إسرائيل تقاتل بشكل هستيري للسيطرة على خان يونس

معارك عنيفة تدور في محيط أكبر مستشفى لا يزال يعمل في قطاع غزة، مما أثار مخاوف من وقوعه تحت الحصار وإغلاقه.

غزة - قصفت القوات الإسرائيلية التي تقاتل بشكل هستيري للسيطرة على مدينة خان يونس في جنوب غزة مناطق قريبة من أكبر مستشفى لا يزال يعمل في القطاع مما دفع المرضى والسكان للفرار من معركة يخشون أن تدمر المدينة.

وتدور أعنف معركة حتى الآن هذا العام في خان يونس التي تؤوي مئات آلاف الفارين من الشمال في بداية الحرب التي دخلت شهرها الرابع الآن.

وتحدث سكان عن قتال عنيف فضلا عن قصف مكثف في شمال وشرق المدينة وغربها للمرة الأولى حيث قالوا إن الدبابات تقدمت لتنفيذ مداهمة قبل أن تنسحب لاحقا.

وقال الجيش الإسرائيلي إن ''كتيبة في خان يونس تعمل الآن على مسافة أبعد جنوبا، قضت على عشرات الإرهابيين في قتال من مسافة قريبة وبمساعدة نيران الدبابات والدعم الجوي وقتلت 60 مسلحا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية".

وقالت منظمة أطباء بلا حدود التي يعمل أطباء منها في مستشفى ناصر بالمدينة إن المرضى والنازحين الذين لجأوا إلى المستشفى يفرون في حالة ذعر.

ووُضعت 16 جثة على الحصى الملطخة بالدماء خارج مشرحة في رفح، حيث يتكدس أكثر من نصف سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة في المدينة الصغيرة المتاخمة للحدود المصرية وكان معظمها في أكفان بيضاء وبعضها في أكياس بلاستيكية. وقضت ضربة خلال الليلة الفاصلة بين الأربعاء والخميس على فرع من عائلة الزاملي بعدما دمرت منازلهم.

وكانت نصف الأكفان صغيرة الحجم لأنها تضم جثث أطفال. وقالت السلطات إن إجمالي 17 شخصا قتلوا. وانتحب رجل خط الشيب شعره في حزن وهو يتشبث بإحدى الجثث ويضع وجهه على وجه الجثة. وجثت امرأة ترتدي حجابا ورديا وأمسكت بأحد الأكفان.

ودمر القصف المنزل بالكامل. ودفنت حقيبة مدرسية لفتاة صغيرة تحت الأنقاض. وانهمرت دموع محمود الزاملي (10 سنوات) ابن عم الفتاة الذي كان يعيش في المنزل المجاور واستطاع الفرار.

وقال محمود وهو يبكي "قصفوا الدار إللي جنبنا... حسبي الله ونعم الوكيل دمروا بيوتنا دمروا كل حاجة"، مضيفا "ماتوا كلهم وأنا بظل عايش حسبي الله ونعم الوكيل".

وبعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على الحرب التي أسفرت عن مقتل أكثر من 24 ألف فلسطيني وتدمير جزء كبير من قطاع غزة قالت إسرائيل إنها تخطط لتقليص عملياتها البرية إلى أخرى على نطاق محدود.

لكن يبدو أن الدولة العبرية مصممة قبل تقليص عملياتها على الاستيلاء على خان يونس بأكملها، التي تقول إنها قاعدة رئيسية لمقاتلي حركة حماس الذين اقتحموا السياج الحدودي في السابع من أكتوبر/تشرين الأول مما أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 240 رهينة. ورجح مسؤول إسرائيلي استمرار المعركة الاستيلاء على المدينة لمدة شهر أو شهرين رغم تقليص العمليات. 

ويتكدس جميع سكان غزة تقريبا في منطقتين صغيرتين حاليا، رفح جنوب مدينة خان يونس مباشرة ودير البلح شمالي المدينة. ولم تشر إسرائيل إلى اقتحام المدينتين لكنها عزمت على استمرار القتال حتى القضاء على حماس تماما وهو الهدف الذي يقول الفلسطينيون إنه غير واقعي نظرا لطبيعة هيكل الحركة وجذورها العميقة.

الأطفال في صدارة ضحايا القصف الإسرائيلي
الأطفال في صدارة ضحايا القصف الإسرائيلي

وقال سكان في خان يونس اليوم الخميس إن القتال أصبح أقرب من أي وقت مضى إلى مستشفى ناصر، وهو أكبر مستشفى لا يزال يعمل في القطاع، مما أثار مخاوف من وقوعه تحت الحصار وإغلاقه مثل مستشفى الشفاء الرئيسي في الشمال الذي سيطرت عليه القوات الإسرائيلية في نوفمبر تشرين الثاني.

وقال أبوالعبد البالغ من العمر 45 عاما والذي نزح عدة مرات مع عائلته المكونة من سبعة أفراد منذ مغادرته مدينة غزة في الشمال في وقت سابق من الحرب "اللي بيصير في خان يونس جنون، الاحتلال بيقصف المدينة من كل الجهات، من البر والجو كمان".

واتهم مسؤولون إسرائيليون مسلحي حماس باستخدام مستشفى ناصر مقرا لقيادة العمليات وهو ما ينفيه العاملون. ووجهت إسرائيل اتهامات مماثلة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إلى مستشفى الشفاء الرئيسي في الشمال، قبل أن تحاصره لأيام وتقتحمه.

وتوقف بالفعل ثلثا مستشفيات غزة عن العمل تماما، بما في ذلك جميع المرافق الطبية في النصف الشمالي من القطاع، والباقي يعمل جزئيا فقط. ومن شأن خسارة مجمع ناصر الطبي أن تؤدي إلى تقلص حاد في الرعاية المحدودة للإصابات التي لا تزال متاحة لسكان غزة.

وكتبت منظمة أطباء بلا حدود على منصة إكس "بحسب جراح منظمة أطباء بلا حدود في مستشفى ناصر، قصفت القوات الإسرائيلية ليلة البارحة المنطقة القريبة من المستشفى قصفا شديدا ودون أمر إخلاء مسبق، مما دفع بمرضى والكثير من آلاف المدنيين النازحين الذين التجأوا للمستشفى إلى الفرار مذعورين".

وفي مقطع فيديو تضمن لقطات لتصاعد أعمدة من الدخان فوق وسط خان يونس المزدحم، قال رئيس بعثة أطباء بلا حدود في فلسطين ليو كانز، الذي وصل إلى المستشفى، إن القتال أصبح "قريبا جدا".

وقال "نسمع الكثير من القصف والأعيرة النارية حولنا... الجرحى الذين نعتني بهم، فقد الكثير منهم أرجلهم وفقدوا أذرعهم. هناك بالفعل جروح معقدة تتطلب الكثير من العمليات الجراحية. وليس لدينا القدرة على القيام بذلك الآن. يجب أن ينتهي هذا الوضع".

واحتفل الإسرائيليون بأول عيد ميلاد لكفير بيباس أصغر الرهائن الذي لم يكن ضمن عشرات النساء والأطفال الذين أطلق سراحهم خلال هدنة استمرت أسبوعا في أواخر نوفمبر تشرين الثاني.

وقال الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ بالمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس وهو يجلس بجوار صورة للطفل "مكانه غير معروف... أدعو الكون كله إلى العمل بلا توقف على تحرير كفير وكل الرهائن".