لا رغبة لباكستان في التصعيد إذا التزمت إيران

روسيا وعدة دول بينها الصين وقطر تدعو إلى ضبط النفس والحوار بين طهران وإسلام أباد وسط مخاوف من انزلاق التوتر الأخير إلى تصعيد أكبر.

إسلام اباد - قال وزير الخارجية الباكستاني جليل عباس جيلاني اليوم الجمعة إنه لا رغبة أو مصلحة لبلاده في التصعيد مع إيران، في تصريح يأتي بينما عقد رئيس الوزراء أنوار الحق كاكار اجتماعا طارئا لكبار القادة المدنيين والعسكريين لمراجعة الأمن القومي في أعقاب التوتر مع طهران ورد الجيش الباكستاني بقصف مواقع في الأراضي الايرانية ردا على هجوم شنه الحرس الثوري الايراني على جماعات معارضة مسلحة في الأراضي الباكستانية.

وأكد عباس جيلاني أن إيران دولة صديقة وأن إسلام آباد لا ترغب في أي تصعيد، مضيفا "إذا كانت طهران لا تريد تصعيد التوتر، فنحن أيضا لا نريد ذلك.. لم نهاجم إيران، قمنا بالرد فقط".

وجاء ذلك خلال مكالمة هاتفية أجراها وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مع نظيره الباكستاني لمناقشة التوتر الأخير بين اسلام أباد وطهران. وقال عباس جيلاني إن عملية مارج بار سارماشار الباكستانية كانت تستهدف معسكرات الإرهابيين داخل إيران.

وقال وزير الإعلام الباكستاني مرتضى سولانجي، إن رئيس الوزراء أنوار الحق كاكار عقد اجتماعا طارئا لكبار القادة المدنيين والعسكريين اليوم الجمعة لمراجعة الأمن القومي في أعقاب المواجهة مع إيران.

وشنت باكستان ضربات على المسلحين الانفصاليين داخل إيران يوم الخميس، في هجوم انتقامي بعد يومين من قول طهران إنها ضربت قواعد مجموعة أخرى داخل الأراضي الباكستانية.

وذكر سولانجي أن الاجتماع يهدف إلى إجراء "مراجعة واسعة النطاق للأمن القومي في أعقاب الأحداث بين إيران وباكستان". واختصر كاكار مشاركته في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس وعاد لبلاده أمس الخميس.

وتعد الضربات المتبادلة بين البلدين الأكبر من نوعها في السنوات القليلة الماضية وأثارت قلقا بشأن اتساع رقعة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط بعد اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، إلا أن الجانبين أشارا بالفعل إلى رغبتهما في تهدئة التوترات.

وقالت إيران إن ضربات أمس الخميس قتلت تسعة أشخاص في قرية حدودية على أراضيها، بينهم أربعة أطفال. وقالت باكستان إن الهجوم الإيراني يوم الثلاثاء أدى إلى مقتل طفلين.

وحث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش البلدين على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس. كما دعت الولايات المتحدة لضبط النفس رغم أن الرئيس جو بايدن قال إن الاشتباكات أظهرت أن طهران لا تحظى بقبول في المنطقة.

وقالت إسلام أباد إنها ضربت قواعد لانفصاليي جبهة تحرير بلوشستان وجيش تحرير بلوشستان، في حين قالت طهران إن طائراتها المسيرة وصواريخها استهدفت مسلحين من جماعة جيش العدل، وهي جماعة ثالثة.

وتعمل الجماعات المسلحة المستهدفة في منطقة تشمل إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان وإقليم سستان-بلوشستان جنوب شرق إيران. والإقليمان يشهدان اضطرابات وغنيان بالمعادن ويفتقران للتطور إلى حد كبير.

وتخوض الجماعتان اللتان استهدفتهما إسلام أباد داخل إيران تمردا مسلحا منذ عقود ضد الدولة الباكستانية، بما في ذلك عن طريق شن هجمات ضد مواطنين صينيين واستثمارات في بلوشستان. وتعتبر إيران الشيعية جماعة جيش العدل ذات التوجهات السنية التي استهدفتها تهديدا.

ونفذت الجماعة التي لها صلات بتنظيم الدولة الإسلامية، هجمات في إيران ضد قوات الحرس الثوري الإيراني. وعلى خلفية الحرب في غزة، تعمل طهران وحلفاؤها على استعراض قوتهم في المنطقة.

وشنت ضربات في سوريا ضد ما قالت إنها مواقع لتنظيم الدولة الإسلامية، وفي العراق حيث قالت إنها ضربت مركز تجسس إسرائيليا في إقليم كردستان.

وتستهدف حركة الحوثي المتحالفة مع إيران في اليمن سفن شحن في البحر الأحمر منذ نوفمبر/تشرين الثاني، قائلة إنها تتضامن مع الفلسطينيين.

وفي داخل باكستان، تجتمع القيادات المدنية لإبداء الدعم للجيش رغم الانقسامات العميقة على الساحة السياسية مع اقتراب الانتخابات الوطنية المقررة الشهر المقبل.

وقال وزير الخارجية السابق بيلاوال بوتو زرداري، المرشح عن حزبه لمنصب رئيس الوزراء، وكذلك نواز شريف الذي شغل المنصب ثلاث مرات وتظهر استطلاعات الرأي أنه المرشح الأوفر حظا في الانتخابات، إن من حق باكستان الدفاع عن نفسها لكنهما أبقيا على الدعوة للحوار مع إيران.

كما أدان حزب حركة الإنصاف بزعامة رئيس الوزراء السابق المسجون عمران خان إيران، لكنه وصف الهجمات على باكستان بأنها إخفاق من جانب حكومة تصريف الأعمال التي جرى تشكيلها للإشراف على الانتخابات.

وأدت العمليات العسكرية التي قلما تحدث في منطقة بلوشستان الحدودية السهلة الاختراق والمشتركة بين البلدين، إلى زيادة التوترات الإقليمية المتصاعدة أساسا بسبب الحرب بين إسرائيل وحماس.

وقال مسؤول أمني في إسلام آباد إن رئيس أركان الجيش ورئيس أجهزة الاستخبارات يشاركان في الاجتماع الذي عقد بعد الظهر.

وتتولى حكومته تصريف الأعمال في باكستان حتى الانتخابات العامة المقررة بعد ثلاثة أسابيع وسط مزاعم عن تزوير.

ودعت روسيا اليوم الجمعة إلى ضبط النفس واستخدام الوسائل الدبلوماسية بعد أن نفذت إيران وباكستان هذا الأسبوع ضربات بطائرات مسيرة وصواريخ على قواعد للمتشددين في أراضي كل منهما. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن التصعيد يدعو للقلق وهو نتيجة جزئية لأزمة غزة.

وردا على سؤال حول الوضع بين إيران وباكستان، قال إن روسيا تجري اتصالات مع الجانبين عبر القنوات الدبلوماسية، معتبرا أن التوترات بين البلدين ناجمة جزئيا عن الصراع في غزة الذي تخشى روسيا من اتساعه

والخميس دعت قطر كلا من إيران وباكستان إلى التزام أقصى درجات ضبط النفس وتغليب الحوار والدبلوماسية، لحل الخلافات بينهما.

وأعربت الدوحة عن "قلقها البالغ" إزاء تطورات الأحداث بين إيران وباكستان، عقب غارات جوية نفذها البلدان ضد "إرهابيين".

وأكد البيان علي "دعم قطر الكامل لكافة الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلي نزع فتيل التوترات والنزاعات في المنطقة، عبر حوارات بناءة تفضي إلي حلول شاملة وتوافقية ومستدامة". وعرضت الصين من جهتها الصين، لعب دور في تهدئة التوترات بين البلدين الجارين.