صورة "خبيثة" في احتفال بالسفارة الإيرانية قد تطيح بوزيرين تونسيين
تونس – تفاجأ التونسيون مساء الجمعة بصورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيها وزيرا التربية المعين حديثا محمد علي البوغديري، والشؤون الدينية إبراهيم الشايبي، مع رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي بمقر السفارة الإيرانية احتفاء بالذكرى 44 للثورة الإيرانية، وصفها البعض بـ"الخبيثة"، فيما توقع آخرون أن يتخذ الرئيس قيس سعيد قرارا بإجراء تعديل وزاري.
وظهر الغنوشي مع الوزيرين والسفير الإيراني وهم يمسكون بالسكين ويقومون بتقطيع قالب حلوى مرسوم عليه العلمان التونسي والإيراني.
وهزّ هذا المشهد غير المسبوق مواقع التواصل الاجتماعي، ومثّل صدمة للكثيرين الذين طالبوا بمحاسبة المسؤولين على القبول بهذه المشاركة في هذا الاحتفال ووضعهم اليد في اليد مع الغنوشي، الذي يخضع للتحقيقات في شبهات فساد مالي وإرهاب، بينما ينفي باستمرار أي صلة له بتلك القضايا مؤكدا أن الملف القضائي فارغ وأن التحقيقات لا تتعلق بشخصه بل بأعضاء آخرين في الحركة.
ويرى مراقبون أن تسريب الصورة ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي سواء من حركة النهضة الإسلامية أومن خلال جبهة الخلاص الممثلة في عصام الشابي الذي شارك أيضا في تقطيع الكعكة، تخفي محاولة لتوريط الوزيرين، لبعث رسالة إلى الرئيس قيس سعيد أنه قادر على اختراق حكومته متى شاء وكيفما أراد.
ويعتقد أن خطوة الغنوشي هذه محاولة للالتفاف على مسار الخامس والعشرين من يوليو 2021، بحثا عن دور له في الشأن العام، يعيده لدائرة الضوء مجددا.
وكان الرئيس التونسي قد كلف في آخر الشهر الماضي محمد علي البوغديري الأمين العام المساعد السابق للمنظمة النقابية بحقيبة وزارة التربية، وهو نقابي سابق مناهض لتوجهات الأمين العام نورالدين الطبوبي وله وزن مؤثر داخل المنظمة، وهو قادر على عقد التحالفات وتحريكها بما يخدم دوره إذا استمر الاتحاد في التصعيد.
وقال رياض جراد الإعلامي المعروف بتأييده مسار الرئيس التونسي "محمد علي البوغديري وإبراهيم الشايبي، هل تدركان أنكما تمثلان الدولة التونسية أم لا؟ هل تدركان أن أبسط شيء في الأعراف أن تشترط من يحضر معك في نفس المناسبة واللقطة والصورة؟".
وأضاف جراد متسائلا في تدوينة عبر حسابه على فيسبوك "ألم يكن بإمكانكما الاكتفاء ببرقية تهنئة؟ هل تحتفلان مع راشد الغنوشي؟ تقطعان المرطبات اليد في اليد مع الغنوشي؟ مع اليد الملطخة بدماء الشهداء من أمنيين وعسكريين؟ مع رئيس العصابة المتهم باغتيال الشهيدين شكري والبراهمي؟ والتسفير والجهاز السرّي والإرهاب؟!! أنا كمواطن تونسي بريء من هذه الصورة العار".
من جانبها، قالت المستشارة السياسية السابقة للرئيس الراحل الباجي قائد السيسي سعيدة قراش "بعد جمع الأحباب اليوم في سفارة إيران سلطة ومعارضة، لم تعد جبهة خلاص الوطني (أكبر حزب معارض) تتآمر وغيره، تبارك الله يد واحدة الناس الكل. فلماذا التهديد والوعيد إذن؟".
وشهدت الاحتفالية حسب الصور حضور شخصيات من جبهة الخلاص الوطني المعارضة والأمين العام للحزب الجمهوري المعارض، عصام الشابي، ورئيسة بلدية تونس سعاد عبدالرحيم.
من جانبه توقع المدون التونسي سيف الدين محمد، بعد ظهور البوغديري والشابي رفقة الغنوشي بمقر سفارة إيران، أن تصدر الرئاسة التونسية، قريبا، قرارات بإقالة الوزيرين من حكومة نجلاء بودن.
وقال سيف الدين محمد، في تدوينة عبر حسابه على فيسبوك "محمد علي البوغديري وزير التربية وابراهيم الشابي وزير الشؤون الدينية رفقة راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة بمقر سفارة إيران. اقالات قريبة وتحوير وزاري في الأفق".
وتفاعلاً مع هذا الجدل، أوضحت أرملة المعارض السياسي الراحل محمد البراهمي الذي أغتيل في 25 يوليو 2013 والنائبة السابقة بالبرلمان مباركة عواينية، التي حضرت الاحتفال، أن الصورة تمّ التقاطها في السفارة الإيرانية بمناسبة عيدها الوطني، مؤكدة أنها "صورة خبيثة" وأنّ حضور راشد الغنوشي في كل مناسبة هو "حضور أخبث".
وأوضحت أن السفير الإيراني كان سيقطع الكعكة مع الوزيرين فقط، إلا أن راشد الغنوشي قفز من مكانه بعد أن ابتسم له السفير وتبعه عصام الشابي.
وكان الرئيس التونسي قد كلف في آخر الشهر الماضي محمد علي البوغديري الأمين العام المساعد السابق للاتحاد العام التونسي للشغل بحقيبة وزارة التربية، وهو نقابي سابق مناهض لتوجهات الأمين العام نورالدين الطبوبي وله وزن مؤثر داخل المنظمة، وهو قادر على عقد التحالفات وتحريكها بما يخدم دوره إذا استمر الاتحاد في التصعيد.
كما كلف أمير اللواء منعم بلعاتي المتفقد العام للقوات المسلحة وزيرا للفلاحة، وذلك في سياق نقص منتجات أساسية منها الحليب، وسيساعد توليه هذه الحقيقة على تفكيك مجموعات النفوذ المختلفة داخل هذه الوزارة التي تعتبر منطقة نفوذ كبيرة لحركة النهضة، حيث تتهم أطراف مقربة من اتحاد الفلاحين لوبيات موالية لحركة النهضة في قطاعات حساسة، وخاصة إنتاج اللحوم والبيض والألبان، بعرقلة الإنتاج بهدف إدامة الأزمة وإثارة الغضب في الشارع على الرئيس سعيّد وحكومته.
وتعاني تونس إلى حد الآن من تداعيات القرارات التي اتخذتها الحكومات والبرلمانات المتعاقبة خلال العشر سنوات الماضية التي هيمنت عليها حركة النهضة الإسلامية أو شاركت فيها، وكانت الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس سعيّد في الخامس والعشرين من أكتوبر من عام 2021، استجابة للمطالب الشعبية بإخراج البلاد من النفق التي وضعتها فيه تلك الحكومات وتفعيل المحاسبة، خاصة لمن تورطوا في الفساد وانتهاك مؤسسات الدولة خلال العشرية الماضية.