علم الاجتماع 'من التقليد والمحافظة إلى التجديد والابتكار'

مجد الدين خمش يركز في كتابه الجديد على جهود وتحليلات المؤسسين السوسيولوجيين والأنثروبولوجيين الكبار خصوصا ابن خلدون وأوغست كونت.

عمان - صدر عن دار الصايل للنشر الأردنية حديثا كتاب "علم الاجتماع: من التقليد والمحافظة إلى التجديد والابتكار" للبروفيسور مجد الدين خمش.

ويعمل الكتاب الذي جاء في 420 صفحة من القطع الكبير على تحليل الجهود التي بُذلت لتحديد ميدان أو موضوع علم الاجتماع والإشارة إلى مناهجه البحثية والأدوات العلمية المستخدمة فيه لجمع المعلومات والأدلة العلمية.

ويركّز الكتاب بشكل خاص على جهود وتحليلات المؤسسين السوسيولوجيين والأنثروبولوجيين الكبار وبخاصة ابن خلدون وأوغست كونت وإميل دوركايم وراد كليف براون وبرونسلاف مالينوفسكي وتالكوت بارسونز وروبرت ميرتون.

كما يحلل نشوء وتطور مفاهيم ومقولات علم الاجتماع النقدي الذي يعتبر من التطورات الرئيسية المعاصرة في علم الاجتماع ويشكل التيار السوسيولوجي السائد حاليا.

ويتم ذلك بالرجوع إلى إسهامات عدد من علماء علم الاجتماع النقدي، خصوصا ألفن جولدنر وشارلز رايت ميلز وأنتوني جيدنجز وهربرت ماركيوز ويورغن هابرماس وميشيل فوكو وبيير بورديو وجورج لوكاش وبيير فرانكاستل.

ويعمل الكتاب على تقديم منظومة من التحليلات والحقائق السوسيولوجية الحديثة التي أدت جهود هؤلاء المؤسسين وكذلك المجددين من السوسيولوجيين النقديين إلى تراكمها ليستطيع القارئ من خلالها أن يتفهم التنوع في المجتمع الذي يعيش فيه بجوانبه المتعددة وما يطرأ على هذا المجتمع من تحولات والدور الذي يمكن أن يقوم به كعضو في هذا المجتمع في التكيّف مع هذه الجوانب سواء أكانت نظما اجتماعية أو جماعات وهُويات اجتماعية أو بنىً وأنساقا رمزية مثل العادات والتقاليد والقيم والأنظمة والقوانين أو علاقات اجتماعية متنوعة.

ويتكون الكتاب من سبعة فصول، يحلل الفصل الأول منها نشوء وتطور علم الاجتماع في الفكر التاريخي العربي وفي الفكر الفلسفي التاريخي الأوروبي الغربي.

أما الفصل الثاني فيحلل بنية أو مكونات الظاهرة الاجتماعية والقوانين التي تخضع لها في وجودها وتغيرها ويتضح من هذا الفصل أن الظاهرة الاجتماعية تمتلك بنية معقدة كثيرة المكونات ومتعدّدة الارتباطات.

ويوضح الفصل الثالث وهو حول البناء الاجتماعي ونظرياته أن مصطلح البناء الاجتماعي يُستخدم للإشارة إلى الوحدات المكونة لهذا البناء وإلى الترتيب الذي تخضع له هذه الوحدات بحيث يُنتج ذلك طابعا يميّز المجتمعات بعضها عن البعض الآخر.

ولفت الفصل الرابع إلى أن الأفراد حين يتجمعون ويتفاعلون سويا في بيئة محددة تنشأ بينهم مجموعة من الاتفاقات والمعايير والهُويات وهي عبارة عن توافقات جماعية مشتركة حول الصحيح وحول الخطأ تتعلق بأهداف التفاعل وأساليبه وترتيباته العملية ونتائجه.

وطرق مواجهة التحديات الحياتية وسُبل الإنتاج والمعيشة مما ييسر نشوء العلاقات الاجتماعية المستقرة نسبيا بينهم وبين الآخرين ويدعم الهُويات الناشئة عنها ويؤدي إلى استقرار الجماعات التي يكونونها.

ويوضح الفصل الخامس أن التركيز على وظيفة النظام الاجتماعي أو المؤسسة الاجتماعية وتحليلها وظيفيا يؤدي إلى تقديم تعريف للنظام الاجتماعي يربط بين الوظيفة التي يقوم بها والبناء الرمزي الثقافي الاتفاقي الذي يحيط بهذه الوظيفة وينشأ حولها وهو ما يميّز النظرية البنائية الوظيفية وتحليلاتها الوظيفية للنظم الاجتماعية.

ويتناول الفصل السادس من هذا الكتاب تحليل مفهوم التغير الاجتماعي ويتوقف طويلا عند نظريات التغير التي تعمل على تقديم مفاهيم ومقولات تفسر أسباب أو عوامل التغير وتتنبأ باتجاهاته المستقبلية.

أما الفصل السابع والأخير فيحلل نشوء وتطور مفاهيم ومقولات علم الاجتماع النقدي الذي يعتبر من التطورات الرئيسية المعاصرة في علم الاجتماع ويشكل التيار السوسيولوجي السائد حاليا.

ويركز هذا التيار على انتقاد النظريات الكلاسيكية الكبرى، خصوصا البنائية الوظيفية المحافظة على أنها قديمة لا تصلُح لتفسير المجتمع المعاصر ولم تعد قادرة من خلال مفاهيمها ومقولاتها النظرية على التعامل مع التغيرات الاجتماعية وتنوع التحولات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في المجتمع المعاصر.

كما يركز على انتقاد النظرية الماركسية وأتباعها كونها تجنح في تفسيراتها إلى الحتمية بالرغم من أن العديد من تنبؤاتها لم تتحقق، إلى جانب انتقاد الوضعية ومناهجها الإمبيريقية الكميّة بشكل عام لكونها غير قادرة على الإلمام بديناميات التفاعل بين القوى الاجتماعية المتعددة، بالإضافة إلى تقديم تفسيرات مقنعة لها، خصوصاً وأنها تهمل تفسيرات الأفراد الفاعلين الاجتماعيين لهذه الديناميات ودورهم في تدعيم البناء الاجتماعي أو تعديله.