بطاريات ومصادر شحن في الآبار النفطية المهجورة!

باحثون يعملون على تحويل هذه الاماكن المتروكة الى خزانات ومصادر طاقة قليلة التكلفة ماليا ومناخيا.

واشنطن – مع تزايد عدد آبار النفط والغاز القديمة حول العالم، في نسق يتوقع ارتفاعه تحت ضغط التوجه العالمي لتقييد الاحترار والغازات الدفيئة يعمل الباحثون على تحويل هذه الاماكن المهجورة الى بطاريات او حتى لمصادر طاقة قليلة التكلفة ماليا ومناخيا.

وشهدت السنوات العشر الماضية تغيرًا في استهلاك موارد الطاقة، وأصبحت مصادر الطاقة المتجددة منتشرة ومرغوبة في سوق الطاقة في جميع أنحاء العالم.

وبالفعل، اثبت باحثون اميركيون كفاءة تخزين الحرارة الجوفية أثناء إعادة استخدام بئر نفط وغاز مهجورة.

وفي دراسة قادها أستاذ الهندسة المدنية والبيئية توجسي باسر، وتعد أول تحقيق ميداني لنظام تخزين الطاقة الحرارية الأرضية داخل حوض إلينوي - وهو هيكل جيولوجي يقع في أعماق باطن الأرض، توصل العلماء الى نتائج مرضية.

وقال باسر، إن حوض إلينوي هو حوض ذو درجة حرارة منخفضة، مما يعني أنه لا ينتج بشكل طبيعي طاقة حرارية أرضية لتوليد الكهرباء.

ومع ذلك، فإن التكوينات الموجودة تحت السطح الأعمق لها الخصائص الحرارية والهيدروليكية اللازمة لإنشاء خزان اصطناعي للطاقة الحرارية الأرضية.

وأضاف باسر، أن "العديد من الخصائص نفسها التي تجعل تكوين الصخور الجوفية مثالية لاستخراج النفط والغاز تجعله مثاليًا لتخزين الطاقة الحرارية الأرضية، ولأن موقع الاختبار الخاص بنا هو بئر غاز سابقة، فإنه يحتوي بالفعل على معظم البنية التحتية اللازمة".

وذكر باسر أن الحوض يحتوي على وحدات صخرية شبيهة بالإسفنج مع مسام مفتوحة ومعادن ذات توصيل حراري مثلي محصورة بين الطبقات العازلة - مما يوفر المساحة والعزل اللازمين لإنشاء خزان حراري اصطناعي قادر على الاحتفاظ بالسوائل ساخنة بدرجة كافية لتوليد الكهرباء.

باستخدام بيانات من الملاحظات الميدانية السابقة ودراسات النمذجة الرقمية الأولية، اختار الفريق حقن سائل مُسخن مسبقًا في "Cypress Sandstone"، وهي وحدة صخرية مسامية تقع على بعد حوالي 900 متر تحت السطح في موقع الاختبار.

ولاختبار سعة تخزين الحرارة في الموقع، قام الباحثون بحقن الماء المسخن إلى 50 درجة مئوية في البئر لمدة ثلاثة أيام من الحقن في أبريل/نيسان 2021. بعد إغلاق البئر، راقب الفريق التغيرات في الضغط والظروف الحرارية والهيدروليكا لمدة 5 أيام.

وقال باسر، إن "نتائجنا الميدانية، جنبًا إلى جنب مع المزيد من النمذجة العددية، وجدت أن العملية يمكن أن تحافظ على كفاءة تخزين حراري تبلغ 82 بالمئة".

يمكن أن تحافظ على كفاءة تخزين حراري تبلغ 82 بالمئة

وتشير الدراسة كذلك إلى أن متوسط ​​التكلفة الإجمالية الصافية لتوليد الكهرباء يبلغ 0.138 دولار لكل كيلوواط/ ساعة، مما يجعل النظام المقترح مجديًا اقتصاديًا ومربحًا.

وأضاف باسر، أن "النتائج التي توصلنا إليها تظهر أن حوض إلينوي يمكن أن يكون وسيلة فعالة لتخزين الطاقة الحرارية الزائدة من المصادر الصناعية وفي نهاية المطاف مصادر أكثر استدامة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية". "الخزان الجوفي يعمل بشكل أساس كبطارية كبيرة تحت الأرض مع إعادة توظيف آبار النفط والغاز المهجورة. إنه وضع مربح للجانبين".

من جهة اخرى تتيح تقنية الحصول على الطاقة الحرارية الأرضية من آبار النفط والغاز المهجورة إعادة استخدام الآبار العميقة المحفورة سابقًا لتوليد الكهرباء بطريقة صديقة للبيئة، إذ تُعدّ هذه التقنية مهمة، خصوصًا في حقول النفط المعزولة عن الشبكات.

وتُعدّ الطاقة الحرارية الأرضية الجوفية مصدرًا هائلًا للطاقة المتجددة غير مستغل بشكل كافٍ في أوروبا، وفقًا لما نشره موقع منصة خدمة معلومات البحث والتطوير المجتمعي (كورديس) التابعة للمفوضية الأوروبية.

ويعتقد العلماء أن استخدام الطاقة الحرارية الأرضية يمكن أن يوفّر 1000 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.

بهدف تعزيز إنتاج هذا الشكل من الطاقة، يعمل مشروع (إم إي إي تي) -المموّل من الاتحاد الأوروبي- على إثبات أن أنظمة الطاقة الحرارية الأرضية المحسّنة (إي جي إس) هي وسيلة قابلة للتطبيق ومستدامة لتوليد الطاقة الكهربائية والحرارية في أنواع مختلفة من البيئات الجيولوجية.

وتعمل الطاقة الحرارية الجوفية على أساس بسيط: نواة الأرض ساخنة، ومن خلال الحفر حتى على بعد أميال قليلة تحت الأرض.

ويمكن الاستفادة من مصدر الحرارة غير المحدود عمليًا لتوليد الكهرباء للمنازل والشركات دون إطلاق ما يقرب من العدد نفسه من انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري.

وفي المقابل، فإن الحفر ليس رخيصًا -فهو يمثّل نصف تكلفة معظم مشروعات الطاقة الحرارية الأرضية- ويتطلب عمالة متخصصة لرسم خرائط تحت السطح، والحفر في الأرض، وتركيب البنية التحتية اللازمة لجلب الطاقة إلى السطح.

وقد اتضح أن آبار النفط والغاز تشترك في العديد من الخصائص نفسها التي تشترك فيها الآبار الحرارية الأرضية، أي أنها ثقوب عميقة في الأرض، ولديها أنابيب يمكنها نقل السوائل إلى السطح. ولذلك تحاول وزارة الطاقة الأميركية إعادة توظيفها واستثمارها.

ويتوقع الخبراء ارتفاع درجة حرارة المياه التي يضخونها في الآبار إلى نحو 150 درجة فهرنهايت (65.55 درجة مئوية)، وبعد ذلك يمكن استخدامها لتوفير التدفئة والتبريد لمدرسة ابتدائية ومتوسطة تقع على بُعد نحو ميل واحد من الآبار، في بلدة تاتل بولاية أوكلاهوما.