بيت الشعر بالمفرق يختتم الملتقى النقد الأدبي الثاني
على مدى ثلاثة أيام نظم "بيت الشعر بالمفرق" بالتعاون مع قسم اللغة العربية، كلية الآداب بالجامعة الأردنية، "ملتقى النقد الأدبي الثاني، بمشاركة كوكبة من النقاد الأردنيين، الذيم عاينوا محاورا عدة مثل: "المكان وتجلياته في القصيدة العربية المعاصرة، التشكيلات السردية في النص الشعري، والمدينة في القصيدة المعاصرة وتجلياتها النصيّة، والوطن في القصيدة المعاصرة، والطبيعة في القصيدة المعاصرة، وجماليات المكان المجازي، والسرد المتكئ على المثيولوجيا الإنسانية، والسر المتكئ على التاريخ".
واختتمت فعاليات اليوم الثالث للملتقى صباح الخميس والذي أقيم بالجامعة الأردنية بتقديم بعض الأوراق النقدية حول موضوع "التشكيلات السردية في النص الشعري"، وأدار مفردات الجلسة الدكتور عبدالله المانع وسط حضور عدد من الأكاديميين والطلبة والمهتمين.
الورقة الأولى قدمتها الناقدة الدكتورة ليندا عبيد، وتتناولت دراستها ديوان الشاعر مهدي نصير ضمن عنوان المشهدية السردية وجمالية التجديد الفني في ديوان "امرأة حجرية" وتوقفت القراءة عند ملامح التجديد في الديوان بدءا بالمجازات الطازجة واللغة العصرية التي تحتفي باليومي وتفاصيله، والتي تجعل من العادي البسيط كثافة وعمقا ضمن رؤى وتصورات تدلل على رؤى الشاعر وتصوراته إزاء واقع عربي منهك ترشح منه الهزيمة والتشظيات.
وذكرت د. عبيد بأن الشاعر يؤرخ في ديوانه للموت واليباس ونذر الشر والخراب والتحجر قبل أن يعنى بملامح الحياة ونسغها، فنقبض على صور متناقضة لامرأة حجرية تحمل من القماءة والبشاعة الشيء الكثير بدلا من أن تكون إلهة للخصب والحياة، فتتعاضد ملامحها الشكبية، وسلوكاتها لتدلل على مافي الواقع من قبح وخراب وملامح للموت ضمن ثنائيات صادمة.
وكما وقفت قراءتها عند القصة القصيدة والقصيدة الومضة، فيتضافر السرد والشعر والشعرية والإيقاع الداخلي في تخليق المشاهد، ويحتشد النص بتقنيات السرد كالوصف والحوار والمونولوج، ورسم ملامح الفضاءات المكانية ضمن تكنيك يتفاعل به الشعر مع المشهدية السينمائية؛ إذ يقدم لنا لقطة بعيدة، ثم يقترب شيئا فشيئا لنقبض على تفاصيل لقطة قريبة، مما يجعلنا نحتاج أن نسبر أعماق النص بتأن وبأكثر من قراءة لنقبض على المعنى الذي يحس، ولايلمس.
وخلصت للقول د. عبيد إلى إن مهدي نصير يقدم تجربة حداثية متجددة مكتملة الاركان، تعنى بالتصوير والأساطير والمجاز، وتحتفي بالمكان والزمان، وتؤشر على ثقافة غنية ومرجعيات متعددة، ممايتطلب قارئا متملكا لأدواته، يمتاز بالصبر والتأني ليقبض على مايتوارى وراء لوحاته الشعرية.
أما الشاعر والناقد الدكتور عطاالله الحجايا قرأ "أسطورة الذات عند الشاعر راشد عيسى" فقال: إن الخوض في تجربة الشاعر راشد عيسى لا بد من الوقوف على بعض الملاحظات المتعلقة بالأسطورة، وسأقفز عن التعريفات الأكاديمية وسأتجاهل تماما آراء بعض النقاد من أمثال ستراوس في "الأسطورة والمعنى".
وبيّن د. الحجايا أن رغبة الشاعر راشد عيسى تتجلى في أسطرة ذاته شعريا في غير قليل من قصائده ولاسيما في ديوانه "حفيد الجن" بحيث يقدم لنا مشهدا شعريا أسطوريا لمولده قبل المخاض ولا ينتهي.
ومن جانبه الناقد الدكتور ريحان المساعيد قرأ "أبعادُ القصِّ وانطباعُ النصِّ المُتَّكئِ على التّاريخِ الدّينيّ.. تجربةُ عبدالله أبو شميس الشعريةُ في (كتاب المَنْسِيّات)"، حيث أن الشاعر أبو شميس في ديوانه يحاول جاهداً إنصاف صوت المرأة بإظهار مشاعرها الإنسانية المسكوت عنها، وذلك ضمن خط زمني للحظة أو موقف يستدعي البوح والكشف لا التغطية والستر، وخاصة مشاعر المرأة الأم أو المرأة الأنثى.
وأضاف د. المساعيد، أن ما يسترعي الانتباه والدهشة في هذه النصوص أنها نصوص شعرية ذات أبعاد فنية خيالية، وهذا هو الأساس، وهي في الوقت نفسه شخصيات حقيقية واقعية مرت بتجربة بشرية تطول أو تقصر ضمن امتدادها الزمني، بحيث تضع القارئ في فضاءات نصوص مفارقة في حداثتها ورؤيتها التي تستفز مشاعر المتلقي وتدفعه دفعاً للتفكر مليّاً فيما أضفاه الشاعر على صوت المرأة الإنساني الخاص، متجاوزاً التاريخ بحرفيته وصدقه، وفي الوقت نفسه مستنداً إلى مرجعية النص القرآني فيما ورد فيه من إشارات خاطفة، ولكنها دالة ويقينية.