تحركات داخلية وخارجية لتطويق الأزمة بين القوى العسكرية السودانية

القوى المدنية تبحث النشاط المتصاعد لعناصر الحزب الحاكم سابقا وسعيهم الحثيث لإثارة الفتنة والوقيعة بين الجيش وقوات الدعم السريع.
القوى المدنية ستطرح أفكار عملية لتجاوز التوتر بين الجيش والدعم السريع
قوى دولية على راسها الولايات المتحدة تبدي قلقا من تصاعد الازمة

الخرطوم - تبذل بعض القوى الداخلية والخارجية جهودا لاحتواء الأزمة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لتفويت الفرصة على بعض الأطراف التي تتقدمها فلول النظام السابق والقوى الإسلامية لإحباط توقيع الاتفاق السياسي النهائي وتأسيس حكم مدني. 
وقد أعلنت القوى المدنية الموقعة على "الاتفاق الإطاري" بالسودان، عزمها عقد "لقاء عاجل" مع قيادة الجيش وقوات "الدعم السريع"، وطرح أفكار عملية لتجاوز التوتر الحالي واستعادة المسار السياسي وذلك في بيان صادر عنها عقب اجتماع طارئ عقدته الخميس، لمناقشة آخر التطورات السياسية في البلاد.
وقررت تلك القوى وفق البيان "الالتقاء عاجلا بقيادة القوات المسلحة السودانية والدعم السريع وطرح أفكار عملية لتجاوز التوتر الحالي واستعادة المسار السياسي بما يعجل بتجاوز نذر المواجهة الحالية".
والقوى الموقعة على "الإطاري" هي "إعلان الحرية والتغيير ـ المجلس المركزي"، وقوى سياسية أخرى (الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، المؤتمر الشعبي) ومنظمات مجتمع مدني، وحركات مسلحة تنضوي تحت لواء "الجبهة الثورية".
ووفق البيان، بحثت القوى المدنية "النشاط المتصاعد لعناصر المؤتمر الوطني المحلول (الحزب الحاكم سابقا) وسعيهم الحثيث لإثارة الفتنة والوقيعة بين الجيش وقوات الدعم السريع".
و"الدعم السريع" قوة مقاتلة يقودها محمد حمدان دقلو "حميدتي" نائب رئيس مجلس السيادة، أُسست في 2013 لمحاربة متمردي دارفور (غرب)، ثم لحماية الحدود وحفظ النظام لاحقا، ولا يوجد تقدير رسمي لعددها لكنها تتجاوز عشرات الآلاف.
وتحدث البيان عن "الجهود المتصلة للقوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري في احتواء الأزمة الراهنة، والتي تمثلت في لقاءات متصلة طوال الأسبوع الماضي جمعتها بقيادة القوات المسلحة السودانية والدعم السريع مجتمعة ومنفردة".
وتابع "ستتواصل هذه المجهودات حتى تعمل على إنهاء كل أشكال المواجهة واستعادة مسار الانتقال المدني الديمقراطي".
وتصاعد التوتر في اليومين الأخيرين، على خلفية خلاف بين الجيش وقوات "الدعم السريع" بشأن قضايا فنية تخص توحيد المؤسسة العسكرية في السودان.

قلق في الشارع السوداني من تداعيات الخلافات بين القوى العسكرية
قلق في الشارع السوداني من تداعيات الخلافات بين القوى العسكرية

وفجر الخميس اتهم الجيش بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان، قوات "الدعم السريع" بالتحشيد والانتشار والتحرك داخل الخرطوم وعدد من المدن "دون موافقة قيادة الجيش" لكن الدعم السريع نفى هذه لتهم.
وبالتوازي مع الجهود الداخلية بدات تحركات خارجية لتطويق الازمة حيث بحث "حميدتي"، الخميس، مع 3 مبعوثين دوليين تطورات الأوضاع السياسية في البلاد وذبك في اجتماع هاتفي مشترك مع المبعوث الأميركي لشؤون شرق إفريقيا والسودان وجنوب السودان بيتر لورد، والمبعوث الخاص للمملكة المتحدة للسودان وجنوب السودان روبرت فيرويذر، والمبعوث النرويجي الخاص للسودان وجنوب السودان جون أنطون.
وذكر مجلس السيادة في بيان، أن "اللقاء بحث التطورات السياسية الراهنة التي يشهدها السودان، والجهود المبذولة لاستكمال العملية السياسية، وتشكيل حكومة انتقالية مدنية، وصولا إلى تحول ديمقراطي بقيام الانتخابات".
ووفق البيان قدم حميدتي "شرحا للمبعوثين حول الأوضاع بالبلاد ومساعي الأطراف للوصول بالعملية السياسية إلى نهاياتها" مؤكدا "الالتزام بما تم التوقيع عليه في الاتفاق الإطاري وضرورة خروج المؤسسة العسكرية من العمل السياسي".
واكد حميدتي "حرصه على تعزيز الاستقرار والعمل على دعم مسيرة التحول الديمقراطي بالبلاد".
من جانبهم، عبر المبعوثون الدوليون حسب البيان، عن "دعمهم ومساندتهم للاتفاق الإطاري للخروج من الأزمة بوصفه الأساس لتشكيل حكومة مدنية مقبلة في البلاد".
وقد أصدرت كل من فرنسا وألمانيا والنرويج والمملكة المتحدة وأميركا والاتحاد الأوروبي، بياناً مساء الخميس بيانا أبدوا فيه شعورهم بالقلق العميق إزاء التقارير التي تتحدّث عن تصاعد التوترات في السودان وخطر التصعيد بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع.
وقال البيان "تهدد الإجراءات التصعيدية بعرقلة المفاوضات نحو تشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية. ندعو القادة العسكريين والمدنيين في السودان إلى اتخاذ خطوات فعّالة للحد من التوترات، ونحثهم على الالتزام والانخراط بشكل بنّاء لحل القضايا العالقة بشأن إصلاح قطاع الأمن لتهيئة مستقبل عسكري موحد ومهني خاضع للمساءلة أمام حكومة مدنية".
وأضاف "حان الوقت الآن للدخول في اتفاق سياسي نهائي يحقق التطلعات الديمقراطية لشعب السودان. يعد تشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية أمراً ضرورياً لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية والإنسانية الملحة في السودان، وهو المفتاح لإطلاق العنان للمساعدات الدولية".
وكانت المملكة العربية السعودية عرضت الوساطة بين الجيش والدعم السريع لإنهاء الازمة.