جبهة الخلاص تستعين بمنظمات أجنبية في حملة ضد سعيد
تونس - تعتزم جبهة الخلاص الوطني التي تضم قوى سياسية وشخصيات مستقلة معارضة للرئيس التونسي قيس سعيد ويعتبرها سياسيون واجهة لحركة النهضة الإسلامية، إطلاق حملة مساندة للموقوفين وبعض من قيادتها، على ذمة تحقيقات في شبهات تتعلق بالتآمر على أمن الدولة، تشمل إجراء اتصالات مع منظمات دولية معنية بحقوق الانسان، في خطوة تعكس حالة من العجز والإرباك وتشير كذلك إلى نوع من الاستقواء بالجماعات الحقوقية الدولية التي ينظر في جانب من نشاطاتها بريبة وتعتبر عدد من الدول ممارساتها تدخلا في شؤون سيادية.
وتسعى الجبهة إلى ممارسة ضغوط على سعيد بعد أن فشلت في السابق في تأليب الشارع على مسار 25 يوليو/تموز 2021 الذي عزل بموجبه منظومة الحكم السابقة بقيادة حركة النهضة الإسلامية وذلك عبر الحشد مجددا لمظاهرات محلية والاستعانة بمنظمات دولية، بينما يتعرض الرئيس التونسي لضغوط وتدخلات خارجية سبق أن أعلن رفضه لها بوصفها تدخلا في شؤون بلاده.
وأعلن رئيس جبهة الخلاص أحمد نجيب الشابي اليوم الاثنين في مؤتمر صحفي العمل على تكوين شبكة للدفاع عن جميع الموقوفين واصفا إياهم بـ"المعتقلين السياسيين"، معتبرا أن حملة الاعتقالات تهدف إلى إلهاء التونسيين عن مختلف المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعانون منها، بينما يؤكد سعيد "تورط" الموقوفين في التآمر على أمن الدولة، مذكّرا بأن لا أحد فوق المحاسبة ومتعهدا بتفكيك منظومة الفساد التي أنهكت الدولة وأثقلت كاهلها رغم كل الضغوطات التي يواجهها سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.
وقال الشابي خلال مؤتمر صحفي للجبهة عقد بالعاصمة التونسية حول ما وصفه بـ"حملة الاعتقالات السياسية وتصاعد الأزمة في البلاد" أن شبكة الدفاع ستضطلع بدور اتصالي وتواصلي وحملة إعلامية لتحسيس الرأي العام في الداخل والخارج حول حقيقة الإيقافات في تونس ووضعية الموقوفين، إلى جانب الاتصال بالمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان حتى تدعم "نضالات" هذه الشبكة من أجل إطلاق سراح جميع الموقوفين.
وتابع "14 سياسيا صادرة في حقهم بطاقات إيداع بالسجن وأن 14 محاميا محالون على التحقيق كما أن 16 نقابيا محل تتبعات قضائية"، مضيفا أن "هذه الإيقافات متوقعة بما أن الحُكم الفردي لا يبسط نفوذه إلا بإسكات جميع المعارضين وكل نفس حر".
وأشار إلى استنكار الاتحاد الأوروبي لمختلف الإيقافات التي وصفها بـ"الظالمة"، معتبرا أنها "حملات قمعية يقف وراءها رئيس الدولة" كما ذكّر بالمظاهرة السياسية التي سيتم تنظيمها يوم الأحد المقبل 5 مارس/آذار بالعاصمة للمطالبة بإطلاق سراح جميع المساجين السياسيين دون استثناء.
بدورها قالت المحامية دليلة مصدّق إن ما يُعرف بملف التآمر على أمن الدولة لا يحمل أي مؤيدات، مؤكدة أن مختلف الوثائق هي عبارة عن نقل لمحادثات بين المتهمين على "الواتساب" وهي تطبيقة لتبادل الرسائل عبر الهواتف الجوالة.
وذكرت أن مختلف الأسئلة التي تم توجيهها للموقوفين "تتعلق بأبسط الأمور اليومية وطبيعة العلاقات بينهم ولا تثبت ارتكاب جرائم بحق أمن الدولة"، مشيرة إلى أن الأبحاث في قضية التآمر على أمن الدولة انطلقت من وشاية قدمها شخصان مجهولان وهما بدورهما متوطان في قضايا تآمر على أمن الدولة.
واستنكرت ما أسمتها عملية مغالطة الرأي العام وتجنّد فرقة مكافحة الإرهاب والأبحاث المالية والقطب القضائي لمكافحة الإرهاب والقطب القضائي المالي وكذلك رئيس الدولة في سبيل تنفيذ هذه الإيقافات، مؤكدة أنها تتحدّى كل هذه الجهات من أجل تقديم دليل واحد أمام الرأي العام، يثبت عملية التآمر على أمن الدولة.
بدورها قالت المحامية لمياء الخميرة وهي عضو بجبهة الخلاص والأمينة العامة لحراك تونس الإرادة إن ملف القضية قد تضمن أيضا أطرافا خارجية وجهات دبلوماسية، في إشارة إلى "سفراء حاليين وسابقين من 4 دول عظمى وقائم بأعمال ومستشار سياسي بإحدى السفارات الأجنبية وقع حشرها بالملف، بتعلة أنه تم الاتصال والتواصل بين تلك الأطراف والموقوفين".
وكانت حركة "تونس إلى الأمام" قد أكدت تمسكها بالمحاسبة بعيدا عن كلّ أشكال التّمييز أو التحصّن بأيّ ذريعة كانت وباعتماد اَليات المحاكمات العادلة والقضاء المستقلّ.
وذكرت في بيان لها اليوم الاثنين، عقب اجتماع أمانتها العامة، بأنّ مسار 25 جويلية انطلق بجملة من الأهداف المترابطة ومن أهمّها مكافحة الفساد المالي والإداري والكشف عن خيوط جرائم الاغتيالات السياسية والتّسفير وكافّة مظاهر العنف والإرهاب وقضاء مستقل، مشيرة إلى أن هذه الأهداف لن تتحقّق ما لم تقترن باَلية المحاسبة التي كانت مطلب غالبية الشّعب وكافّة القوى التقدمية.
وتعكس تحركات جبهة الخلاص حالة الارتباك التي باتت تسيطر على المعارضة بعد أن اتسعت قائمة الموقوفين لتشمل شخصيات بارزة كانت تصنف بأنها "فوق المحاسبة"، في ظل الإصرار الذي أبداه سعيد على محاسبة كل من يثبت تورطه في تأجيج الأوضاع وضرب استقرار البلاد.
وتشن السلطات منذ 11 فبراير/شباط حملة اعتقالات واسعة شملت سياسيين وإعلاميين ونشطاء وقضاة ورجال أعمال للاشتباه في تورطهم في تهديد أمن الدولة، فيما اتهم الرئيس سعيد بعض الموقوفين بـ"التآمر على أمن الدولة" وحمّلهم المسؤولية عن أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار.
وأصدر قضاة التحقيق بطاقات إيداع بالسجن بحق عدد من الشخصيات الموقوفة في قضايا مختلفة، مع تأكيد سعيد على الشروع في محاسبة الفاسدين باعتبارها مطلبا شعبيا مع وضع حد للإفلات من العقاب..