طفلة تونسية تتقاذفها الأهواء الدبلوماسية بعد الأمواج
تونس – تعيش تونس منذ اسبوعين على وقع صدمة وصول طفلة تبلغ من العمر 4 سنوات ، بمفردها إلى إيطاليا على متن قارب هجرة غير شرعية، في قضية فتحت الباب امام سجال دبلوماسي وقانوني بين الدولتين حول استرجاع الصغيرة.
وتشهد ظاهرة الهجرة غير النظامية من سواحل تونس في اتجاه أوروبا، وبشكل خاص نحو السواحل الإيطالية، انتشارا ملحوظا، لتفرز تداعيات اجتماعية واقتصادية سلبية وعواقب خطيرة، بحسب وصف منظمات اجتماعية وحقوقية أدانت صمت السلطات مما أدى لتضاعف أعداد الهالكين والمفقودين في رحلات الهجرة السرية.
وتداول تونسيون مقاطع فيديو وصورا على شبكات التواصل الاجتماعي للطفلة عمرها لا يتعدى 4 سنوات، وصلت في غضون الأسبوع الماضي إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية مع مجموعة من المهاجرين غير النظاميين على متن زورق بحري قبل أن يتم إيقافه من قبل الشرطة الإيطالية، واعتقال كل من كانوا على متنه في مركز لإيواء المهاجرين، باستثناء الطفلة التي تم الاحتفاظ بها لدى السلطات الإيطالية.
وقال مسؤول قضائي تونسي إن السلطات الإيطالية رفضت إعادة الطفلة.
وقال متحدث باسم الحرس الوطني التونسي إن والديها سلماها إلى وسيط منظم للرحلة مع مبلغ مالي على أن يلحقا بها إلى إيطاليا، وصدر قرار بمنع الوالدين من السفر بعد أن خضعا إلى التحقيق.
لكن بحسب مصادر إعلامية في تونس، فإن والد الطفلة كان يتأهب مع زوجته وابنتيه لاجتياز الحدود البحرية خلسة، في رحلة من بين عشرات الرحلات السرية التي تنطلق يوميا من السواحل التونسية باتجاه إيطاليا، لكن الأب وبعد أن أركب ابنته القارب، عاد ليحمل زوجته وابنته الكبرى إلا أنه فوجئ عند الوصول بأن المركب أبحر نحو إيطاليا دون انتظار بقية الركاب.
ويعمل والدا الطفلة بائعين متجولين على الساحل التونسي ودفعا 24 ألف دينار (نحو 7500 دولار) للمهرّب مقابل المشاركة في عملية العبور، وفقا لوزارة الداخلية.
والاثنين، أفاد النائب في البرلمان التونسي المنحل مجدي الكرباعي، أن "الطفلة ليندا (4 أعوام) التي وصلت السواحل الإيطالية دون أبويها منذ أكثر من أسبوع، تعيش حالة نفسية صعبة".
وقال الكرباعي في اتصال هاتفي مع الأناضول من إيطاليا، إن "الطفلة التي وصلت سواحل البلد الأوروبي بقارب هجرة غير شرعية، مرتبطة بأمها وأختها ذات السنوات السبع.
وأرسلت تونس مندوبا لاستعادة الطفلة، لكن المتحدث باسم محاكم المنستير والمهدية فريد بن جحا صرح لإذاعة "شمس إف إم" الخاصة بأن السلطات الإيطالية رفضت إعادتها.
وقال بن جحا، الأربعاء "إن مندوب حماية الطفولة سيحضر الجمعة لدى القضاء الإيطالي لتقديم ما يفيد بصدور حكم من السلطات القضائية في تونس يقضي بضرورة إرجاع الطفلة باعتبار أن مصلحة البنت في محيطها الأسري".
وتابع أنه "لا بد من تنفيذ قرار القضاء التونسي في إطار التعاون القضائي مع إيطاليا، خاصة وأن الحكم يدخل في إطار السيادة الوطنية".
وقالت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن ان "خلية المتابعة ببلارمو (الإيطالية) ستتولى الخميس زيارة الطفلة في مركز التعهّد الجديد الذي تمّ إيواؤها "به".
وأضافت أن "قاضي الأسرة الإيطالي المتعهّد بالقضية سيلتقي للغرض بعد غد الجمعة، ممثلا عن البعثة الدبلوماسية التونسية والمندوب العام لحماية الطفولة والمحامية التونسية".
ووجهت النيابة العامة التونسية إلى والدي ليندا تهمة "مساعدة الغير على تجاوز الحدود البحرية خلسة، وإهمال شؤون قاصر"، وقرر قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بولاية المنستير الإبقاء عليهما بحالة سراح، مع منعهما من السفر..
وأثارت القضية تفاعلا واسعا من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وتشاركوا تفاصيل القصة المثيرة بكثير من التساؤلات.
وتهاطلت ردود الأفعال عقب الحادثة محملة السلطات مسؤولية ما يحدث يوميا على السواحل من رحلات غير نظامية تنتهي أغلبها بغرق المركب ووفاة أو فقدان كل من هم على متنه، فيما اتهمت منظمات حقوقية وجمعيات خاصة، الحكومة، بدفع هؤلاء للبحث عن لقمة العيش في أوروبا بعد أن يئسوا من الوضع الاجتماعي والاقتصادي المتردي في البلاد والذي يزداد احتقانا يوما بعد يوم.
وبسبب الأزمة الاقتصادية التي تحاصر تونس، تخاطر عائلات بأكملها بالهجرة عبر قوارب صغيرة.
وتقوم السلطات الأمنية والعسكرية يوميا بإنقاذ واعتراض عشرات من المهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى السواحل الأوروبية في قوارب غالبا ما تكون متهالكة.
وقدر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الذي يعنى بالهجرة، هجرة حوالي 500 عائلة تونسية إلى السواحل الإيطالية هذا العام.
كما أحصى أكثر من 13 ألفا و500 مهاجر غير نظامي تونسي غادروا انطلاقا من سواحل البلاد من بينهم قرابة 2600 قاصر و640 امرأة بينما يعد حوالي 600 شخص في عداد المفقودين.