سكان الضاحية الجنوبية لبيروت آخر من يعلم بوجود مكتب لحماس

بيروت - انتشر عناصر من الجيش اللبناني ومسعفون اليوم الأربعاء في شارع مكتظ بالضاحية الجنوبية لبيروت، أمام مبنى متضرر استهدفته الضربة المنسوبة إلى إسرائيل التي أودت بحياة قيادي في حماس واثنين من قيادات كتائب عزالدين القسام وفاجأت السكان الذين لم يعلموا بوجود مكتب للحركة الفلسطينية.

وقتل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية صالح العاروري مع ستة أشخاص آخرين بينهم قياديان في جناحها العسكري، في الضربة التي يرجح أنها من طائرة مسيّرة، وأدت الى تدمير طابقين بالكامل من المبنى المتواضع.

وتعد الضاحية الجنوبية معقلا لحزب الله اللبناني الحليف لطهران والذي تربطه علاقة وثيقة بحماس. وصباح اليوم الأربعاء كان الجيش اللبناني يفرض طوقا أمنيا في منطقة الانفجار، بينما سجّل تواجد كثيف لعناصر من الحزب بزيّهم الأسود.

وقال مسؤول من حزب الله في المكان إن "ثلاث ضربات من مسيّرات اسرائيلية استهدفت المبنى"، مؤكدا سقوط سبعة قتلى. وفي أرض خلاء قبالة المبنى حيث سيارة متفحمة وسيارات أخرى تضررت بشكل كبير، كان مسعفون من الهيئة الصحية الإسلامية التابعة للحزب يجمعون الحطام ويبحثون عن أشلاء بشرية.

وقال أحمد (40 عاما)، وهو موظف في متجر حلويات مجاور رفض إعطاء اسمه الكامل، "سمعت ثلاثة انفجارات، اعتقدت في بادئ الأمر أنه رعد"، مضيفا "لم يكن أحد يعلم بوجود مكتب لحماس هنا".

وتحيط بالمبنى متاجر ومبانٍ سكنية وعيادات. وبحسب الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية، كان يستضيف لدى وقوع الضربة، اجتماعا لتنظيمات فلسطينية.

وفي جادة هادي نصر الله، المسماة تيمنا بنجل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، الذي قتل في معارك مع الجيش الاسرائيلي عام 1997 إبان احتلال الدولة العبرية لمناطق بجنوب لبنان، عمل تجار على رفع حطام الزجاج المتناثر.

وقال الإعلامي محمد برجي (46 عاما) "كنت عند طبيب الأسنان على بعد أمتار"، منددا بعملية "اغتيال في وسط منطقة سكنية" وذكر أنه في الضاحية الجنوبية "هناك مجمعات تم استهدافها خلال حرب يوليو/تموز عام 2006" مع إسرائيل، مضيفا  أن المنطقة "تعرضت آنذاك لحرب إبادة مثلما يحصل في غزة الآن".

ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة تشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلية تبادلا يوميا للقصف بين حزب الله والجيش الإسرائيلي. وأسفر ذلك عن مقتل 165 شخصا على الأقل في الجانب اللبناني، بينهم 120 عنصرا من الحزب.

وقال النقيب علي فران قائد شرطة اتحاد بلديات الضاحية "نحن لسنا ساحة حرب هنا، ساحة الحرب هي على الحدود"، مضيفا "نحن اختبرنا اسرائيل في 2006 حين دمرت الضاحية الجنوبية"، قائلا "الآن ننتظر منها الأسوأ، لأنها معتادة على هذه الأمور. ما نراه في غزة، قد نراه في لبنان، في الضاحية".

وكان العاروري الذي ساهم في تأسيس كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، في الضفة الغربية المحتلة بين عامي 1991 و1992، التقى نصر الله في 25 أكتوبر/تشرين الأول. ويقطن في الضاحية الجنوبية ذات الغالبية الشيعية حوالي 800 ألف نسمة، وفق فران.

ومنذ اندلاع الحرب في قطاع غزة، يعقد مصطفى حمدان، أحد أبرز مسؤولي الحركة الفلسطينية، مؤتمرات صحافية شبه يومية في قاعة على أطراف الضاحية.

ويقيم عدة قياديين من حماس في المنفى واستقروا في لبنان بحماية من حزب الله كما أقام في الضاحية الجنوبية ممثلون للحوثيين اليمنيين المدعومين من إيران.

وإثر الضربة اعتبر حزب الله "جريمة اغتيال الشيخ صالح العاروري اعتداءً خطيرًا على لبنان وشعبه وأمنه وسيادته ومقاومته"، مشددا على أنّها "لن تمرّ أبدًا من دون رد وعقاب".

واعتبر رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قصف إسرائيل مكتب حماس "توريطاً" للبنان في الحرب وطلب من وزير الخارجية عبدالله بوحبيب تقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي.