فوزي بنسعيدي: الفن السابع قادر على تغيير العالم

المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يكرم المخرج المغربي بالنجمة الذهبية تقديرا لمساره المهني الاستثنائي الحافل خلف الكاميرا وأمامها.

مراكش (المغرب) - يرى المخرج المغربي فوزي بنسعيدي أن بإمكان الأعمال السينمائية تمرير رسائل قادرة على تغيير العالم.

وقال بنسعيدي الذي حل ضيفا على فقرة "حوار مع.." في إطار فعاليات الدورة العشرين للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، إن بإمكان مشهد سينمائي واحد أن يعبر عن فكرة قدرة الفن السابع على قلب المعايير وتغيير العالم، مثلها في ذلك مثل الحب تماما.

وجاء ذلك تعليقا من بنسعيدي عن مشهد من فيلمه الكوميدي "يا له من عالم رائع" تظهر فيه البطلة (شرطية مرور)، وهي بصدد تنظيم حركة السير في مدار طرقي وسط المدينة بكامل الدقة وفي احترام تام للقواعد قبل أن يتقاطع نظرها مع رجل في طريقه لاقتعاد كرسي بمقهى مقابل للمدار بما يشي بإعجاب متبادل بين الطرفين، ليتحول الوضع إلى مشهد راقص لحافلات وسيارات ودراجات نارية تجوب المدار في اتجاهات متعاكسة لكن بتناغم وسلاسة وفي سمفونية تضبط الشرطية إيقاعها بدقة أيضا.

ويقول بنسعيدي الذي تم تكريمه ومنحه النجمة الذهبية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورة هذه السنة، صحيح أن الفيلم كوميدي، لكن المشهد جاء "كما لو أن السينما والحب قادران على تغيير العالم".

خص المهرجان الدولي للفيلم بمراكش المخرج المغربي الموهوب والوجه البارز في السينما المغربية فوزي بنسعيدي، الأربعاء، بتكريم حار في إطار دورته العشرين، وذلك تقديرا لمساره المهني الاستثنائي الحافل خلف الكاميرا وأمامها.

وتسلم فوزي بنسعيدي خلال حفل احتضنه قصر المؤتمرات بالمدينة الحمراء، وحضره نجوم الفن السابع وشخصيات من عالم الفن والثقافة والإعلام، النجمة الذهبية للمهرجان من طرف زوجته الممثلة نزهة رحيل، محاطا على الخشبة بعدد من أبرز الممثلين الذين عملوا معه في أفلامه، وهم نادية كوندا وهاجر كريكع ومحسن مالزي وربيع بنجيهل وعبدالهادي طالب وفهد بنشمسي.

ويعتبر بنسعيدي مؤلفا رائدا في السينما المغربية، وأحد أبرز ممثليها على الصعيد العالمي، حيث سجلت أفلامه حضورا دائما في أكبر المهرجانات العالمية، من كان إلى برلين، مرورا بتورونتو والبندقية، كما يعد الرجل "مبدعا متميزا في فن السخرية الشاعرية، وينجز بثبات كبير وثقة عالية عملا رائعا ميزته التفرد والعمق الإنساني"، حسب المنظمين.

وعن طريقة تحديد الفضاءات التي يصور فيها أعماله، قال بنسعيدي إنه لا يفضل توظيف كلمة "repérage" للتعبير عن هذه العملية، وإنما يختار الفضاءات بناء على عملية "كاستنيغ" تماما مثلما يحدث مع الممثلين.

ويوضح بنسعيدي وفق وكالة المغرب العربي للأنباء "أزور الفضاءات وحدي قبل التصوير وفي أوقات مختلفة من اليوم لتحديد الوقت الملائم الذي تكون فيه أحسن حالاتها تماما مثلما هو الحال بالنسبة للممثلين، وعندها يمكن أن أحتفظ بالمشهد الذي كتبته لها أو أعيد كتابته وأبتكر لقطات جديدة" حسب السياق.

وفي معرض رده عن سؤال حول التجديد في أفلامه وما قد يطرحه ذلك من مجازفة، لم يتردد بنسعيدي في القول "أفضل أن أخطئ الموعد مع فيلم جيد بفكرة جديدة على أن أنجح في فيلم لا يكون سوى رقما إضافيا لقائمة أفلامي"، مضيفا "المهم أن نبقى أوفياء لشغفنا للسينما حبنا لها وعدم إفساح المجال للشعور بالملل، حتى وإن كان الفيلم الجديد ينطوي على نوع من التحدي والمجازفة".

ولا يفرق بنسعيدي بين أعماله ولا يفضل أحدها عن الآخر، قائلا في جواب تفاعلا مع أسئلة الجمهور الذي حضر اللقاء "علاقتي معها مثل علاقة أب مع أطفاله ولا يمكنه التمييز بينهم، كذلك أفلامي، فهي كلها قريبة إلى قلبي، وكل فيلم منها صنعته بحب وشغف وصدق كبير".

ودأب بنسعيدي على انتقاء ممثلين بعينهم لأداء أدوار في مختلف أفلامه، بمن فيهم زوجته نزهة رحيل ونادية كوندا وفهد بنشمسي ومحمد الشوبي وغيرهم، وهو أمر يعزى حسب قوله إلى أنه "يجمعني بهم الكثير من الحب والصداقة، بل لقد أصبحنا مثل عائلة واحدة".

وفي جوابه عن سؤال حول علاقة المسرح بالسينما، يشير بنسعيدي إلى أن السينما طالما استفادت من ممثلين قدموا إليها من المسرح، لكن الفرق الكبير الذي أرصده بين الاثنين كون السينما أقرب من الموسيقى والهندسة المعمارية من المسرح.

وأخرج بنسعيدي فيلمه القصير الأول "الحافة" سنة 1997 الذي نال العديد من الجوائز، والفيلمين القصيرين "الحيط... الحيط" المتوج في قسم "أسبوعي المخرجين" بمهرجان كان، و"خيط الشتا" الذي توج في مهرجان البندقية.

وفاز فيلمه الطويل الأول "ألف شهر" 2003 بجائزتي النظرة الأولى ولجنة الشباب في قسم "نظرة ما" بكان، وأتبع ذلك بفيلم "يا له من عالم رائع" الذي عرض في مهرجان البندقية. وفاز فيلمه الموالي "بيع الموت" 2011 المتوج بجائزة "فن وتجريب" في مهرجان برلين، ثم أخرج فيلم "وليلي" 2017 الذي تم اختياره في قسم "أيام البندقية"، ونال سبع جوائز في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة.

كما أخرج بنسعيدي فيلم "أيام الصيف". وتم عرض أحدث أفلامه الطويلة "الثلث الخالي" في قسم "أسبوعَي المخرجين" بمهرجان كان سنة 2023. وفوزي بنسعيدي هو أيضا ممثل، فقد لعب في أفلام برتراند بونيلو، نذير مقناش، داود أولاد السيد وجاك أوديار.

وتستضيف فقرة "حوار مع.." للدورة العشرين من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش إلى جانب بنسعيدي، عشرة من كبرى أسماء السينما العالمية، حلت بمراكش لتشارك الجمهور العديد من الحكايات المشوقة والنقاشات المفتوحة حول رؤيتها للسينما وممارساتها المهنية، وتبادل خبراتها بكل حرية معهم.

ويتعلق الأمر بكل من الممثل والمخرج الأسترالي سيمون بيكر، والمخرج الهندي أنوراغ كاشياب، والمخرج الفرنسي برتراند بونيلو، والممثل الأميركي ويليم دافو، والمخرجة وكاتبة السيناريو اليابانية نعومي كواسي، والممثل الدنماركي مادس ميكلسن، والممثل والمخرج الأميركي الدنماركي فيجو مورتنسن، والممثلة الاسكتلندية تيلدا سوينتون، والمخرج وكاتب السيناريو الروسي أندري زفياجينتسيف، إلى جانب الممثل والمخرج وكاتب السيناريو الأميركي مات ديلون.