ماهر المبيضين: النظريات الغربية تحد من تطور النقد العربي

الناقد الأردني يقدم قراءة دقيقة لقصائد شعراء العصر العباسي في 'من مظاهر الاغتراب والشكوى'.
مسرحية 'شمشون الجبار' تسلط الضوء على حق الفلسطينيين بأرضهم ومقدساتهم

قال الناقد والأكاديمي الأردني الدكتور ماهر المبيضين إن "مظاهر الاغتراب موجودة في كل عصر وعند معظم الشعراء وهي كذلك في الشعر العربي الحديث"، مشيرا إلى أن "النقد العربي الحديث إذا بقي أسيرا للنظريات الغربية هذا أمر يحد من تطور نقدنا العربي".

في هذا الحوار نتعرف على جوانب وقضايا أخرى في منجز الناقد د. المبيضين الذي أصدر كتبا نقدية في الشعر الجاهلي والعباسي والحديث إلى جانب أبحاثه النقدية التي تعد مرجعا هاما للدارسين. 

* كونك متخصصا بالنقد الأدبي في الشعر العربي القديم كيف تنظر إلى القصيدة أو المقدمة الطللية العربية وتمثيلاتها في الشعر المعاصر؟

● ليس هناك ما يعرف بالقصيدة الطللية في الشعر العربي القديم وإنما المقدمة الطللية التي وظفها الشعراء الجاهليون والمخضرمون في مقدمة قصائدهم وبخاصة القصائد الطوال منها ومن ثم تأثر بهم شعراء من العصور الأدبية اللاحقة وقد كانت هذه المقدمة شكلا تقليديا فنيا عند هؤلاء الشعراء.

وفي الشعر العربي المعاصر نجد بعض الشعراء قد مزجوا في قصائدهم بين الأصالة والمعاصرة ومن ذلك توظيف بعض أجزاء المقدمة الطللية التي عرفناها في القصيدة الجاهلية خاصة ما يتعلق بذكر المرأة ومتعلقاتها من باب التأثر بالشكل الفني للنص الجاهلي.

* لك كتاب عنوانه "من مظاهر الاغتراب والشكوى في الشعر العباسي في القرن الرابع الهجري دراسة اجتماعية ونفسية" ماذا عن هذه المظاهر في الشعر العربي الحديث؟

● نعم هذا الكتاب نشر بدعم من جامعة الشارقة عام 2020 تناولت فيه هذه المظاهر من خلال قراءة دقيقة لقصائد شعراء العصر العباسي في القرن الرابع الهجري.

ومن المعروف أن مظاهر الاغتراب موجودة في كل عصر وعند معظم الشعراء وهي كذلك في الشعر العربي الحديث، لأن الشعراء يشتركون في لغة التعبير عن الألم والحزن والفرح والشكوى ومن هنا فقد برزت مظاهر الاغتراب والشكوى عند كثير من الشعراء المحدثين الذين واجهوا ظروفا اجتماعية واقتصادية ونفسية صعبة، فكان شعرهم ملاذا للتعبير عن هذه الظروف والمعاناة، فنجد في أشعارهم صدى واضحا للتعبير عن الاغتراب بنوعيه المكاني والنفسي.

* لك دراسة بحثية أكاديمية عن مسرحية شمشون الجبار للدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة ما الذي استنتجته من مضمون هذه المسرحية؟

كتب

● نعم هذا النص المسرحي يعد من النصوص المسرحية رفيعة المستوى من حيث المضمون والشكل، استطاع مؤلفه أن يسلط الضوء على حق الفلسطينيين بأرضهم ومقدساتهم من خلال الاتكاء على الوثائق التاريخية، فالتاريخ يقر بحقوقهم بالأرض (الوطن) وأنهم يملكون الشرعية في ذلك.

والمهم في هذا كله أن المؤلف رسخ من خلال أحداث المسرحية فكرة حق الفلسطينيين بهذا الحق الضائع الآن والذي ينشدونه في كل المحافل الدولية وهذا التأكيد التاريخي فيه توجيه للعالم بأن يقف مع أصحاب الحق وصولا إلى حل عادل وشامل.

* برأيك لماذا يؤخذ على النقد العربي الحديث بأنه أسير للنظريات النقدية الغربية مع أن الأصل أن يتصل بالتراث النقدي العربي؟

● مما يؤسف له أن كثيرا من النقاد العرب المحدثين يروجون كثيرا للنظريات والمناهج النقدية الغربية المختلفة حتى لو كان بعضها لا يمكن تطبيقه على النصوص الأدبية العربية وقد يكون ذلك من باب الاستعراض والتفاخر بمعرفة مثل هذه النظريات والمناهج، علما أن كثيرا من هذه النظريات بنيت على أساس نقدي عربي وضع أسسه وقواعده وجذوره نقادنا العرب القدامى أمثال الجاحظ وابن قتيبة والجرجاني وقدامة بن جعفر وغيرهم، لكن أن يبقى النقد العربي الحديث أسيرا للنظريات الغربية هذا أمر يحد من تطور النقد العربي خاصة في ضوء اختلاف الأجناس الأدبية وتعددها في العصر الحديث.

* يقال إن النقد العربي الحديث يراوح مكانه ولم يواكب العملي الإبداعي في الأدب شعرا ونثر ما رأيك بذلك وهل ثمة أزمة بين النقد والإبداع في المشهد الأدبي اليوم؟

● العملية النقدية نشاط ذهني يمارسه الناقد لسبر أعماق النصوص الأدبية وإدراك السر العميق ومواطن الإبداع فيها وإدراك مواقع الجذب فيها قراءة وتذوقا ونقدا وأقول إن هناك تراجعا إلى حد ما في العملية النقدية الآن أو دعنا نسميه قصورا مرده إلى غياب النقد المنهجي السليم عن الساحة الأدبية من حيث متابعة ما يتم إنتاجه من نصوص أدبية في المشهد الثقافي العربي، مما يسمح ذلك باختلاط النصوص التي يتمثل فيها الإبداع والأخرى التي تخلو من أي شكل إبداعي ولهذا نحتاج إلى وجود حركة نقدية جادة يلتقي من خلالها النقاد بالأدباء يحاورونهم ويبدون ملاحظاتهم في النتاج الأدبي المتاح، حتى تزول الأزمة بين الأديب والناقد من جهة ونحصل على نتاج أدبي رفيع المستوى من حيث الشكل والمضمون.

* قدمت برنامج "ديوان العرب" في تلفزيون الشارقة برأيك ما الجديد والمختلف في المحتوى عن البرامج الثقافي في التلفزة العربية؟

● يعد برنامج "ديوان العرب" بأجزائه الثلاثة من أهم البرامج الثقافية والنقدية والذي يعرض الجزء الثالث منه حاليا على قناة الشارقة والذي يميزه عن غيره استضافة أهم الشعراء وأبرزهم في الوطن العربي خاصة من نال منهم جوائز عربية وعالمية رفيعة هذا من جانب.

من جانب آخر ما يطرح في البرنامج من قضايا أدبية ونقدية متخصصة تهم الشعر العربي قديمه وحديثه كون مقدمه متخصصا في النقد الأدبي، يضاف إلى ذلك استمرارية البرنامج ضمن أجزاء عديدة وهو الوحيد الآن الذي يعرض بهذه الطريقة والذي يقدمه أستاذ أكاديمي وناقد يعرف كيف يحاور الشعراء ويناقشهم بقضايا متخصصة ومن هنا جاء الاختلاف والتميز.