إسرائيل ترتكب مجزرة جديدة.. مئات القتلى في قصف مستشفى المعمداني

أروقة وساحات مستشفيات قطاع غزة تكتظ بآلاف النازحين الذين تقطعت بهم السبل آملين ألا يتعرضوا للقصف الإسرائيلي المتواصل منذ عشرة أيام.

القدس - أسفر قصف إسرائيلي استهدف المستشفى الأهلي العربي في غزة اليوم الثلاثاء عن مقتل واصابة المئات في أحدث واكبر مجزرة جديدة ترتكبها إسرائيل في حربها الدموية التي تشنها ضد القطاع منذ عملية طوفان الأقصى.

وتضاربت الأرقام المعلنة بشأن إجمالي عدد قتلى الغارة، إذ قال متحدث باسم وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس في غزة أشرف القدرة إن "ما يزيد على 500 شخص قتلوا في قصف إسرائيلي استهدف المستشفى الأهلي العربي المعمداني".
بينما أعلنت الوزارة في حصيلة أولوية مقتل ما لا يقل عن 200 شخص في الغارة الإسرائيلية، مشيرة إلى أن "هناك مئات تحت الأنقاض".

وندد المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة في بيان بـ"جريمة حرب جديدة يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بقصف مستشفى الأهلي العربي وسط مدينة غزة"، مشيرا إلى أن "المستشفى كان يضم مئات المرضى والجرحى والنازحين من منازلهم قسريا بسبب الغارات".

وقتل اليوم الثلاثاء على الأقل ستة أشخاص نزحوا إلى مدرسة تابعة للأمم المتحدة في قطاع غزة، بحسب ما اعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين "اونروا" التي وصفت ذلك بأنه "مشين" و25 آخرين في استهداف منزل برفح.

واندلعت مواجهات مساء اليوم الثلاثاء بين متظاهرين طالبوا الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالرحيل وقوات الأمن الفلسطينية في رام الله في الضفة الغربية المحتلة.

وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع خلال التظاهرة التي خرجت بعد وقت قصير من غارة الاسرائيلية التي استهدفت مستشفى الأهلي في قطاع غزة.

وتوالت ردود الفعل المنددة بقصف المستشفى دوليا وعربيا، إذ أدان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان "أحدث مثال للهجمات الإسرائيلية الخالية من أبسط القيم الإنسانية" داعيا "البشرية جمعاء إلى التحرك لوقف هذه الوحشية غير المسبوقة في غزة".

وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال إن استهداف المنشآت المدنية في غزة ينتهك القانون الدولي فيما أكد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس "تدين منظمة الصحة العالمية بشدة الهجوم على المستشفى الأهلي العربي".

وأدانت القاهرة "بأشد العبارات" القصف على المستشفى في غزة مؤكدة أن "هذا القصف المتعمد لمنشآت وأهداف مدنية يشكل انتهاكاً خطيراً لأحكام القانون الدولي والإنساني، ولأبسط قيم الإنسانية".

وقالت وزارة الخارجية السعودية أنّ المملكة "تدين بأشد العبارات الجريمة الشنيعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بقصفها مستشفى الأهلي المعمداني في غزة والذي أدى لوفاة المئات من المدنيين"، مشيرة إلى أنها "ترفض بشكلٍ قاطع هذا الاعتداء الوحشي الذي يعُد انتهاكاً صارخاً لكل القوانين والأعراف الدولية بما فيها القانون الدولي الإنساني".

من جهته طالب الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط "الغرب بوقف هذه المأساة فورا".

واعتبرت قطر ما حصل "مجزرة وحشيّة" فيما ندد الأردن بـ"العدوان الإسرائيلي" وحمل إسرائيل المسؤولية عن "هذا الفعل الذي يتنافى مع كافة القيم الإنسانية والأخلاقية".

وتكتظ أروقة وساحات مستشفيات قطاع غزة، شمالا وجنوبا، بنازحين تقطعت بهم السبل آملين الا يتعرضوا للقصف الإسرائيلي المتواصل منذ عشرة أيام، ما يثقل كاهلها أكثر في ظل التدفق الهائل للجرحى والقتلى. وفي مستشفى ناصر في خان يونس (جنوب) نصبت مئات العائلات خياما أو أقامت سواتر من قماش أو بطانيات للحصول على بعض الخصوصية.

وجلست أميرة (44 عاما) على الأرض لإعداد بعض شطائر الجبن لأطفالها وتقول "نشعر بحكة في أجسامنا، لم نستحم منذ أسبوع"، مضيفة "الموت رحمة لنا".

وعلى رصيف المستشفى، أكياس سوداء مليئة بالفضلات وجثث قطط وكلاب ميتة، بينما تفوح رائحة كريهة من جميع الجهات.

وامتلأت باحة المستشفى بمئات العائلات التي تنام أرضا رغم انخفاض درجات الحرارة والبرد في الليل، بينما ينام آخرون في السيارات، بحسب مراسلي فرانس برس.

وقالت منظمة الصحة العالمية في الأرض الفلسطينية المحتلة إن المستشفيات في قطاع غزة "على وشك الانهيار. الأروقة مكتظة بأشخاص يبحثون بطريقة يائسة عن مأوى آمن، والعدد يزداد".

وأضافت "هناك أكثر من ثلاثين ألف شخص لجأوا إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة وحده، استنادا إلى قسم التعاون الدولي في وزارة الصحة" التابعة لحماس.

وتابعت "نحن قلقون من انتشار الأوبئة بسبب النزوح والنقص في المياه والنظافة الشخصية بين الناس الذين هم في وضع مأسوي".

وفي أروقة مستشفى الشفاء، يقوم نازحون بتحضير الخبز لتوزيعه على العائلات. ويعلق آخرون ملابسهم على حبال على الجدران. في هذا الوقت، لا تتوقف صفارات سيارات الإسعاف التي تصل تباعا لتنقل مصابين وقتلى إلى المستشفى وهناك أيضا عائلات قصدت المستشفى لإلقاء النظرة الأخيرة على أفراد منها قبل دفنهم.

ويصف أبوأسعد القدسي "الوضع بالمأسوي". ويقول "الأمور صعبة للغاية. عائلات كاملة بأطفالها، رضع، كبار وصغار ومشايخ هنا".

ويقول إبراهيم تيسير ياسين "عدد كبير من الناس في مستشفى الشفاء! لا أحد ينظر إلينا بعين الرحمة. ما ذنبنا نحن؟ ما ذنب الأطفال؟ ما ذنب النساء؟"، مضيفا "نشعر بالإهانة هنا في المستشفى"، مشيرا الى أن "معظم الشعب لا ينتمي الى أي تنظيم" سياسي.

وكان المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) فيليب لازاريني أكد في مؤتمر صحافي الأحد أن "الظروف الصحية والنظافة الشخصية مروعة"، موضحا أنه في بعض أماكن النزوح "يتقاسم مئات الأشخاص مرحاضا واحدا فقط".

وتجمّع مئات المتظاهرين مساء اليوم الثلاثاء أمام مقر السفارة الفرنسية في تونس احتجاجا على إصابة مستشفى في مدينة غزة بصاروخ ما أسفر عن سقوط مئات القتلى والجرحى وطالبوا بطرد السفيرين الفرنسي والأميركي.

وحاول عشرات المتظاهرين اقتحام مقر السفارة الإسرائيلية في عمان وتجاوزوا حاجز قوى الأمن وتقدموا حول السفارة غاضبين وأطلقت القوى الأمنية الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.

كما تظاهر مئات الموريتانيين أمام السفارة الأميركية في نواكشوط تنديدا بمجزرة المستشفى المعمداني في غزة رافعين الأعلام الفلسطينية وهتفوا مطالبين بـ"وقف المجازر التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة".
وانتشرت الشرطة الموريتانية في محيط سفارة واشنطن دون الاحتكاك بالمتظاهرين الغاضبين.