المعارضة الإيرانية المتشرذمة تتلمس طريقها للوحدة
واشنطن – شكل توسع الاحتجاجات في إيران على خلفية وفاة مهسا أميني منعطفا جديدا في الجمهورية الإسلامية ودفع المعارضين في الخارج إلى التفكير في وحدة الصف لمواجهة النظام، في خطوة تؤشر على استفاقة وإن جاءت متأخرة إلا أنها قد تربك الحكومة وتعمق الضغوط عليها خصوصا مع تزامنها مع دعوات لوضع دستور جديد في البلاد.
وفي تحرك لافت اجتمع ثمانية معارضين في الخارج لمناقشة سبل توحيد المعارضة المتشرذمة الجمعة وسط فعاليات موالية للحكومة داخل البلاد بمناسبة الذكرى السنوية للثورة الإسلامية عام 1979.
وقالت شيرين عبادي الحائزة على جائزة نوبل في رسالة عبر الاتصال المرئي إلى تجمع شخصيات معارضة بارزة في جامعة جورج تاون بواشنطن "الجمهورية الإسلامية لا تزال موجودة بسبب خلافاتنا وعلينا أن نضع خلافاتنا جانبا حتى نأتي إلى صندوق الاقتراع".
والمعارضة الإيرانية منقسمة منذ وقت طويل إلى عدة فصائل في الداخل والخارج ومنهم الملكيون والجمهوريون واليساريون والمنظمات التي تجمع الأقليات العرقية بما في ذلك الأكراد والبلوخ والعرب.
وقالت المدافعة عن حقوق المرأة التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها مسيح علي نجاد "يجب أن نتفق على مبادئ تستند إلى إعلان حقوق الإنسان والقضاء على التمييز، و(أن نتفق على) المبادئ التي يمكن لكل إيراني أن يرى نفسه فيها والتي تجسد نهاية القهر".
وأعربت عن أملها في أن يتم التوصل إلى اتفاق حول مبادئ المعارضة بحلول نهاية عام 2023.
ولدى سؤاله عن سبب وجود زعيم كردي واحد فقط بين الثمانية، قال رضا بهلوي، نجل شاه إيران المخلوع "لا داعي لانتظار دعوة للمشاركة ... هذه حافلة مجانية!".
وأشار بهلوي إلى أن الوضع يجب أن يسير في الاتجاه الذي سيضطر فيه "خامنئي وعصابته" إلى تسليم السلطة.
ويرى مراقبون أن هذا التحرك للمعارضة في الخارج من شأنه أن يربك النظام الإيراني خصوصا أنه يأتي في سياق خروج رموز المعارضة في الداخل عن صمتهم والدعوة إلى التغيير جذري للنظام السياسي رغم القيود التي يفرضها النظام الديني على خصومه.
وكان آخر المطالبين بتغيير النظام مير حسين موسوي أحد أبرز الوجوه المعارِضة في إيران والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية الذي دعا الأسبوع الماضي إلى وضع دستور جديد للبلاد وإقامة استفتاء عام وإجراء انتخابات حرة ونزيهة.
وسبق أن أثار موسوي في بيان له في أغسطس الماضي جدلا واسعا في الأوساط الإيرانية، بعدما حذر من "مؤامرة" توريث منصب المرشد من خامنئي إلى ابنه مجتبى خامنئي.
واعتبرت شيرين عبادي أن وفاة مهسا أميني أطلقت شرارة "عملية ثورية" لا رجعة عنها، ستؤدي في النهاية إلى انهيار الجمهورية الإسلامية.
وواجهت السلطات الإيرانية الاحتجاجات بالقمع كما فعلت على مدى العقود الأربعة الماضية. كما أصدرت السلطات العشرات من أحكام الإعدام بحق مشاركين في الاحتجاجات ونفذت 4 منها على الأقل شنقا، فيما وصفه نشطاء مدافعون عن حقوق الإنسان بأنه إجراء يهدف إلى ترهيب الناس وإبعادهم عن الشوارع.
ودفعت الاحتجاجات الأخيرة إيران إلى أزمة محتدمة، إذ فجرت وفاة أميني غضبا مكبوتا منذ سنوات بين الإيرانيين، بسبب مشكلات من البؤس الاقتصادي وحتى التفرقة بحق أقليات عرقية، إضافة إلى فرض السلطات قيودا اجتماعية وسياسية صارمة.
وعلى مدى أشهر، دعا إيرانيون من كل أطياف المجتمع ومشاربه إلى سقوط المؤسسة الحاكمة، وهتفوا بشعارات مناهضة لصاحب كلمة الفصل في النظام المرشد علي خامنئي.
وتسببت عمليات القمع التي انتهجتها السلطات مع الاحتجاجات في توتر دبلوماسي، في وقت أصيبت فيه المحادثات لإحياء اتفاق طهران النووي الموقع في 2015 بالجمود. وفرضت الولايات المتحدة ودول غربية عقوبات على السلطات الإيرانية وكيانات أخرى بسبب مشاركتها في القمع وفي انتهاكات لحقوق الإنسان.
وعرضت وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية الألعاب النارية كجزء من الاحتفالات التي ترعاها الدولة، وردد الناس هتافات التكبير، لكن كثيرين سمعوا وهم يهتفون "الموت للديكتاتور!" على المقاطع المصورة المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأظهر مقطع مصور يُزعم أنه من منطقة عفصارية بطهران ألعاب نارية بعيدة بينما أمكن سماع متظاهرين وهم يهتفون "الموت للجمهورية الإسلامية".
وحملت مقاطع مصورة مماثلة على مواقع التواصل الاجتماعي، شعارات مناهضة للحكومة رددها محتجون من النوافذ وأسطح المنازل من قبل محتجين ظلوا في منازلهم في عدة مدن.