'قطر غيت' تكبر ككرة النار
باريس - مع انتهاء المونديال الذي استضافته قطر بنجاح منقطع النظير تنظيميا وساعد إلى حد ما في تعزيز أو صناعة القوة الناعمة للإمارة الخليجية الغنية بالغاز والتي أسس ذراعها الاستثماري والمالي شراكات واسعة في مختلف أنحاء العالم، عاد التداول بقوة في فضيحة الفساد المالي في البرلمان الأوروبي والتي يقول المحققون إنها على صلة بالمال القطري وأنها كالشجرة التي تحجب غابة الفساد في أعرق المؤسسات الأوروبية، بينما بدأت تكبر ككرة النار لتشمل مشتبه بهم آخرين.
ويبدو أن القضية سائرة للاتساع أكثر لتشمل العديد من كبار المسؤولين والشخصيات الأوروبية وهو ما سبق وأن تحدث فيه برلمانيون أوروبيون معتبرين أن اعتقال نائبة رئيسة البرلمان الأوروبي ايفا كايلي وثلاثة آخرين قد يكون الشجرة التي تحجب غابة الفساد وتغول اللوبيات في المؤسسات الأوروبية.
وفي أحدث فصل من فصول القضية التي أصابت الاتحاد الأوروبي بالصدمة، بدأ تداول اسم شخصية وازنة كطرف من الأطراف التي تلقت أموالا وهدايا من قطر ويتعلق الأمر بالمفوض اليوناني السابق في الاتحاد الأوروبي ديميتريس أفراموبولوس.
لكن أفراموبولوس قال إن بعض الأطراف تحاول توريطه في فضيحة "قطر غيت" من أجل إبعاده عن عملية اختيار الممثل الخاص المقبل للاتحاد الأوروبي للعلاقات مع دول الخليج، وفق ما ورد في تقرير نشره اليوم الخميس موقع 'مونت كارلو' الدولي.
وأفراموبولوس الذي يشتكي من مؤامرة تحاك ضدّه كان مفوضا للهجرة والشؤون الداخلية والمواطنة بين 2014 و2019 وكان أيضا عضوا في المجلس الاستشاري لمنظمة 'مكافحة الإفلات من العقاب' وهي منظمة غير حكومية لكن اتضح أنها على ارتباط بأنطونيو بانزيري أحد الذين تم اعتقالهم بتهمة الضلوع في مزاعم الفساد والرشاوى التي قدمتها قطر.
ودفع المسؤول الأوروبي السابق ببراءته مما تنسبه له بعض الأطراف من تلقي أموال قطرية، لكن صحيفة 'لا ستامبا' الإيطالية ذكّرت بأنه (أفراموبولوس) لم يكن فقط عضوا في المنظمة، مضيفة أنه كان يتقاضى منها راتبا شهريا يقدر بنحو 60 ألف يورو في الفترة من فبراير/شباط 2021 إلى فبراير/شباط 2022.
وبحسب المصدر ذاته قال أفراموبولوس في بيان إن "اللجنة التي شاركت فيها مع شخصيات مثل مفوضة الشؤون الخارجية الأوروبية السابقة فيديريكا موغيريني ورئيس الوزراء الفرنسي السابق برنار كازنوف والسيناتورة الإيطالية إيما بونينو كانت مشرّفة. بالنسبة لمساهمتي والتعويض المصاحب لها، فقد طلبت موافقة المفوضية الأوروبية وحصلت عليها كتابة من الرئيسة أورسولا فون دير لاين".
وتأتي تصريحات أفراموبولوس بينما تستعد المفوضية الأوروبية للبدء في إجراء داخلي اعتبارا من الاثنين القادم وذلك بهدف "تحديد ما حدث بالضبط بين ديميتريس أفراموبولوس والمنظمة غير الحكومية".
إلا أن المفوض السابق للهجرة اتهم مجموعات في إيطاليا بمحاولة إبعاده عن المنافسة على منصب الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي للعلاقات مع دول الخليج.
وتتوقع مصادر دبلوماسية أوروبية أن تطيح فضيحة 'قطر غيت' برؤوس كبيرة في انتظار ما ستكشف عنه التحقيقات واعترافات المشتبه بهم المحتجزين حاليا على ذمة التحقيقات.
ورأت تلك المصادر أن القضية بدأت ترخي بالفعل بظلال ثقيلة على العلاقات الأوروبية القطرية رغم نفي الدوحة أي صلة لها بفضيحة الفساد المالي وتنديدها بممارسات بلجيكية وصفتها بـ"الانتقائية".
وتأخذ السلطات القطرية على نظيرتها البلجيكية عدم إبلاغها منذ البداية والتنسيق معها في القضية بينما تقول الدوحة إنه تم الزج باسمها في القضية مع أنه توجد دول أخرى تواجه الاتهامات ذاتها التي وجهت لقطر.
ويبدو أن الفترة القادمة ستشهد المزيد من التطورات وأن قطر تجد نفسها بالفعل في قلب فضيحة الفساد وتشكيل لوبيات تعمل لصالحها لتلميع صورتها من جهة وللتأثير على القرارات الأوروبية في ما يتصل بقضايا مرتبطة بالدوحة.
ووضعت هذه القضية مصداقية البرلمان والاتحاد الأوروبيين على المحك وستشكل اختبارا جديا لمعايير الشفافية والديمقراطية التي يلتزم بها الأوروبيون في كل العلاقات الخارجية.
وتسود مخاوف من أن حاجة الدول الأوروبية لإمدادات الغاز من قطر وكذلك هيمنة الدوحة ماليا على كثير من الشركات، قد تنحرف بالتحقيقات الحالية وقد يجري تسوية القضية في الكواليس والغرف المغلقة حفاظا على المصالح الحيوية للاتحاد الأوروبي مع الإمارة الخليجية التي لم تتوان في بداية فضيحة الفساد عن التلويح بورقة الغاز لتكميم الأفواه المنددة بالدور القطري في شراء الذمم في الهيئات والمؤسسات أوروبية.