حزم مغربي في مواجهة مروجي الأخبار الكاذبة حول زلزال الحوز
الرباط – يكثف المغرب جهوده لتجاوز تداعيات زلزال الحوز على كافة الأصعدة؛ فأدرج محاربة الأخبار الزائفة والاحتيال الرقمي ضمن خطة تدبير أزمة الزلزال، بالتوازي مع عمليات الإغاثة وانتشال الضحايا وتوفير المأوى والاحتياجات الضرورية للناجين.
وتواجه المؤسسات الحكومية وغير الحكومية تحديات عديدة على المستوى الرّقمي، أبرزها محاربة الأخبار الزائفة والممارسات الاحتيالية على المبادرات التضامنية، لذلك اتخذت جميع الإجراءات لضمان الاستجابة العاجلة للأخبار المضللة ووقف انتشارها بأسرع وقت.
وأحال عناصر الأمن صباح الإثنين، ثلاثة أشخاص على النيابة العامة، للاشتباه في تورطهم بنشر خبر زائف يتعلق بـ”سقوط طائرة بتراب إقليم أزيلال”، في ظروف من شأنها المساس بأمن وسلامة المواطنين.
وذكرت مصادر مطلعة أن عناصر الضابطة القضائية تفاعلت بسرعة وجدية مع تدوينات زائفة حول سقوط طائرة في منطقة جماعة أيت بولي بإقليم أزيلال، حيث أسفرت الأبحاث والتحريات بشأن هذه المنشورات عن تشخيص هوية المشتبه فيهم وتوقيفهم.
وأضافت المصادر أن الأشخاص الثلاثة الذين ألقي القبض عليهم ينحدرون من إقليم أزيلال، اثنان منهم لهما صفحتان على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، فيما الآخر يملك حسابا شخصيا.
وتمّت إحالة المشتبه فيهم إلى النيابة العامة، بعدما تمت إجراءات البحث القضائي؛ وذلك من أجل كشف جميع ظروف وملابسات هذه القضية التي استأثرت باهتمام السكان في المنطقة ووسائل الإعلام المحلية والوطنية، خصوصا أنها جاءت مباشرة بعد أحداث زلزال الحوز.
ويأتي هذا التحرك، استجابة لقرار رئاسة النيابة العامة، التي أصدرت الخميس، تعليمات للنيابات العامة لدى مختلف محاكم المملكة المغربية، لإجراء الأبحاث وتحديد المسؤوليات القانونية في حق كل من يشتبه في تورطه في نشر الأخبار الزائفة التي تسعى إلى خلق الفزع بين الضحايا وعموم المواطنات والمواطنين وترتيب الآثار القانونية على ضوء ذلك.
كما تقوم وكالة المغرب العربي للأنباء برصد مستمر للأخبار الكاذبة وتوضيح التضليل فيها، وذلك عبر موقعها الرسمي ومنصاتها على الشبكات الاجتماعية.
ورصدت اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه مجموعة من المنشورات المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي في سياق حملات ومبادرات تضامنية مع ضحايا زلزال الحوز، تتضمن مضامين مسيئة خاصة بفئة الأطفال والنساء الضحايا، مؤكدة إحالة هذه الحالات المرصودة على السلطات الأمنية والجهات القضائية المعنية لاتخاذ المتعين.
بدورها، حذرت المديرية العامة لأمن نظم المعلومات، التابعة لإدارة الدفاع الوطني، من إمكانية “استغلال الأزمة الإنسانية التي تمر بها البلاد من طرف المجرمين في الفضاء السيبيراني لتصيد الضحايا والقيام بأنشطة احتيالية”.
وأشارت إلى أن مجرمي الإنترنت يتطلعون إلى الاستفادة من هذه الأزمة الإنسانية، واستخدام موضوع الزلزال في الحملات لخداع الضحايا لتنزيل ملفات مصممة خصيصا لذلك، أو حثهم للدخول إلى روابط معينة على الشبكات الاجتماعية، من أجل توزيع أنواع مختلفة من البرمجيات الخبيثة.
وقال مصطفى ملوي، رئيس المرصد المغربي للسيادة الرقمية، إن استغلال الأزمات في بث ونشر الأخبار الزائفة وممارسة الاحتيال الرقمي، يهدد السلامة العامة للمتضررين من الأزمة بشكل رئيسي، ثم المواطنين بشكل عام، والتوجيه السليم للموارد والجهود المبذولة لحلحلة هذه الأزمة وتقويضها، وزعزعة استقرار البلاد.
وأضاف ملوي في تصريحات لموقع "هسبريس" المغربي، أنه بقدر ما ساعد الفضاء الرقمي في تعزيز الاستجابة لتداعيات الزلزال وتعبئة النفس التضامني من داخل وخارج المغرب، بقدر ما أن جانبه الآخر استغل بطريقة بشعة من قبل تجار الأزمات، منتهزين تعطش المغاربة إلى المعلومة حول ما يجري بالمناطق المتضررة.
ومع ذلك، يرى المختص في الأنشطة الرقمية أن مقاربة المغرب في هذا الشأن كانت إيجابية، وذلك عبر التفاعل الفوري مع مثل هذه المنشورات، من خلال تأكيدها أو تفنيدها، ثم فعالية وسرعة تعاطي المؤسسات الأمنية معها، فضلا عن الحضور الملحوظ للأخبار المؤكدة والصحيحة على مجموعة من المؤسسات الإعلامية المحترمة التي تحاول قطع الطريق أمام مروجي الأخبار الزائفة.
واقترح رئيس المرصد المغربي للسيادة الرقمية من خلال تتبعه لما يروج على الفضاء الرقمي، “إحداث منصة رقمية تابعة للقطب الإعلامي العمومي أو الرسمي، تعمل على رصد وتتبع جميع الأخبار المتداولة بشأن الأزمة وتدقيقها، ثم تعزيز التواصل المؤسساتي الرسمي، على اعتبار أن مروجي الأخبار الزائفة يقتاتون على الفراغ”.