سعيد يصعد من اجراءاته للحد من نفوذ اتحاد الشغل

الرئيس التونسي يدعو الأجهزة الأمنية لتفعيل المحاسبة ردا على خطاب المعارضة التي اتهمته بتوظيف المؤسسة العسكرية في معارك سياسية وتحسبا لاستغلال العمل النقابي لضرب المسار السياسي.
الامن التونسي يلقي القبض على مسؤول نقابي بعد خطاب سعيد
الرئيس التونسي يؤكد ان تونس تشهد معركة تحرر وطني
سعيد يمرر حالة الطوارئ في خضم ازمة داخلية حادة
الرئيس التونسي يرى ان المحاسبة يتم تفعيلها بتعاون بين الامن والقضاء
قيس سعيد يشدد على الحق النقابي لكنه يندد بقطع الطرق

تونس - صعد الرئيس التونسي قيس سعيد من نبرة تحذيره للقوى المتورطة في الإضرار بمصالح الدولة داعيا لضرورة التصدي لها عبر تفعيل المحاسبة فيما يأتي الخطاب في خضم خلافات متصاعدة مع الاتحاد العام التونسي للشغل وفي مواجهة تحذيرات يطلقها معارضون من مغبة استغلال المؤسسة العسكرية في الصراع السياسي في إشارة لاستيائهم من تعيين مسؤول في الجيش على رأس وزارة الفلاحة بعد التعديل الحكومي الأخير .
وطالب قيادات الحرس الوطني "بالتصدي لمن تآمر على الدولة"، مشددا على أنه "لا يمكن أن يُترك أعداء الدولة وأعداء الوطن خارج المساءلة". فيما عبرت قيادات معارضة بارزة عن استيائها من استمرار المسار السياسي الحالي وقرب تركيز المؤسسات الدستورية خاصة البرلمان.
وفي اطار صراعه المستمر مع اتحاد الشغل قال سعيد خلال اجتماعه الثلاثاء مع قيادات عليا للحرس الوطني (قوات تابعة لوزارة الداخلية) في ثكنة العوينة بتونس العاصمة، وفق تسجيل مصور بثته الرئاسة على صفحتها بـ"فيسبوك" أن "الحق النقابي مضمون بالدستور لكن لا يمكن ان يتحول إلى غطاء لمآرب سياسية لم تعد تخفى على احد" في اشارة لمبادرة الانقاذ التي طرها الاتحاد مع عدد من المنظمات الوطنية.
وعبر سعيد عن رفضه لسياسة لي الذراع رافضا غلق الطريق بسبب تواجد شخص خارج ارض الوطن، قائلا أنه يتفهم المطالب ويحاول تخفيف المآسي والبؤس لكن المجموعات التي يتم وضعها على سكة القطار بقفصة ورائها من ورائها وهم معلومون ".
وقال إن "من يتولون قطع الطريق ويهددون بقطع الطريق السيارة لا يمكن ان يبقوا خارج دائرة المحاسبة والمسائلة".

وكان الرئيس التونسي قرر إجراء تحوير جزئي عيّن بمقتضاه محمد علي البوغديري وزيرا للتربية خلفا لفتحي السلاوتي، وعبدالمنعم بلعاتي وزيرا للفلاحة والموارد المائية والصيد البحري خلفا لمحمود إلياس حمزة حيث اعتبرت هذه التعيينات رسالة حادة للاتحاد وللنقابيين المعارضين لمساره.
ومثل تعيين البوغديري رسالة قوية لقيادة الاتحاد فوزير التربية الجديد نقابي سابق وشغل منصب امين عام مساعد في المنظمة العمالية ودخل في خلافات مع القيادة الحالية بقيادة نورالدين الطبوبي وهو من مؤيدي ابطال المجلس الوطني الذي طالب بعقد مؤتمر استثنائي غير انتخابي في الاتحاد وسط تشكيك في شرعية القيادة الحالية.
ووزير الفلاحة الجديد فهو شخصية عسكرية تقلد مناصب ومهام عديدة داخل المؤسسة العسكرية وعرف بانضباطه في مسعى من الرئيس لفرض الانضباط داخل قطاع شهد كثيرا من التجاوزات والأزمات.
ودخل الخلاف بين الرئيس والاتحاد منعرجا خطيرا بعد إلقاء القبض على انيس الكعبي كاتب عام نقابة الطرقات السيارة التابع للمنظمة العمالية اليوم الاربعاء بسبب دعوته للاضراب في القطاع ما يعني امكانية ان تشهد البلاد معركة كسر عظم متصاعدة بين الطرفين.

وتاتي التطورات الاخيرة كرد واضح من قبل الرئيس التونسي على مبادرة الحوار الوطني التي اطلقها الاتحاد مع عدد من المنظمات الوطنية في انتظار موقف الرئيس.
وقال سعيد "لا يمكن أن يُترك أعداء الدولة وأعداء الوطن بل وأعداء الشعب التونسي خارج المساءلة أو خارج دائرة أي جزاء".

وتوجه إلى قيادات الحرس الوطني قائلا إن "الشعب يريد المحاسبة ومطلبه الأساسي المحاسبة ودوركم تاريخي في الاستجابة لمطالب الشعب".
وتابع "واجبكم المقدس أن تتم محاسبة كل من أجرم في حق الوطن ولا يمكن أن يُترك مجرم واحد دون مساءلة.. اليوم نخوض معركة تحرير وطني للحفاظ على الدولة وكفى من يستخفون بالدولة ما اقترفوه من جرائم ومن يدبرونه من جرائم في المستقبل".
وفي خطاب يدعو لتفعيل المحاسبة وهو شبيه بخطاب سابق وجه للقضاة قال سعيد "عليكم (قيادات الحرس الوطني) وعلى القضاة الشرفاء أن يقوموا بدورهم كاملا حتى يتم التصدي لمن تآمر على الدولة في السنوات الماضية، ومازالوا إلى حد هذه الساعة يتآمرون على الدولة".
وأضاف إن "الشعب يريد تطهير البلاد، الشعب يريد المحاسبة لأنه سئم بالفعل من طول الإجراءات وسئم بالفعل من القضايا التي بقيت منشورة لمدة أكثر من عقد دون أي حكم وحتى إن صدرت بعض الأحكام فقد صدرت للأسف على المقاس".

وندد الاتحاد الأربعاء بتوقيف أحد قيادييه واعتبر ذلك "خرقا" للحقوق النقابية وللدستور التونسي.

واعتبر الاتحاد في بيان أن ذلك يمثل "ضربا للعمل النقابي وانتهاكا للحقوق النقابية وخرقا للاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف الدولة التونسية ولما ورد في دستور الجمهورية التونسية من فصول تنصّ على احترام الحريات النقابية وحقّ الاضراب".

وقال ان خطاب سعيّد "تضمّن تحريضا ضدّ حرية العمل النقابي والحقّ في الاحتجاجات السلمية"، ودعا انصاره إلى "التعبئة والاستعداد للدفاع عن الحقّ النقابي وحقّ الإضراب والحريات العامة والفردية بكلّ الأشكال النضالية المشروعة".

وأكد القيادي في الاتحاد حمزة محمودي في تصريحات لوسائل اعلام محلية أن سبب توقيف أنيس الكعبي يعود إلى "تقديم شكوى بخصوص تصريحاته الاذاعية كبدت شركة (الطرق) خسائر مالية".

موقف الرئيس سعيد رد على مبادرة الاتحاد للحوار الوطني
موقف الرئيس سعيد رد على مبادرة الاتحاد للحوار الوطني

وقرر الرئيس التونسي تمديد حالة الطوارئ في البلاد حتى يوم 31 كانون الأول/ ديسمبر من العام الجاري ما يشير الى ان وجود مخاوف بشان امكانية استغلال بعض الاطراف للازمة المالية التي تمر بها البلاد لتاجيج الشارع وإحداث اضطرابات.
ويعتقد سعيد أن المحاسبة تبنى على منظومتين السلطة التنفيذية الممثلة في الأجهزة الأمنية بفتح تحقيقات ومتابعة المتورطين مهما كان نفوذهم وعلاقاتهم والسلطة القضائية بسرعة البت في تلك الملفات.
وبالرغم من أنه لا يسميها، إلا أن المعارضة التونسية عادة ما تعتبر أنها المقصودة باتهامات سعيد، وترجع ذلك إلى رفضها الإجراءات الاستثنائية التي بدأ فرضها منذ 25 يوليو/ تموز 2021 ما أحدث أزمة سياسية مستمرة.
والثلاثاء، حذر رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة أحمد نجيب الشابي، خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة، من أن "توظيف المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية مضر بالبلاد وبحياد الجيش وسمعته العالية".
وتأتي هذه التطورات بعد يومين من إقامة الدور الثاني للانتخابات التشريعية المبكرة، وهي أحدث حلقة في سلسة إجراءات استثنائية فرضها سعيد وشملت أيضا حل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وإقرار دستور جديد في 25 يوليو/تموز 2022.