد على 80 بالمئة ويشكلن أكثر من 60 بالمئة من طلاب الجامعات الإيرانية.

لكن بموجب النسخة الإيرانية من الشريعة الإسلامية التي فرضتها الثورة، فإن تطليق الرجل لزوجته أسهل بكثير من خلع المرأة زوجها. وحضانة الأطفال الذين تزيد أعمارهم عن سبع سنوات تذهب تلقائيا إلى الأب.

والنساء، حتى المشرعات والمسؤولات البارزات، لابد أن يحصلن على إذن من أزواجهن إذا أردن السفر إلى الخارج.

وربما بوسع النساء من الناحية القانونية شغل معظم الوظائف أو التصويت أو قيادة السيارات، لكن لا يمكنهن الترشح لمنصب الرئيس أو يتولين منصب القاضي.

ضغط متصاعد

تصاعد الضغط على النساء منذ فوز الرئيس المتشدد إبراهيم رئيسي في سباق خضع لسيطرة شديدة العام الماضي مما أدى إلى ترجيح كفة ميزان القوى في غير صالح التأثير المعتدل للسياسيين الليبراليين.

وفرض تطبيق الرئيس الإيراني "لقانون الحجاب والعفة" في يوليو تموز مزيدا من القيود، مثل منع النساء من دخول بعض البنوك والمكاتب الحكومية وبعض وسائل النقل العام.

وزاد عدد سيارات شرطة الأخلاق في الشوارع، وظهرت مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي لضباط يضربون النساء ويعاملوهن بطريقة سيئة أثناء احتجازهن.

وأثار هذا غضب إيرانيين كثيرين ممن يؤمنون بحقهم في العيش في بلد حر وبأن لهم الحقوق ذاتها التي يتمتع بها آخرون في جميع أنحاء العالم.

وقالت نسرين (38 عاما) من مدينة يزد بوسط البلاد "الأمر لم يعد يتعلق بقواعد اللباس بعد الآن. هذا يتعلق بحقوق الأمة الإيرانية. ويتعلق بأمة واقعة رهينة في أسر رجال الدين منذ عقود".

ومضت نسرين تقول "أريد أن أعيش كما أريد. نناضل من أجل إيران أفضل لا يديرها رجال الدين".

العيش بحرية

واجهت قوات الأمن المحتجين بقسوة وقتلت أكثر من 185 منهم، بينهم 19 قاصرا على الأقل، وتسببت في إصابات للمئات واعتقلت الآلاف، بحسب منظمات حقوقية.

وتقول السلطات الإيرانية إن ما لا يقل عن 20 من أفراد قوات الأمن قُتلوا خلال "أعمال الشغب".

وقالت جينوس (27 عاما) وهي مترجمة حرة "نشأت في إيران وأنا أحلم بالعيش في بلد حر يمكنني فيه أن أغني بحرية وأرقص بحرية وأن يكون لي صديق أمسك بيده في الشارع دون خوف من شرطة الاخلاق".

ومضت تقول "لست خائفة على الإطلاق. نذهب إلى الاحتجاجات مع والدتي وأخواتي لنقول فاض الكيل".

ويلقي رجال الدين الحكام باللائمة في الاضطرابات على خصوم أجانب، ويقولون إن المرأة تتمتع بحماية أفضل في إيران عن مثيلاتها في الغرب الذي يرون أنه يستخدم النساء كأدوات للإعلان عن المنتجات وتلبية "الاحتياجات الجنسية غير المنضبطة واللا مشروعة".

وقالت مسيح علي نجاد، الناشطة الحقوقية الإيرانية الأمريكية المقيمة في نيويورك، "الحجاب الإجباري هو أضعف ركائز الجمهورية الإسلامية. لهذا السبب يخاف النظام حقا من هذه الثورة".

وصعدت موجات الاحتجاجات الرافضة للحجاب ضد المؤسسة الدينية في السنوات الماضية. ففي عام 2014، دشنت مسيح حملة على فيسبوك بعنوان "حريتي المختلسة" ونشرت صورا لنساء إيرانيات غير محجبات مرسلة إليها.

وأعقب ذلك حملة في عام 2017 لنساء كي يرتدين غطاء رأس أبيض أيام الأربعاء ثم احتجاجات الحجاب في عام 2018. وقالت منظمات حقوقية إن عشرات النساء في السجون بسبب نشاطهن ضد فرض الحجاب.