الطبوبي يستبق اتفاقا مع النقد الدولي بالتصعيد ضد حكومة بودن
تونس – صعّد الاتحاد العام التونسي للشغل مجددا خطابه ضد الحكومة بمطالبتها بالصراحة والوضوح بخصوص وضع البلاد ودعوتها إلى حوار جاد في محاولة لتهويل ما يجري في تونس وذلك قبل أسابيع من توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وقال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي، الجمعة، على هامش الدورة 36 للملتقى السنوي الاقتصادي "أيام المؤسسة"، المنعقد بمدينة سوسة شرقي تونس ويستمر حتى اليوم السبت "نطالب الحكومة بالصراحة والوضوح بخصوص الوضع الجاري، فهذا مصير دولة ومصير مجتمع بأكمله".
وأضاف "يفترض على حكومة احترام نفسها، وأن يكون لها استراتيجية واضحة وخبراء ودراسات، وأن تراسل الأطراف المعنية بالحوار قبل فترة وبشكل جدي، لطرح خياراتها ومضامينها، لا أن يتم دعوتها يوم الحوار".
وكانت وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم نائلة نويرة، قد أكدت الجمعة خلال انعقاد الدورة 36 لأيّام المؤسّسة التزام الحكومة بمواصلة الحوار مع الاتّحاد العام التونسي للشغل، ومنظمة الأعراف كشريكين أساسيين، مثمّنة في هذا الصدد، الاتّفاق الثلاثي الممضى بتاريخ 12 أوت 2022 الذي يكرّس الحوار كآليّة للاتّفاق على الإصلاحات الاقتصادية المنتظرة والاستحقاقات الاجتماعية الكبرى.
واعتبرت الوزيرة أنّ آلية الحوار مع الشريكين يسّرت إبرام الاتّفاق حول الزيادة في الأجور في الوظيفة العمومية على ثلاث سنوات والترفيع في الأجر الأدنى المضمون.
ومنتصف سبتمبر الماضي وقّعت رئيسة الحكومة نجلاء بودن والطبوبي اتفاقا لزيادة الرواتب بنسبة 5 في المئة خلال السنوات الثلاث المقبلة كمعدل عام.
وتطرق الطبوبي إلى مسألة رفع الدعم عن المواد الأساسية قائلا "ما يتردد إلينا اليوم أن الدعم سيوجه لمستحقيه، ولكن الإشكال الحقيقي يكمن في التفاصيل، وكون المقترح المقدم من إحدى الوزارات (لم يسمها) هو منح 118 دينارا سنويا (36 دولارا) لكل فرد".
وطالب الطبوبي بأن "يشمل الدعم القاضي والطبيب والمدرس في الوظيفة العمومية (الحكومية)".
ويبدو أن الأمين العام للاتحاد لا يزال مصرا على اتهام الحكومة برفع الدعم رغم تعهد الرئيس قيس سعيد في 1 ديسمبر الحالي بعدم تخلي الدولة عن دعم المواد الأساسية أو التفريط في المؤسسات العمومية، وذلك خلال لقائه مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن، وفق بيان للرئاسة التونسية، بعد تهديد النقابات بـ"معركة اجتماعية" جراء غلاء الأسعار.
وأشار الطبوبي إلى أن "وزيرة المالية سهام نمصية، استدعت وفدا من الاتحاد قبل أسبوع، وأصدرت بيانا أحادي الجانب، أكدت فيه أن الاتحاد ثمن قانون المالية الحالي".
وفي 2 ديسمبر الجاري، أكدت وزارة المالية في بيان أن "عددا من أعضاء وخبراء الاتحاد العام التونسي للشغل، ثمّنوا الإجراءات التي جاءت في مشروع قانون المالية 2023 والرامية إلى تحسين قدرة الدّولة على تحصيل مداخيلها الجبائية (الضريبية) وتوسيع قاعدة الأداء وتقريب جباية مداخيل رأس المال من جباية مداخيل الأجراء".
ويأتي تصعيد الطبوبي في خضم معركة ليّ أذرع بين المركزية النقابية والحكومة وعلى وقع استحقاق انتخابي ضمن الخارطة السياسية التي كشف الرئيس قيس سعيد عن عناوينها ومساراتها وسقفها الزمني.
كما يأتي لإرغام الحكومة على تنفيذ مطالبه، في وقت تواجه تونس وضعا ماليا صعبا وتكابد للخروج من أسوأ أزمة مالية تفاقمت بفعل تداعيات جائحة كورونا وتعطل قطاعات منتجة وأثر رجعي لتركة من المشاكل من مخلفات منظومة الحكم السابقة.
وتعمقت الصعوبات الاقتصادية أيضا بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا حيث شهدت أسعار الطاقة والغذاء ارتفاعا قياسيا أثقل كاهل تونس التي تستورد معظم احتياجاتها منهما من الخارج.
ويواصل التضخم في تونس الارتفاع حيث بلغ 9.8 في المئة خلال نوفمبر الماضي، مسجلًا أعلى نسبة منذ التسعينات.
وتوصلت تونس في أكتوبر الماضي إلى اتفاق مع صندوق النقد، ستُمنح بموجبه قرضا بحوالي 1.9 مليار دولار على مدى 4 سنوات. والبرنامج الإصلاحي التونسي الذي اشترطه صندوق النقد يتضمّن إصلاحات مالية وجبائية تهدف إلى دفع النمو والاستثمار وتحسين مناخ الأعمال، ومنها إعادة هيكلة المؤسسات العمومية والتحكم في كتلة الرواتب.
وتبدي منظمات وطنية في مقدمتها الاتحاد العام التونسي للشغل رفضها للاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي من المرجح أن يتم حسمه في التاسع عشر من الشهر الحالي، ويعتبر الاتحاد أن هذا الاتفاق يشكل مدخلا جديدا لضرب السيادة الوطنية، وهو موقف لا يخلو وفق خبراء اقتصاد من شعبوية، ومزايدات في سياق الصراع السياسي الدائر في البلاد.