الدعم السريع تحقق في قتال دواعش مع قوات البرهان

محيط القصر الرئاسي بالخرطوم يشهد قتالا عنيفا بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، فيما أكد شهود عيان أنه الأخطر منذ اندلاع الاشتباكات.
قوات الدعم السريع توافق على هدنة لمدة 24 ساعة
قوى أجنبية من بينها الولايات المتحدة تضغط لوقف إطلاق النار
حوالي 320 عسكريا من الجيش السوداني يفرّون من المعارك ويلجؤون إلى تشاد

الخرطوم - تجري قوات الدعم السريع تحقيقا في قتال عناصر من تنظيم "داعش" الإرهابي مع الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان، ما يؤكد حالة التخبط التي باتت تسيطر على هذه القوات، خاصة بعد أن حققت "الدعم السريع" خلال الأيام الأخيرة تقدما هاما وأعلنت سيطرتها على العديد من المواقع.

وأكد يوسف عزت المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع السودانية محمد حمدان دقلو المعروف باسم "حميدتي" في تصريح لموقع "آي - 24" الإسرائيلي أنه "تم إلقاء القبض على مقاتلين أجانب هويتهم غير معروفة ويقومون بمهام القنص إلى جانب البرهان".

وأضاف "هناك جهات كثيرة متورطة برعاية التنظيم الإسلامي المتطرف ونخوض معركة كبيرة ضدهم"، مؤكدا التزام الدعم السريع بالهدنة.

ونفى وجود أي عمليات دعم خارجية، لافتا أن قوات الدعم السريع تعتمد على قدراتها الذاتية التي أعدتها منذ فترة لأنها كانت تعلم أن الطرف الآخر يعد لانقلاب يستهدف العملية السياسية كلها.

وقام الجيش السوداني مؤخرا بالإفراج عن مجموعات من العناصر المتطرفة لكي تشارك في المعارك وهو ما يؤكد صحة معطيات كانت قيادة قوات الدعم السريع نشرتها عن مشاركة دواعش في الاشتباكات. 

وفي سياق تطورات الاشباكات قالت قوات الدعم السريع اليوم الأربعاء إنها وافقت على هدنة لمدة 24 ساعة بدءا من الساعة السادسة مساء اليوم (1600 بتوقيت غرينتش)، موضحة في بيان "نؤكد التزامنا التام بوقف كامل لإطلاق النار ونأمل أن يلتزم الطرف الآخر بالهدنة حسب التوقيت المعلن".

ويشهد محيط القصر الرئاسي بالعاصمة الخرطوم قتالا عنيفا بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وأكد شهود عيان أن "القتال حاليا في محيط القصر الرئاسي يعتبر الأخطر والأعنف منذ اندلاع القتال".
وواصلت "الدعم السريع" تحقيق انتصارات هامة، إذ استلمت مستودعا كان تابعا للجيش يضمّ صواريخ وقاذفت راجمات "ب 40".

أما قوات الجيش السوداني فقالت إنها تصدت اليوم الأربعاء لموجات من هجمات قوات الدعم السريع التي تحاول السيطرة على مقر القيادة العامة للجيش، بينما عطل فشل وقف لإطلاق النار بوساطة أميركية جهود إجلاء الرعايا الأجانب والسكان العالقين في العاصمة.

وأعلنت "الدعم السريع" أن قوات عسكرية مدججة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة هاجمت منازل أسر ومواطنين لا علاقة لهم بالعمل العسكري بحي جبرة بالخرطوم".

وقال في بيان لها "هذا المسلك الجبان من قبل قادة القوات المسلحة الانقلابية ومن خلفها الإرهابيين المتطرفين لن يمر مرور الكرام". ويضم حي "جبرة" منزلا لقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو ومنازل أخرى تخص أهله وعشيرته.

وأعلنت نجامينا اليوم الأربعاء أنّ حوالي 320 عسكرياً سودانياً فرّوا من المعارك الدائرة في بلدهم بين الجيش وقوات الدعم السريع وعبروا الحدود إلى تشاد حيث سلّموا أنفسهم للجيش التشادي.

وقال وزير الدفاع التشادي الجنرال داود يايا ابراهيم خلال مؤتمر صحافي إنّ "العسكريين السودانيين دخلوا أراضينا. لقد تمّ نزع سلاحهم جميعاً وتمّ إيواؤهم".

وأضاف في تصريح لوكالة فرانس برس إنّ "من سلّموا أنفسهم لقواتنا هم 320 عنصرا من القوات المسلّحة السودانية، من درك وشرطة وجيش. لقد فرّوا خشية أن يُقتلوا على أيدي قوات الدعم السريع".

وكان الطرفان قد أعلنا التزامهما بوقف إطلاق النار لمدة 24 ساعة الثلاثاء لكن مراسلا لرويترز في الخرطوم قال إنه سمع أصوات إطلاق النار من دبابات بعد موعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.

وسُمع في وقت سابق اليوم الأربعاء دوي قصف مستمر وانفجارات عالية في وسط الخرطوم بالمنطقة المحيطة بالمجمع الذي يضم القيادة العامة للجيش وكذلك حول المطار الرئيسي للبلاد، الذي جرت معارك ضارية بين الجانبين للسيطرة عليه وخرج من الخدمة منذ اندلاع القتال في مطلع الأسبوع.

ويحاول الجيش السوداني فيما يبدو رد مقاتلي قوات الدعم السريع عن مجمع وزارة الدفاع القريب من أحياء وسط الخرطوم والذي يضم أيضا مقر القيادة العامة للجيش، في الوقت الذي يسعى فيه لقطع طرق إمداداتهم في العاصمة.

وقال شهود وسكان إن الجيش جلب تعزيزات إلى الخرطوم من أنحاء أخرى بالسودان من بينها المناطق الشرقية قرب الحدود مع إثيوبيا.

ويسيطر الجيش على مداخل الخرطوم التي يقطنها نحو 5.5 مليون نسمة بينما يسكن ملايين آخرون في مدينتي أم درمان وبحري على الجانب الآخر من النيلين الأبيض والأزرق.

وقال السكان إن الجيش يحاول فيما يبدو محاصرة قوات الدعم السريع التي لا يزال عدد كبير من مقاتليها منتشرا في شوارع المدينة. 

وسبَّب الانقطاع المتكرر للكهرباء والمياه نتيجة القتال معاناة للسكان في الأيام الأخيرة من شهر رمضان.

وتضغط قوى أجنبية من بينها الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار بين الجيش وقوات الدم السريع والسماح للمواطنين العالقين في القتال بتدبير احتياجاتهم وإجلاء الرعايا الأجانب.

ويبدو تنفيذ عمليات الإجلاء أمرا صعبا ما لم يتوقف القتال لفترة ممتدة وذلك في ظل إغلاق مطار الخرطوم والهجمات التي استهدفت في الأيام القليلة الماضية دبلوماسيين وأهدافا أخرى، من بينها قافلة مركبات تحمل العلم الأمريكي.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن "الوضع الأمني غير الواضح" وإغلاق المطار يحولان دون وضع خطة لعملية إخلاء بتنسيق من جانب الحكومة الأميركية.

وذكرت مجلة شبيغل نقلا عن مصادر لم تكشف هويتها أن ألمانيا أوقفت اليوم الأربعاء مهمة لإجلاء نحو 150 مواطنا على ثلاث طائرات نقل من طراز (إيه.400.إم) تابعة لسلاح الجو الألماني.

وقال كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني إن السلطات تعتزم استخدام طائرة تابعة لقوات الدفاع الذاتي لإجلاء نحو 60 مواطنا يابانيا من السودان.

وقالت واحدة من السكان على الأطراف الشرقية للخرطوم إن القتال الكثيف استؤنف في وقت مبكر من اليوم الأربعاء وأضافت "لم نستطع النوم. فترة الهدوء الوحيدة كانت بين الثالثة والخامسة صباحا".

وفي سياق متصل أدانت البعثات الدبلوماسية الغربية اليوم الأربعاء استمرار الاشتباكات بين عناصر الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، قائلة إن "أفعال القادة العسكريين السودانيين عرضت عددا لا يحصى من الناس للخطر" وفق بيان مشترك صدر عن بعثات سفارات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وهولندا والنرويج وبولندا كوريا الجنوبية  وإسبانيا وسويسرا والسويد علاوة على وفد الاتحاد الأوروبي.
وكشف البيان عن مقتل "أكثر من 270 مدنيا في المعارك الدائرة منذ السبت بين الجيش وقوات الدعم السريع". وحذرت السفارات في بيانها من أن هذا الرقم "ما هو إلا حصيلة مؤقتة"، مؤكدة على ضرورة "أن يتوقف طرفي القتال عن الأعمال العدائية فوراً وبدون شرط"، مشيرة إلى أن الهجمات "تخللتها عمليات استهداف للمدنيين والدبلوماسيين، والعاملين في المجال الإنساني".
وفي السياق نفسه، حمل البيان دعوة البعثات الدبلوماسية في السودان، الأطراف المتصارعة من أجل "وقف إطلاق النار، والالتزام بالتعهدات التي يفرضها القانون الدولي لحماية المدنيين والدبلوماسيين، والجهات الإنسانية".
كما حث الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على "تجنب المزيد من التصعيد ووقف عمليات إعادة الإمداد والتزود بالوقود وإعادة التسليح وبدء محادثات لحل القضايا العالقة ".
وذكر البيان أنه يتعين على القادة العسكريين السودانيين "الدخول في حوار دون تأخير"، مشيرا إلى أن أفعال هؤلاء القادة في جميع أنحاء السودان "عرضت عددا لا يحصى من الناس للخطر وأبطلت دعوة الشعب السوداني المشروعة إلى انتقال ديمقراطي سلمي".
وتابع "نؤكد أن التسوية الشاملة والدائمة للخلافات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع هي أولوية ملحة، لا يمكن تحقيقها إلا بالحوار السياسي السلمي وفي سياق الجهود الوطنية لمواجهة التحديات التي يواجهها السودان بموجب لعملية سياسية".
وشددت البعثات الدبلوماسية في بيانها على استمرار وقوفها بجانب الشعب السوداني في دعواته من أجل مستقبل "سلمي وعادل وحر من أجل السودان".