سحب كتاب يخطف الأضواء في افتتاح تونس للكتاب

الدورة السابعة والثلاثون من المعرض الدولي انطلقت الجمعة في قصر المعارض بالكرم تحت شعار 'حلّق.. بأجنحة الكتاب'.

تونس - انطلقت الدورة السابعة والثلاثون من معرض تونس الدولي للكتاب الجمعة في قصر المعارض بالكرم بمشاركة 279 دار نشر من 22 دولة، لكن مصادرة أحد الكتب أثار أزمة بعد الافتتاح بددت المشهد الاحتفالي لليوم.

وعقب انتهاء مراسم افتتاح المعرض قال الروائي والناقد التونسي كمال الرياحي عبر صفحته على فيسبوك إن السلطات صادرت أحدث مؤلفاته "فرانكشتاين تونس" وأغلقت جناح دار النشر المصدرة له.

وصرحت مسؤولة في وزارة الشؤون الثقافية بأن دار النشر المعنية خالفت القانون الداخلي للمعرض، وذلك بعرض عنوان كتاب لم يتم إدراجه ضمن القائمة التي تم عرضها على لجنة العارضين للحصول على جناح.

وأضافت أن الإجراء تنظيمي بحت وتم اتخاذه "لتفادي مثل هذه التجاوزات التي تمت دعوة العارضين إلى تجنبها مسبقا"، مشيرة إلى أن الكتاب لم يكن ضمن الكتب المعروضة في الجناح "بل في ركن مخفي، وهذا ما يؤكد المخالفة وسوء النية".

ووفق مقطع فيديو نشرته "دار الكتاب للنشر والتوزيع" قال صاحب الدار الحبيب الزغبي "تم الجمعة إغلاق جناح دار الكتاب وسحب مؤلف فرنكشتاين تونس بدعوى أنه لم يكن ضمن القائمة الأولية للكتب المعلن عن عرضها خلال الفعالية"، مضيفا "كنا أرسلنا يوم الثلاثاء الماضي قائمة تكميلية لإدارة المعرض تضم أسماء كتب ستتم إضافتها للجناح المخصص لنا ومن بينها فرنكشتاين تونس".

وتابع "القانون لا يمنع نشر أي كتاب في تونس مهما كان الموضوع المتناول إلا في حالة نشر محتوى يخل بقيم المجتمع التونسي".

وتصاعد التوتر بعد إعلان الزغبي أن عددا من الناشرين المحليين تضامنوا معه وقرروا غلق أجنحتهم دفاعا عن حرية التعبير، إذ في حركة تضامنية قامت دور نشر أخرى بغلق أجنحتها بالمعرض.

وأكدت إدارة المعرض، في بيان، أن "دار النشر المعنية خالفت القانون الداخلي للمعرض وذلك بعرض عنوان لم يقع إدراجه ضمن لائحة الكتب المسجلة للعرض وللحصول على جناح بالمعرض".

وأشار نص البيان إلى أن الكتاب لم يكن ضمن الكتب المعروضة في الجناح، بل كان في ركن مخفي وهذا ما يؤكد المخالفة وسوء النية.

وجاء على غلاف الكتاب على لسان الكاتب "قبل أن يشقى فكتور فرانكنشتاين، في رواية ماري شيلي، وراء وحشه، كان يعيش قلقا وحزنا بسبب موت أمه، فانهمك في العمل على أبحاثه ليصنع الوحش".

وأضاف الكاتب أن "مشاعر اليتم الخلاقة هذه هي نفسها التي كان يتخبط فيها الشعب التونسي قبيل انتخاب الرئيس التونسي قيس سعيد، فقد فشل هذا الشعب في العثور على حل لتيهه التاريخي بعد إسقاط دكتاتور كان يعتقد أنه المعرقل الوحيد أمام إدراكه السعادة... فما هلّل هذا الشعب يوما لحاكم إلا وانقلب عليه، فلا نفعه الحقوقي والمناضل ولا حتى السياسي المحنّك".

وتابع "لم يكن أمام هذه الحشود من الجماهير ومن لم يقتنع بأحد سوى صناعة وحش من خيباتهم، شخص لا يعدهم بشيء لأنهم ملّوا الوعود الكاذبة، لم يكن أمامهم إلا صوت ذلك الأستاذ السوريالي الذي لا يضحك أبدًا لكي ينتقموا من الكل، من السيستم الذي ظل مستمرا رغم تغير الوجوه والقادة".

وكمال الرياحي هو كاتب وروائي وإعلامي تونسي مقيم بكندا، شغل منصب مدير "بيت الرواية" ومدير "دار الثقافة المغاربية ابن خلدون" ومن كتبه "عشيقات النذل" و"المشرط" و"ألبيرتا يكسب دائما".

وشهد الافتتاح الرئيس التونسي قيس سعيد ووزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط القرمازي ووزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي أحمد فكاك البدراني.

وقالت مديرة المعرض زهية جويرو في تصريحات إعلامية إن الدورة الحالية تتميز بزيادة عدد العارضين الذي ارتفع بمرة ونصف مقارنة بالدورة السابقة مع مشاركة دول جديدة للمرة الأولى.

وتشارك في فعاليات المعرض الذي عاد ليلتئم إثر تعذر تنظيم دورته السابقة، العديد من دور النشر والمؤسسات الثقافية العربية، على رأسها الخليجية التي بات لها حضور ثقافي بارز عربيا وعالميا.

ويحل العراق "ضيف شرف" الدورة الجديدة الممتدة حتى السابع من مايو/أيار تحت شعار "حلّق.. بأجنحة الكتاب" وتحمل اسم وزير الشؤون الثقافية الراحل البشير بن سلامة.

ويشمل برنامج المعرض نحو 100 فاعلية موجهة للبالغين وما يقرب من 300 نشاط للأطفال واليافعين.

ومن أبرز الندوات المدرجة بالبرنامج "الكتاب والكتابة في المنعرج الرقمي" التي تقام بالاشتراك مع اتحاد الكتاب التونسيين وبحضور عدد من المثقفين العرب من مصر ولبنان وسوريا وتونس.

كما يتضمن البرنامج أمسيات شعرية ولقاءات حوارية وقراءات قصصية، إلى جانب توقيع أحدث الإصدارات بحضور مؤلفيها.

ويخصص المعرض برنامج "الأيام الثقافية الدولية" لتسليط الضوء على ثقافات بعض الدول المشاركة وهي فنزويلا وإيطاليا وروسيا وسوريا وليبيا والجزائر وفلسطين وسلطنة عمان.

وترى الكاتبة التونسية ألفة يوسف أن المعرض هو فرصة لالتقاء الكُتّاب، والكاتب مع القارئ، وهو نوع من أنواع المهرجانات التي تؤكد أن المطالعة والكتاب ما زالت لهما قيمة رغم العصر الرقمي الذي غير الوسيط ولم يغير مضمون الكتابة وقيمتها.

وأضافت أن المعرض يشهد حضورا ملموسا من جانب الشبان، في دلالة على علاقتهم الجيدة بالكتاب خلافا لما يشاع بأنهم يهتمون بالصورة فقط، وقالت "هناك ناشرون شباب، وكُتاب شباب، والأهم قراء شباب".

أعلنت لجنة تنظيم الدورة السابعة والثلاثين للمعرض خلال الافتتاح أسماء الفائزين بجوائز الإبداع الأدبي والفكري لهذا العام في مجالات الرواية والقصة والشعر والترجمة والدراسات الإنسانية.

وذهبت الجائزة في مجال الرواية إلى مريم سلامي عن روايتها الصادرة بالفرنسية "أغار من النسيم الجنوبي على وجهك" ونزار شقرون عن روايته الصادرة بالعربية "زول الله".

وفاز بالجائزة في مجال الأقصوصة حسن مرزوقي عن مجموعته القصصية "النذر" الصادرة ضمن سلسلة "براءات" عن دار المتوسط.

وحصل خالد الماجري على جائزة الشعر عن ديوان "القرية"، فيما حصل محمد أبوهاشم محجوب على جائزة المعرض في الكتابات الفلسفية عن كتاب "في استشكال اليوم الفلسفي.. تأملات في الفلسفة الثانية".

وذهبت جائزة الدراسات الإنسانية والأدبية مناصفة إلى محمد القاضي عن كتابه "مداد الذات: بحث في أدب الأخبار عند الصولي" ومحمد كرو عن كتاب "جمنة.. واحة الثورة" الصادر باللغة الفرنسية.

وحصل جلال الدين سعيد على جائزة الترجمة عن ترجمته لكتاب "مقالات" للفرنسي ميشال دي مونتاي، فيما ذهبت جائزة أفضل ناشر إلى دار كلمة، وفازت بجائزة النشر الخاصة بالأطفال واليافعين دار "بوب ليبريس" للنشر.

وشمل حفل توزيع الجوائز الذي أقيم بالمجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون "بيت الحكمة" بقرطاج تكريم عدد من الكتاب والأكاديميين هم نافلة ذهب وعمار المحجوبي وعمر بلهادي وحمادي صمود وفضيلة الشابي.

ويعتبر معرض تونس الدولي للكتاب الذي ينظم سنويا في قصر المعارض بالكرم بالضاحية الشمالية للعاصمة، من أشهر معارض الكتب في المنطقة العربية وبدأت أولى دوراته عام 1982.