ملاحقات قضائية بحق المنافسين تُعبد طريق أردوغان للرئاسة

القضاء التركي يلاحق أكرم إمام أوغلو أحد أبرز وجوه حزب الشعب الجمهوري وكذلك زعيمه كمال كيليتجدار أوغلو بتهم قد تفضي إلى سجنيهما وبالتالي اقصاؤهما من الحياة السياسية.

اسطنبول - طالب القضاء التركي الجمعة بسجن رئيس بلدية اسطنبول وأحد أبرز وجوه المعارضة التركية أكرم إمام أوغلو لمدة عام وثلاثة أشهر على الأقل بعد محاكمة بتهمة 'اهانة' أعضاء المجلس الأعلى للانتخابات، بحسب ما أعلن محاميه اليوم الجمعة، بينما تشير الملاحقات القضائية بحق منافسي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية في الانتخابات القادمة، إلى محاولة إزاحة من يشكلون خطرا على حظوظه من طريقه.   

وتأتي ملاحقة إمام أوغلو وهو قيادي في حزب الشعب الجمهوري وأحد المرشحين المحتملين لسباق الرئاسة في تركيا قبل سبعة أشهر من الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية المقررة في يونيو/حزيران من العام القادم.

ولم يعلن إمام أوغلو عزمه خوض الانتخابات الرئاسية لكنه يحظى بشعبية وبكاريزما جعلته قادرا على حشد واستقطاب الناخبين ووجه في الانتخابات البلدية الأخيرة صفعة قوية لحزب العدالة والتنمية في أ؛د أكبر معاقلهم بفوزه برئاسة بلدية اسطنبول.

وبدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مبكرا في الاستعداد لهذه الانتخابات التي يخوضها وحزبه حزب العدالة والتنمية الذي يحكم تركيا منذ العام 2002، بينما يواجه متاعب في ترميم شعبيته على وقع نكسات اقتصادية وسياسية وعلى ضوء مشهد سياسي يبدو مختلفا عن السنوات السابقة مع بروز تحالفات بين أحزاب المعارضة هدفها عزله سياسيا.

واستؤنفت محاكمة رئيس بلدية اسطنبول قبل سبعة أشهر من انتخابات رئاسية وتشريعية يرجح أن تشهد منافسة حادة ولا تبدو مضمونة بالنسبة لأردوغان وحزبه.

وأكد المحامي كمال بولات أن القضاء طلب السجن لمدة تتراوح بين سنة وثلاثة أشهر إلى أربع سنوات وشهر بحق إمام أوغلو، ما قد يقصيه من الحياة السياسية لمدة أربع سنوات.

وكانت الجلسة السابقة التي عقدت في 21 سبتمبر، في غياب إمام أوغلو الذي يصف هذه المحاكمة بأنها "تراجيديا كوميدية"، ومنعت وسائل الإعلام من حضورها، علقت بسرعة وتأجلت من قبل القضاة.

ونظريا، يمكن أن يحكم على إمام أوغلو (52 عاما) العضو في حزب الشعب الجمهوري (اشتراكي ديمقراطي)، حزب المعارضة الرئيسي لسلطة الرئيس رجب طيب أردوغان بالسجن لمدة قد تصل إلى أربع سنوات بتهمة "إهانة" أعضاء المجلس الأعلى التركي للانتخابات.

وأدان محاميه كمال بولات المحاكمة معتبرا أنها "قضية سياسية" ومذكرا بأن أي حكم بالسجن لأكثر من عام، "حتى عام ويوم"، سيؤدي إلى استبعاده تلقائيا من الحياة السياسية لمدة أربع سنوات.

وفي مقابلة مع قناة "فوكس تي في" التركية الجمعة، بدا رئيس بلدية اسطنبول غير مبال. وقال "لست مهتما على الإطلاق بما سيحدث لي ولا أشعر بأي قلق أو خوف، لكني أشعر بالخجل من هذه المحاكمة"، مضيفا "لا يمكن إجراء محاكمة كهذه. إنها تراجيديا كوميدية"، لكنه أكد أنه "يثق بالقضاء التركي العظيم".

ويتابع المراقبون هذه المحاكمة بدقة كمؤشر على مدى استقلال القضاء قبل الانتخابات، بينما تأتي هذه الجلسة بعد أسبوع على اتهام رئيس حزب الشعب الجمهوري والمرشح المحتمل للرئاسة كمال كيليتجدار أوغلو "بنشر أخبار كاذبة".

وتسم هذه الملاحقات القضائية بحق إمام أوغلو وعددا من السياسيين المعارضين ملامح حملة إقصاء في استنساخ لسيناريو مشابه عندما عمد الرئيس التركي لإجراءات شملت إضعاف حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد والكتلة الثالثة في البرلمان من خلال محاكمات وملاحقات أفضت إلى الزج بالعشرات من أعضائه في السجن من بينهم رئيس الحزب السابق صلاح الدين دميرطاش المسجون منذ 2016.

وبموجب قانون جديد حول المعلومات المضللة، يواجه كذلك زعيم حزب الشعب الجمهوري كيليتجدار أوغلو عقوبة قد تصل إلى السجن ثلاث سنوات، وسيمنع بذلك من الترشح للانتخابات.

وكان كيليتجدار أوغلو كتب في تغريدة على تويتر أنه يحمل حكومة حزب العدالة والتنمية ذات الميول الإسلامية، مسؤولية ما أسماه "وباء الميثامفيتامين" في تركيا، مشيرا إلى أن السلطات تسحب الأموال من مبيعات المخدرات للمساعدة في سداد الديون الوطنية.

وفي مارس/اذار 2019، ألغت السلطات التركية الانتخابات التي فاز فيها إمام أوغلو برئاسة بلدية اسطنبول بفارق ضئيل، لكنها اضطرت للتراجع بعد ثلاثة أشهر في مواجهة تعبئة للناخبين مما شكل انتصارا كبيرا للمعارضة.

وقد رفض أردوغان الذي بدأ حياته السياسية كرئيس لبلدية اسطنبول ويعتبر المدينة معقلا له، الاعتراف بالنتيجة. ودعا مسؤولو الانتخابات إلى إجراء اقتراع جديد بعد أن اكتشفوا، كما أفادت معلومات، مئات الآلاف من "الأصوات المشبوهة".

وأثار قرار الدعوة إلى إعادة الانتخابات بعدما أدى إمام أوغلو اليمين الدستورية، إدانة عالمية وموجة دعم كبيرة لرئيس البلدية المنتخب.

وبعد أشهر، وصف أكرم إمام أوغلو الذين ألغوا نتائج الانتخابات الأولى بأنهم "حمقى" وهذا ما أدى إلى رفع دعوى قضائية ضده، بينما يرى كمال كيليتجدار أوغلو أن السلطة تحاول بهذه المناورة "منع رئيس البلدية من ممارسة أي نشاط سياسي".

وقال رئيس حزب الشعب الجمهوري "لكنني أقول لكم بوضوح: إمام أوغلو شوكة كبيرة ستبقى في حلقكم. لن ندع أي شخص يبتلع إمام أوغلو".

ويبدو أن نظام أردوغان الذي يواجه أزمة اقتصادية خطيرة وتضخما تجاوز 85 بالمئة خلال الأشهر الـ12 الماضية، يريد إضعاف المعارضين الذين طالتهم أساسا موجات اعتقالات أعقبت محاولة الانقلاب في 2016.

ومنذ منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اعتقل مئات من أنصار الداعية فتح الله غولن الحليف السابق الذي أصبح مصدر إزعاج لرئيس الدولة الذي يتهمه بتدبير تلك المحاولة الانقلابية.

ويشكل إمام أغلو كابوسا لحزب العدالة والتنمية بعد أن نجح في الانتخابات البلدية في انتزاع رئاسة بلدية أكبر مدن تركيا من حزب أردوغان وشكلت تلك الانتخابات أسوأ انتكاسة للرئيس التركي.