سكّان مرّاكش تحت وقع صدمة الزلزال وسط جهود مكثّفة للإنقاذ
الرباط - استفاقت مدينة مراكش اليوم السبت على وقع صدمة الزلزال العنيف الذي ضرب المغرب ليل الجمعة السبت مسفرا عن سقوط مئات القتلى والجرحى وملحقا أضرارا مادية جسيمة بالمدينة.
ويغطي الركام أزقة حي الملاح اليهودي القديم في وسط مراكش بعدما انهارت أبنية قديمة وتحطمت أسقف خشبية.
وحتى صباح اليوم السبت لم يكن حجم الأضرار التي لحقت بمراكش قد اتضح بعد لكن معظم المواقع التاريخية الرئيسية في المدينة القديمة بدت سليمة إلى حد كبير. ومراكش مدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) للتراث العالمي.
وبدا التراث ذو القيمة العالية سليما عند ساحة جامع الفنا وهي أهم معالم مراكش ويطل عليها أيضا جامع الكتبية الذي يرجع تاريخه إلى القرون الوسطى والتي يوجد بها فنانو الشوارع وأكشاك السوق وسحرة الثعابين.
وقال ميلود سكروت، أحد سكان مراكش، بينما يقف أمام كومة من الأنقاض في مكان آخر بالمدينة القديمة، إن الأضرار تسببت في سد الأزقة مما يجعل من الصعب مساعدة السكان المحاصرين.
وأضاف "كل شيء بإرادة الله لكننا تعرضنا لضرر كبير... لا سبيل لدخول المنازل، ووالداي مريضان في المنزل".
وتقول حفيظة صحراوية من القاطنين في هذا الحي "المشهد أشبه بانفجار قنبلة". وتضيف هذه المرأة البالغة 50 عاما والتي هرعت مع عائلتها للاحتماء في ساحة كبيرة عند مدخل الحي الذي تسكنه "كنا نعد العشاء عندما سمعنا شيئا يشبه دوي انفجار. خرجت مذعورة مع أطفالي. لقد انهار منزلنا للأسف"، متابعة "لا نعرف إلى أين نذهب. لقد خسرنا كل شيء".
ومثلها، تروي مباركة الغبار إحدى جاراتها أن منزلها "دمّر" بالهزات الأرضية الارتدادية.
وتقول "كنا نائمين عندما وقع الزلزال انهار جزء من السقف ووجدنا أنفسنا عالقين في الداخل لكننا تمكنا أنا وزوجي من الفرار"، مضيفة أنها "عاشت كابوسا".
وإذا كانت مباركة وحفيظة محظوظتين بعدم فقدان أي فرد من أفراد عائلتيهما، خسرت فتيحة أبوالشواق قريبا يبلغ أربع سنوات.
وتؤكد هذه المرأة الثلاثينية التي كان يبدو عليها الإرهاق "ليس لدي القوة على التحدث".
وأضحت أم مغربية الناجية الوحيدة في عائلتها بعدما فقدت كامل أسرتها المكونة من زوجها وأبنائها الأربعة بقرية في نواحي مراكش (وسط)، إثر الزلزال.
وفي تصريح للقناة الأولى المغربية الرسمية قالت الأم بحسرة إن "زوجها وأبناءها الأربعة لقوا حتفهم، بينهم ولدان وبنتان".
"إنها محنة مؤلمة، قلبي مع عائلات الضحايا".
وقالت الناجية المغربية القاطنة بقرية تمقرا بإقليم شيشاوة بنواحي مراكش "بقيت لوحدي، فقدت كل ما أملكه، هذا من قضاء الله وقدره".
وبمشاعر غلب عليها الحزن والبكاء، صارت الأم تردد بصوت متهدج أمام الملتفين حولها: "فقدت مصطفى وحسن وإلهام وغزلان وإلياس".
وهذا أقوى زلزال يضرب المملكة، وذكر المركز الوطني للبحث العلمي والتقني ومقره الرباط أن قوة الزلزال بلغت 7 درجات على مقياس ريشتر وأن مركزه يقع في إقليم الحوز جنوب غرب مدينة مراكش التي تعتبر مقصدا سياحيا كبيرا.
وفي هذه المدينة التي وقع فيها 13 قتيلا بحسب حصيلة أولية، لجأ مئات السياح وسكان أحياء متجاورة إلى ساحة جامع الفنا، فيما نام الكثير منهم على الأرض، بعضهم من دون أغطية.
وثمة آخرون عجزوا عن النوم، مثل الثمانينية غنو نجم التي وصلت إلى مراكش من الدار البيضاء قبل ساعات قليلة من وقوع الزلزال.
وتروي نجم "أتيت لزيارة المدينة مع ابنتي وحفيدتي. في المساء، خرجتا وبقيت أنا في الفندق. كنت أستعد للخلود إلى الفراش عندما سمعت صوت الأبواب والدرف تطقطق. خرجت مذعورة، اعتقدت أنني سأموت وحيدة".
وعلى مسافة قصيرة، تقول رباب رئيس، إن الزلزال "خلف الصدمة الأكبر في حياتي".
وتؤكّد هذه الشابة البالغة 26 عاما وهي من سكان مراكش "رأيت الناس يركضون في كل مكان، كان هناك الكثير من الغبار بسبب انهيارات المباني، كنت مرعوبة"، مضيفة "إنها محنة مؤلمة، قلبي مع عائلات الضحايا".
وبالإضافة إلى مراكش، شعر بالزلزال العنيف سكان الرباط والدار البيضاء وأغادير والصويرة.
وخرج عدد كبير من الأشخاص إلى شوارع هذه المدن خشية انهيار منازلهم، بحسب صور نشرت على الشبكات الاجتماعية.
وفي سياق متصل أعلن الجيش المغربي اليوم السبت نشر وحدات للتدخل وطائرات ومراكز لوجستية لتقديم الدعم الضروري لمتضرري الزلزال.
وذكر بيان الجيش أن "العاهل المغربي الملك محمد السادس القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية أصدر تعليماته للجيش قصد التدخل".
وأضاف "تم اتخاذ التدابير الضرورية على مستوى القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية والحاميات العسكرية للتواصل والتنسيق مع السلطات المحلية".
وزاد "تم نشر وحدات للتدخل وطائرات ومروحيات وطائرات دون طيار ووسائل هندسية ومراكز لوجستية بعين المكان بهدف تقديم الدعم الضروري لمختلف القطاعات المعنية والمساكن المتضررة".